التصعيد بين إيران وإسرائيل ينذر بتفاقم الأزمات في الأردن

وكالة أنباء حضرموت

يتأثر الأردن بشكل كبير ومباشر بالصراع الدائر بين إيران وإسرائيل وذلك بسبب موقعه الجغرافي الحساس الذي يجعله في قلب أي تصعيد إقليمي.

ويقع الأردن على مسار الصواريخ والطائرات المسيرة التي تتبادلها إيران وإسرائيل. وقد اعترضت الدفاعات الجوية الأردنية بالفعل بعض الصواريخ والمسيرات التي دخلت المجال الجوي للمملكة، ليس دفاعا عن أي طرف، بل دفاعا عن سيادة الأردن ومواطنيه وأرضه وفضائه. وهذا يضع عبئًا كبيرًا على القوات المسلحة الأردنية ويزيد من مخاطر الحوادث غير المقصودة.

وحتى لو تم اعتراض معظم المقذوفات، فإن هناك دائمًا خطر سقوط بعضها في مناطق سكنية أو حيوية، مما قد يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية. وقد سجلت إصابات محدودة في إربد، مما يؤكد هذا الخطر.

وتعتمد الصواريخ والطائرات المسيرة الحديثة على التوجيه الإلكتروني. وفي حال تعرضها للتشويش، قد تصبح هائمة وتصطدم بمبانٍ سكنية أو منشآت حيوية بشكل غير مقصود، مما يهدد السلامة العامة.

ويقع مفاعل ديمونة الإسرائيلي على مسافة قصيرة من الحدود الأردنية. وأي استهداف له أو تسرب إشعاعي منه سيكون كارثة بيئية وإنسانية على الأردن أولًا، فالإشعاع لا يعرف الحدود.

والقوات المسلحة الأردنية في حالة تأهب قصوى للتعامل مع أي تهديد، مما يضع ضغطًا كبيرًا على مواردها وقدراتها.

ويؤثر الصراع الحالي أيضا على الاقتصاد الأردني إذ يشكل الأردن وجهة سياحية مهمة ويعتمد هذا القطاع بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي. وإغلاق الأجواء وتعليق الرحلات الجوية يؤثر بشكل مباشر على تدفقات المسافرين وحركة النشاط السياحي، خاصة وأن التصعيد تزامن مع بداية الموسم السياحي. وهذا يؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة.

ويعتمد القطاع الصناعي والتجاري الأردني بشكل كبير على حركة الشحن لاستيراد المواد الأولية وتصدير السلع. وأي اضطرابات في الممرات البحرية والجوية نتيجة الصراع تؤثر سلبًا على هذه العمليات.

والأردن مستورد صافٍ للطاقة. وأي تصعيد في المنطقة يؤثر على أسعار النفط والغاز العالمية، مما يزيد من فاتورة الطاقة على المملكة ويؤثر على الميزانية العامة والقدرة الشرائية للمواطنين.

كما تعتمد عمان على الغاز الطبيعي المستورد، بما في ذلك من إسرائيل. وتوقف أو تراجع هذه الإمدادات يدفعها لتفعيل خطط الطوارئ، مثل وقف إمدادات الغاز عن بعض المصانع، مما يؤثر على الإنتاج الصناعي.

وتتأثر بورصة عمان كذلك سلبًا بالتوترات الإقليمية، مما يؤدي إلى انخفاض المؤشرات وتخارج بعض المستثمرين بحثًا عن ملاذات آمنة.

ويتبنى الأردن موقفًا واضحًا بالنأي بنفسه عن الصراع المباشر بين إيران وإسرائيل ويشدد على أنه لن يكون "ساحة حرب لأي صراع". وهذا الموقف يستهدف حماية المصالح الوطنية الأردنية وتجنب الانجرار إلى حرب لا ناقة له فيها ولا جمل.

ويقود الملك عبدالله الثاني جهودا دبلوماسية مكثفة لوقف التصعيد الإقليمي، محذرا من أن هجمات إسرائيل على إيران وسعت نطاق الصراعات في المنطقة إلى مستوى يشكل تهديدًا عالميًا.

ويواجه الأردن ضغوطًا من أطراف إقليمية ودولية لتحمل مسؤوليات معينة أو لاتخاذ مواقف قد لا تتوافق مع مصالحه الوطنية.

والأزمة الاقتصادية وصعود بعض التيارات الداخلية قد تتأثر بشكل مباشر بالمتغيرات الخارجية، مما يزيد من مخاطر عدم الاستقرار الداخلي.

وبشكل عام، فإن الصراع الإيراني الإسرائيلي يمثل تحديًا استراتيجيًا كبيرًا للأردن، يهدد أمنه واستقراره واقتصاده، فيما تسعى عمان من خلال موقفها الثابت وجهودها الدبلوماسية، إلى تجاوز هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة.

وتدور مواجهات منذ الغارات التي نفذتها إسرائيل الجمعة على إيران التي ردت بإطلاق الصواريخ والمسيرات، ما أثار مخاوف من تصعيد الحرب بين العدوين اللدودين إلى درجة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعا إلى "إخلاء طهران فورا".

ورغم دعوات المجتمع الدولي لإنهاء الأعمال العدائية، لا يظهر أي من الجانبين أي علامات على تخفيف حدة المواجهة التي بدأتها إسرائيل بهدف معلن وهو منع إيران من حيازة السلاح النووي.

واندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق نفّذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الدولة العبرية في السابع من أكتوبر 2023، وأسفر عن مقتل 1219 شخصا معظمهم من المدنيين.

وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت، بحرب مدمّرة قتل فيها 55493 شخصا في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.

ومجمل هذه التطورات المتسارعة تؤثر سلبا على الأردن على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية بحكم موقعه الجغرافي وارتباطه بحدود مع إسرائيل ومرور الصواريخ والمسيرات الإيرانية عبر أجوائه.

وحذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الثلاثاء في خطاب القاه أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبوغ من أن "الهجمات الإسرائيلية على إيران، تهدد بتصعيد خطير للتوترات في منطقتي الشرق الأوسط وخارجها".

وأضاف أنه "الآن مع توسيع إسرائيل هجومها ليشمل إيران، لا يمكن معرفة أين ستنتهي حدود هذه المعركة... هذا، أصدقائي، يهدد الشعوب في كل مكان".

وتحدث الملك مطولا عن الحرب "الوحشية" في غزة، متسائلا "كيف يعقل لإنسانيتنا أن تسمح بأن يصبح ما لا يمكن تصوره أمرا اعتياديا؟ أن تسمح باستخدام المجاعة كسلاح ضد الأطفال؟ أو أن تسمح باستهداف العاملين في القطاع الصحي والصحافيين والمدنيين الذين يبحثون عن الملجأ في المخيمات؟".

وقال إن ما يحدث في غزة "يتنافى مع القانون الدولي والمعايير الأخلاقية وقيمنا المشتركة، ونحن نشهد الانتهاكات (الإسرائيلية) تلو الأخرى في الضفة الغربية، والوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم"، معتبرا أن الحل الوحيد القابل للتطبيق "هو الحل القائم على السلام العادل".