طريق بديل شرق القدس يثير مخاوف الفلسطينيين من الضمّ
تزايدت مخاوف سكان الخان الأحمر الواقعة في تلال قاحلة في الضفة الغربية المحتلة شرق القدس، من أن تضم إسرائيل قريتهم قريبا، خصوصا بعدما أقرت سلطات الدولة العبرية أخيرا إقامة طريق خاص بالفلسطينيين.
ووافقت إسرائيل في مارس على بناء طريق جديد مخصص للمركبات الفلسطينية، لتجنب المرور في هذا الجزء المركزي من الضفة الغربية، والذي يعد من أكثر محاور المرور المتنازع عليها في المنطقة.
ويرى الفلسطينيون أن الطريق الذي يستخدمونه حاليا، أساسي لضمان التواصل مع القدس الشرقية التي يريدونها عاصمة لدولتهم المستقبلية.
من جهتها، تعتبر إسرائيل المدينة المقدسة بشقيها الغربي والشرقي، عاصمتها “الأبدية”، وعملت منذ احتلال الضفة الغربية عام 1967 على إقامة العديد من المستوطنات في محيطها.
وتتضمن المنطقة حيث يقع الطريق القائم حاليا، مساحات من الأراضي غير المطورة التي كانت إسرائيل تطمح للبناء فيها لتشكل جزءا من حزام أمني من المستوطنات حول القدس.
الطريق الذي يستخدمه الفلسطينيون حاليا، أساسي لضمان التواصل مع القدس الشرقية التي يريدونها عاصمة لدولتهم المستقبلية
ويقول عيد الجهالين من قرية الخان الأحمر البدوية أن هدف إسرائيل يتمثل في “تطهير المنطقة” من الفلسطينيين.
والقرية المؤلفة من أكواخ وخيام، محاطة بالمستوطنات، وتقع على بعد نحو 10 كيلومترات إلى الشرق من البلدة القديمة في القدس الشرقية.
ويخشى الجهالين من أن يكون تحويل حركة مرور الفلسطينيين بعيدا عن المنطقة، ما هو إلا تمهيد إسرائيلي لتوسيع السيادة على التلال.
ويضيف “إذا أقاموا الطريق هناك، هذا يعني أنهم ضمّوا المنطقة،” موضحا “سيكون الوضع صعبا جدا. التواصل مع العالم الخارجي، الفلسطينيين، الخدمات، مستشفى، جامعة، أغراض… كل ذلك سينقطع.”
ويتابع “ستكون تحت إمرة الجندي الإسرائيلي… إذا أردت أن تحضر ملابس أو أكلا إلى منزلك، يفتح لك الطريق لتحضر الطعام. إذا لم يرد ذلك، تبقى بلا طعام وتموت.”
وشهدت خان الأحمر عام 2018 مواجهات بين الشرطة الإسرائيلية ومتظاهرين فلسطينيين حاولوا منع إخلاء القرية خشية هدمها، بعدما طوّقها جنود. وقالت حينها منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية المناهضة للاحتلال، إن الجيش سلم سكان القرية أمرا بطردهم، يعلن فيه السيطرة على الطرق المؤدية إلى خان الأحمر، وعدد سكانها 173 شخصا.
الممر البديل يعني أن المركبات الفلسطينية التي تتحرك شمالا وجنوبا عبر الضفة الغربية، يمكنها أن تنتقل مباشرة بين المدن الفلسطينية بدلاً من المرور عبر مستوطنة معاليه أدوميم
وتعتبر المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي. وهناك الكثير من التجمعات الاستيطانية غير المرخصة أو العشوائية، لكن أعدادها في ازدياد منذ صعود اليميني بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الوزراء أواخر العام 2022 وقيادته لائتلاف حكومي متطرف مؤيد للاستيطان.
ويقول الجهالين إن المستوطنين باتوا “يحيطون بنا من كل جانب،” وذلك عقب إقامة نقطة استيطانية على بعد حوالي 100 متر بعيدا عن القرية.
وتفرض إسرائيل قيودا مشددة على حركة ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية، يتوجب عليهم الحصول على تصاريح خاصة تخولهم عبور الحواجز العسكرية نحو القدس الشرقية أو إلى داخل الدولة العبرية.
والممر البديل يعني أن المركبات الفلسطينية التي تتحرك شمالا وجنوبا عبر الضفة الغربية، يمكنها أن تنتقل مباشرة بين المدن الفلسطينية بدلاً من المرور عبر مستوطنة معاليه أدوميم.
ونوّه إلى أن الخطوة تمكن إسرائيل من زيادة المستوطنات الواقعة بين معاليه أدوميم والقدس في منطقة بالغة الأهمية تعرف باسم “إي وان”.
ولطالما كانت إسرائيل تطمح للبناء على مساحة تناهز 12 كلم مربعا من هذه المنطقة، لكنها واجهت تحذيرات من المجتمع الدولي الذي يعتبر أن ذلك سيكون ضربة قاصمة لإقامة دولة فلسطينية.
وقال رئيس مجلس مستوطنة معاليه أدوميم غيا يفراح إن الطريق الفلسطيني سيقلل من الازدحام على الطريق السريع الحالي بين المستوطنة والقدس، و”سيسمح باستمرارية حضرية طبيعية” بينهما.
لطالما كانت إسرائيل تطمح للبناء على مساحة تناهز 12 كلم مربعا من هذه المنطقة، لكنها واجهت تحذيرات من المجتمع الدولي
ووفقا ليفراح، هناك خطط لبناء أربعة آلاف وحدة سكنية ومدارس وعيادات صحية ونادٍ ترفيهي في منطقة إي وان، لافتا إلى عدم الحصول على موافقة بعد.
وتقع قرية الخان الأحمر ومنطقة إي وان ومعاليه أدوميم ضمن جزء من مخطط جدار الفصل الإسرائيلي، لكن تم تجميد البناء فيه لسنوات.
وتؤكد إسرائيل أن هدفها من إقامة الجدار منع هجمات الفلسطينيين، بينما يعتبره هؤلاء “عنصريا” ويعمّق الفصل ويحدّ بشكل كبير من حرية حركتهم.
بالنسبة لمنظمة “عير عميم” الإسرائيلية المناهضة للاستيطان، فإن الطريق الجديد قد يفسح المجال أمام إسرائيل لاستكمال بناء الجدار الفاصل.
ويقول آفي تاتارسكي من المنظمة “يريدون جعل الضم أمرا واقعا، ما يعني الاستحواذ على المساحة حول معاليه أدوميم وجعلها جزءا لا يتجزأ من القدس ومن إسرائيل.”
وبشقها الطريق البديل، يمكن لإسرائيل أن تحاجج بأن توسيع المستوطنات في المنطقة لا يؤثر على تواصل الأراضي الفلسطينية، بحسب تاتارسكي.
ويرى محمد مطر من لجنة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية أن الطريق الجديد “لا علاقة له بالفلسطينيين، لا بتسهيل تنقّلهم ولا تسهيل حياتهم.”
ويشير إلى أن الطريق الالتفافي سيمر عبر الجهة الشمالية لبلدة العيزرية، وأنه “سيحولها فعليا مستقبلا من مدينة تتربع على بوابة القدس الشرقية، إلى نظام أشبه بالمخيمات.”