د. فائز سعيد المنصوري

الجمهورية اليمنية بين وهم البقاء وحقيقة الانهيار

وكالة أنباء حضرموت

لم تعد الجمهورية اليمنية كما كانت منذ أن سيطر الحوثيون على مؤسسات الدولة، وشاركت بعض القوى في شرعنة هذا الانقلاب، مما أدى إلى فقدان الشرعية وتفكك مؤسسات الحكم. ورغم ذلك لا يزال البعض يظن أن الجمهورية قائمة بمؤسساتها، وكأنهم لم يدركوا أن الرئيس عبدربه منصور هادي قد تم احتجازه قرابة شهر، وأن أحزاب ثورة شباب التغيير قد وقّعت اتفاقًا مع الحوثيين، كما أن الجيش اليمني تم اختطافه من قبلهم، وبات ينفذ أوامر عبدالملك الحوثي. بل إن رئيس مجلس النواب وعددًا من أعضائه كانوا وما زالوا مع الحوثيين، فيما انقلب بعضهم بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح. أما البنك المركزي، فقد تم اختطافه أيضًا، وما زال تحت إدارة الحوثيين حتى اليوم، كما لا تزال العاصمة السياسية صنعاء للجمهورية اليمنية تحت سيطرتهم إلى يومنا هذا. في خضم هذه التحولات، سُفكت دماء أبناء عدن والجنوب الذين قاوموا المشروع الحوثي بكل بسالة، حتى كسروا شوكته، وأصبح من المستحيل أن تعود تلك المؤسسات المختطفة من قبل الحوثيين التي ساهمت في نزيف الدم اليمني بسبب ولائها لهم لتحكم مجددًا تحت مسمى مؤسسات الدولة. فمجلس النواب، والأحزاب السياسية التي وقّعت اتفاق السلم مع الحوثيين، والجيش الذي وجّه سلاحه إلى صدور أبناء الجنوب، لن يُسمح لهم بحكمه مرة أخرى، حتى لو عادوا باسم "اليمن الواحد"، لأنهم فقدوا شرعيتهم كمؤسسات تمثل الدولة، وكذا لأن القوى السياسية الشمالية انقلبت على الوحدة في أكثر من محطة، آخرها حرب 2015م.

لهذا من الضروري البحث عن كيفية معالجة هذا الخلل بما يحفظ السلم في الجنوب والشمال على حد سواء. ومن الوهم أن نتصور بقاء الوحدة اليمنية بعد هذا النزيف الدموي، الذي لم يكن سببه إعلان الانفصال، بل كان نتيجة الدفاع عن سيادة "اليمن الواحد". ومع ذلك، لم يُقدّر أبناء الشمال تلك التضحيات، بل ظل نظرهم متجهًا نحو الجنوب، في وقت لا تزال مناطقهم تحت سيطرة الحوثي حتى اليوم. لا يمكن إعادة مؤسسات فقدت شرعيتها، ولا يمكن فرض الوحدة بالقوة؛ فذلك وهم كبير. الحل يكمن في معالجة الواقع كما هو، وبصورة تحفظ سلامًا حقيقيًا وعادلًا بين الشمال والجنوب.

حفظ الله اليمن جنوبه وشماله وحضرموت من عبث المراهقات السياسية.

مقالات الكاتب