صحف طهران تعترف: النظام ينهار.. والغضب قادم بعد مؤتمر واشنطن التاريخي

انهيار كامل من الداخل.. صحف طهران الرسمية تعترف لأول مرة: النظام يغرق في الفساد والغضب الشعبي على وشك الانفجار بعد يوم واحد فقط من “مؤتمر الشتات الإيراني” التاريخي في واشنطن

مريم رجوي: خامنئي غير قادر على التخلي عن اشعال الحروب في المنطقة والبرنامج النووي

حفظ الصورة
وكالة الانباء حضر موت

في سابقة غير مسبوقة، تحولت صحف طهران الحكومية يوم الإثنين 17 نوفمبر إلى منصة اعتراف علني بالكارثة الكبرى التي تعيشها إيران. لم يعد الأمر مجرد تلميحات خجولة، بل صراخ مكتوب بالخط العريض: انهيار سياسي مدوٍّ، فضائح فساد مالي بالتريليونات، عجز كامل عن توفير الدواء والماء النظيف، وغضب شعبي بات قاب قوسين أو أدنى من الانفجار الشامل. ويأتي هذا الاعتراف المذهل بعد أقل من 48 ساعة فقط من انعقاد “مؤتمر الإيرانيين الأحرار” التاريخي في واشنطن يوم 15 نوفمبر، الذي جمع آلاف الإيرانيين من الشتات وأطلق رسالة مدوية مفادها أن التغيير قادم لا محالة، مما زاد الضغط على النظام حتى انفجرت صحفه الرسمية بهذه الاعترافات المذهلة.

أولاً: السياسة الداخلية.. “حرب الكل ضد الكل”
انهيار “الوفاق” واستقالة فياض زاهد:
سلطت صحيفة “توسعه ايراني” الضوء على الشرخ الكبير في جدار حكومة مسعود بزشكيان. استقالة فياض زاهد، الأكاديمي وعضو مجلس الإعلام الحكومي، لم تكن حدثاً عابراً. فقد جاءت احتجاجاً صريحاً على تعيين “إسماعيل سقاب أصفهاني” (من رموز الحكومة السابقة المتشددة) في منصب رفيع، وهو ما وصفه زاهد بـ “الاعوجاج”.

هذه الاستقالة دفعت “اللجنة السياسية لجبهة الإصلاحات” إلى توجيه رسالة لمحمد خاتمي، تعترف فيها بأن استراتيجية دعم بزشكيان قد لا تؤتي أكلها، مطالبين بـ “جراحة داخلية” و “الابتعاد عن السلطة” لاستعادة ثقة الشارع الغاضب.

تحذيرات من قلب النظام: اعترافات رسمية بـ “انفجار الغضب الحتمي” و “عجز القمع”
مهما كانت الانشغالات اليومية لـ “غرفة فكر” نظام الملالي، فإنها ستجد تعبيراً خارجياً لها في المخاوف والتحذيرات التي يطلقها المسؤولون والخبراء ووسائل الإعلام الحكومية

الهجوم على “المقدسات” الخاصة بالنظام:
في سابقة لافتة، نقلت صحيفة “هم ميهن” تفاصيل الهجوم الشرس الذي تعرضت له نرجس سليماني (ابنة قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس) من قبل التيارات المتشددة وأنصار عمدة طهران “زاكاني”.

نرجس، العضو في مجلس مدينة طهران، تعرضت لحملة “شتائم وتخريب” منظمة لأنها تجرأت على انتقاد أداء عمدة طهران (المدعوم من الحرس). وكتبت الصحيفة بذهول: “لقد تم التطاول على ناموس سليماني… كم تقبضون لكي تشتموا؟”، مما يثبت أن الصراع على المصالح والفساد في بلدية طهران لم يعد يرحم حتى رموز النظام و”أبناء شهدائه”.

ثانياً: الفساد الاقتصادي.. “ثقوب سوداء” تبتلع المليارات
فضيحة “مؤسسة ملل” (96 ألف مليار تومان):
فتحت صحيفتا “آرمان ملي” و”ستاره صبح” ملفاً خطيراً يتعلق بـ “مؤسسة ملل الائتمانية” (موسسه اعتباری ملل). كشف التقرير أن هذه المؤسسة، التي يديرها رجل دين يدعى “سيد أمين جوادي”، راكمت ديوناً وعجزاً بقيمة 96 ألف مليار تومان.

الأخطر هو الكشف عن تورط علي صالح آبادي (محافظ البنك المركزي السابق والسفير الحالي لحكومة بزشكيان في قطر). فبدلاً من محاسبة المؤسسة على مخالفاتها، قام صالح آبادي بتحويلها إلى “بنك” فور توليه منصبه، في تواطؤ مفضوح. وأشارت الصحف إلى أن هذه المؤسسة، التي بدأت من “شرفة محل” في مشهد، تحولت إلى إمبراطورية فساد تضارب في العملة والعقارات وتبني أبراجاً فاخرة، بينما أموال المودعين تتبخر.

إفلاس قطاع الدواء:
رسمت صحيفة “هم ميهن” صورة قاتمة لقطاع الصحة. أكدت أن الصيدليات وصلت إلى “حافة الإفلاس” بسبب عجز منظمة الضمان الاجتماعي عن سداد ديونها البالغة 7000 مليار تومان. وفي خطوة يائسة، قررت الحكومة “بيع أوراق مالية” (سندات ديون) في البورصة لسداد مستحقات الصيدليات، وهو ما حذر الخبراء من أنه سيؤدي إلى “تضخم علاجي” وانهيار ما تبقى من الطبقة الوسطى.

مقابر العمال:
نشرت صحيفة “توسعه ايراني” إحصائية مروعة نقلاً عن الطب الشرعي: في عام 2024 وحده، قُتل حوالي 2000 عامل وأصيب 26 ألفاً في حوادث عمل. وأشارت إلى أن 70% من المناجم تفتقر لمعايير السلامة، وأن المقاولين يستغلون العمال بعقود مؤقتة تحرمهم من التأمين وديات الوفاة.

ثالثاً: البيئة.. “إفلاس مائي” ومشاريع وهمية
شن عالم الاجتماع والبيئة محمد فاضلي، عبر صحيفة “بهار نيوز”، هجوماً لاذعاً على خطة حكومة بزشكيان لتحلية مياه البحر ونقلها إلى طهران. وفي رسالة مفتوحة للرئيس، طرح فاضلي أسئلة محرجة:

“من هي الشركة المستفيدة من هذا المشروع الملياري؟”
“كيف يعقل نقل المياه لمسافة 1000 كيلومتر بتكلفة باهظة، بينما 35% من مياه شرب طهران تضيع في شبكة الأنابيب المتهالكة؟”
وخلص الخبراء في الصحيفة إلى أن إيران تواجه “إفلاساً مائياً” (Water Bankruptcy) وأن الحديث عن نقل المياه هو مجرد “غطاء للفساد” وهروب من الحلول الحقيقية، محذرين من اقتراب “يوم الصفر” الذي تجف فيه الصنابير في طهران.
رابعاً: السياسة الخارجية.. عبثية “التخصيب”
في ملف النووي، تساءلت صحيفة “هم ميهن” بجرأة: “لماذا نضيع الوقت في المفاوضات؟”. وانتقدت استراتيجية “تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%”، معتبرة أنها لم تحقق أي “ردع” بل جلبت العقوبات والعزلة.

وفي “ستاره صبح”، حذر الدبلوماسي السابق فريدون مجلسي من مصطلح “المفاوضات المسلحة”، مؤكداً أن “إيران ليست مستعدة للحرب” في ظل التضخم والفقر، وأن “الدولة المنعزلة لا تملك قدرة الصمود في حرب حديثة”.

تعكس صحف 17 نوفمبر حالة من “التفكك” داخل بنية النظام. فالحكومة عاجزة ومخترقة، والفساد المالي (ملل) ينخر في العظام، والأزمة البيئية (المياه) تهدد العاصمة، والصراع السياسي وصل حد الطعن في “أقدس” رموز النظام (عائلة سليماني). إنه مشهد لنظام تأكله الأزمات من كل جانب.