من المسؤول عن انهيار الأوضاع الخدمية في الجنوب؟ دعوة لترتيب البيت اليمني وحفظه من التشظي
د. فائز سعيد المنصوري
هل المجلس الانتقالي هو المسؤول عن ضعف الخدمات وانهيار العملة، أم أن غياب الدولة بسبب الحرب هو ما أوص...
هل المجلس الانتقالي هو المسؤول عن ضعف الخدمات وانهيار العملة، أم أن غياب الدولة بسبب الحرب هو ما أوصل الوضع الاقتصادي إلى ما يعيشه المواطن اليوم؟
لسنا هنا لمدح المجلس الانتقالي أو ذمه، بل الهدف هو قراءة الواقع كما هو، دون انحياز إلى مكون سياسي على حساب آخر. فالمجلس الانتقالي شريك في الرئاسة والحكومة، وكذلك حضرموت، كما أن حزبي المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح مشاركان أيضًا، بل وحتى من يمثل التيار السلفي له تمثيل في الحكومة. فلماذا يُعقل الفشل على مكون سياسي دون غيره، في حين أن الجميع مشارك؟ تأملوا واقع تشكيل المجلس الرئاسي وأعضاء الحكومة، ستجدون أن جميع المكونات السياسية ممثلة فيه. وهذا يدفع كل من يوجّه نقدًا للأوضاع الاقتصادية إلى ضرورة استحضار مسؤولية جميع الأطراف السياسية دون استثناء. وفي ظل هذا الواقع المعقّد، أرى أن الأولوية الآن تكمن في ترتيب أوضاع الجنوب بمحافظاته الست، من خلال تشكيل حكومة جنوبية ذات كفاءة عالية تُعنى بمعالجة الأوضاع الاقتصادية والخدمية، وإعادة بناء البيت الجنوبي على أسس واضحة ومستقرة، بعيدًا عن صراعات المحافظات الشمالية وحضرموت. كما أن لحضرموت خصوصية تاريخية وهويتها المستقلة عن اليمن جنوبه وشماله، ما يجعلها بحاجة إلى مسار إداري مستقل عن صراعات المحافظات الشمالية. وفي المقابل، يمكن تشكيل حكومة أخرى تُعنى بإدارة الحرب والصراع السياسي في المحافظات الشمالية، لديها من الخبرة والحكمة ما يجعلها قادرة على تجاوز المرحلة بأقل كلفة، تعمل على تحرير مناطق الحوثي باعتبارها مناطق محتلة، على أن تبقى الوزارات ذات العلاقة بأوضاع الحرب قائمة، مع إمكانية الاستعانة بالحكومة الجنوبية وحضرموت في حالة تحرير مناطق شمالية، حتى يتم استكمال ترتيب البيت اليمني.
بعد ذلك، يمكن الانطلاق نحو حل سياسي جذري وشامل لكل الصراعات القائمة في اليمن جنوبه وشماله وحضرموت، يستند إلى دراسة حقيقية للواقع، بعيدًا عن العواطف والانفعالات، ومعالجة الأسباب الجذرية للأزمات الممتدة منذ رحيل الاستعمار البريطاني عن الجنوب، أو تلك التي ظهرت بعد إسقاط الحكم الإمامي في الشمال، وصولًا إلى إعلان الوحدة اليمنية الاندماجية بين الشمال والجنوب، بما في ذلك حضرموت، على أسس متينة وعادلة، دون الاستقواء بالجيش أو بدول خارجية لا تريد استقرار اليمن بحدوده القائمة حتى عام 1990م.
يبقى على عاتق التحالف مهمة العمل على تحقيق التوافق بين كل الأطراف السياسية دون الانحياز لمكون سياسي على حساب آخر، لأن استقرار اليمن هو استقرار لدول الخليج العربي والمنطقة العربية بكاملها.
حفظ الله اليمن جنوبه وشماله وحضرموت من عبث المراهقات السياسية.