الهند وباكستان.. هل يخمد «صوت العقل» نيران التصعيد؟
تصعيد متبادل بين الهند وباكستان، أثار مخاوف من دخول البلدين في «صراع شامل»، إلا أنه يتوقف الآن على «الخطوة التالية لإسلام آباد».
فرغم تعهد باكستان بـ«الانتقام» من ضربات الهند على أراضيها، فإنها لم تردّ بالمثل، في وضع قد يشير إلى أن «كلا الجانبين قد أعلن النصر بالفعل»، بحسب شبكة «سي إن إن» الأمريكية.
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى «حالة البهجة التي سادت نيودلهي بعد ضربات الأربعاء»، فيما نشرت إحدى الصحف الهندية الرائدة باللغة الإنجليزية مقالاً افتتاحياً بعنوان «ضربات العدالة»، أشادت خلاله بما تعتبره رد فعل البلاد «الحاسم، والحازم» على الهجوم الذي وقع في أبريل/نيسان الماضي في كشمير وفي صفحتها الأولى كتبت صحيفة «ذا إنديان إكسبريس» الهندية «العدالة تحققت».
الأمر نفسه تردد صداه في باكستان، فرد فعل رئيس الوزراء شهباز شريف كان «مشابها»، فتعهد بـ«الانتقام» لمقتل 31 شخصًا في إسلام آباد، وفي الوقت نفسه بدا وكأنه «يعلن انتصاره على الطائرات الهندية».
ماذا بعد؟
يرى المحللون أن ما سيحدث الآن يعتمد في الغالب على الخطوة التالية لإسلام آباد. وقال مايكل كوجلمان، محلل شؤون جنوب آسيا المقيم في واشنطن: «كل الأنظار متجهة إلى باكستان.. إذا قررت حفظ ماء الوجه وادعاء النصر ربما بالإشارة إلى إسقاط الطائرات الهندية فقد يكون هناك مخرج في الأفق»، لكنه حذر من أن «جميع الرهانات ستكون خاسرة» إذا قررت الرد.
ويتفق معظم المحللين على أن الجارتين النوويتين لا تستطيعان تحمّل معركة أخرى حيث خاض البلدان بالفعل 3 حروب على منطقة كشمير المتنازع عليها وقد يؤدي أي صراع آخر إلى عواقب وخيمة.
ووفقا لـ«سي إن إن»، فإن «الهند تبدو في وضع أقوى بسبب التفوق العددي لجيشها، كما أن اقتصادها يفوق اقتصاد باكستان بنحو 10 أضعاف»، لكن تانفي مادان زميل أول في برنامج السياسة الخارجية بمعهد بروكينغز قال إن «نيودلهي سيكون لديها أيضا ما تخسره في حال تصاعد الصراع».
وأضاف مادان: «بناءً على ما شهدناه سابقًا، فإن هذين الطرفين فاعلان عقلانيان لا يريدان حربًا أوسع نطاقًا».
وتواجه الهند بالفعل تهديدات أمنية على جبهات متعددة، خاصة على طول الحدود المتنازع عليها مع الصين.
وسارعت نيودلهي إلى وصف ضرباتها الجوية بأنها «رد مُركّز ومدروس وغير تصعيدي» على هجوم كشمير، وتواصل كبار المسؤولين في نيودلهي مع نظرائهم في الولايات المتحدة والشرق الأوسط وروسيا، لـ«تشجيع الضغط الدولي على باكستان لتجنب التصعيد»، وفقا لما ذكرته نيشا بيسوال، كبيرة المستشارين في مجموعة آسيا.
في المقابل، أشاد قادة باكستان بـ«انتصار القوات الجوية للبلاد، وإسقاط 5 مقاتلات هندية، وهو أمر لم تعترف به نيودلهي»، لكنّ مصدرًا في وزارة الدفاع الفرنسية قال إن «واحدة على الأقل من أحدث الطائرات الحربية الهندية وأكثرها تطورًا وهي مقاتلة فرنسية الصنع من طراز رافال فُقدت في المعركة».
وإذا كانت هناك خسائر بالفعل للهند، فيمكن لباكستان أن «تُعلن النصر حتى لو كانت الظروف غامضة»، بحسب ميلان فايشناف، الزميل البارز ومدير برنامج جنوب آسيا في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي الذي قال: «هذا سيسمح لباكستان بالادعاء بأنها فرضت تكاليف على الأهداف العسكرية الهندية».
ومع ذلك، تعهد قائد الجيش الباكستاني القوي الجنرال عاصم منير بمواجهة «أي عدوان من الهند».
هل تتدخل أمريكا؟
وقال كوغلمان، إن الولايات المتحدة، التي تدخلت دائما في أزمات البلدين قد تحاول تهدئة التوتر، لكن من غير الواضح مدى رغبة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التدخل.
وأضاف: «دعت الصين إلى خفض التصعيد، لكن علاقاتها المتوترة مع الهند تمنعها من أن تكون وسيطًا فعالًا»، مشيرا إلى أن دول الخليج هي أبرز المرشحين للوساطة.