مريم رجوي: خامنئي غير قادر على التخلي عن اشعال الحروب في المنطقة والبرنامج النووي
في يوم السبت 15 نوفمبر 2025، وبالتزامن مع الذكرى السنوية لانتفاضة نوفمبر 2019 للشعب الإيراني ضد نظام الملالي، عُقد مؤتمر كبير في واشنطن بمشاركة واسعة من الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة، ومن بينهم نخبة من المتخصصين والأكاديميين الإيرانيين البارزين.
في يوم السبت 15 نوفمبر 2025، وبالتزامن مع الذكرى السنوية لانتفاضة نوفمبر 2019 للشعب الإيراني ضد نظام الملالي، عُقد مؤتمر كبير في واشنطن بمشاركة واسعة من الإيرانيين المقيمين في الولايات المتحدة، ومن بينهم نخبة من المتخصصين والأكاديميين الإيرانيين البارزين.
وشارك في هذا المؤتمر أيضاً كل من مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، وجون بركو، رئيس مجلس العموم البريطاني الأسبق، إضافة إلى شخصيات بارزة أخرى من بينها السفيرة كارِلا سندرز وباتريك كينيدي، حيث ألقوا كلمات في المناسبة.
كما ألقت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، كلمة في هذا التجمع عبر تقنية الفيديو كونفرانس.
وفيما يلي نص كلمة السيدة مريم رجوي:
أيها المواطنون، یا أنصار أشرف، والشخصيات الكريمة،
أحييكم جميعاً لتحملكم ساعات طويلة في إنجاح هذا الاجتماع القيّم.
إن عقد هذا التجمع هو أمر ذو قيمة لمراجعة الظروف الحالية الحساسة والخطيرة.
كما أحيي أخواتنا وإخوتنا في أشرف الذين يشاركون في هذا الاجتماع من على بعد.
اليوم هو الذكرى السنوية السادسة لانتفاضة نوفمبر [تشرين الثاني] العظيمة. نقدم احترامنا لشهداء وأبطال تلك الانتفاضة، نقوم ونصفق تخليداً لذكراهم.
أيها المواطنون! الشخصیات المحترمة!
إن عقد هذا الاجتماع يمثل فرصة ثمينة لإعادة التفكير في أهم موضوع يمثل القضية الأساسية لعصرنا: كيف يتحقق التغيير في إيران؟
هذا التحول الذي ستكون نتائجه لا تقتصر على تغيير مسار تاريخ إيران وتحديد مصير شعبنا؛ بل سيكون له تأثيرات متسلسلة عميقة على المنطقة والعالم.
ويقوم هذا التساؤل على الفرضية الأساسية بأن إزالة نظام ولاية الفقيه ضرورية وقد حان أوانها.
الجميع يرى أن حكم الملالي قد وصل إلى أواخر شتائه؛ إنه نظام أولوية مطلقة له هي القمع والنهب وإشعال الحروب من أجل الحفاظ على السلطة، لكن هذه الاستراتيجية الثابتة أصبحت هي مستنقع اضمحلاله. لقد تآكلت قاعدته الاجتماعية، وهو منهك وعاجز من جميع النواحي.
في المجتمع الإيراني، تشكل الأغلبية العظمى من النساء والشباب، الذين إما أنهم بلا عمل أو ذوو دخل منخفض، قوة الانتفاضة.
سكان الأحياء الفقيرة والهامشيات التي يضربها الفقر، أي ما بين رُبع إلى ثُلث سكان البلاد، يشكلون مستودعاً للبارود.
القوة العاملة في إيران، التي أصبحت من أرخص القوى العاملة في العالم، تتوق إلى الإخلال بهذا النظام النهّاب، والشعب الذي تحطمت حياته بفعل التضخم الشديد ونقص المياه وانقطاع الكهرباء، يترقب بفارغ الصبر الإطاحة بنظام الملالي.
إن المأساة التي تمثلت في قيام الشاب الأهوازي المظلوم، أحمد بالدي بإحراق نفسه، هي مثال بليغ على أن المجتمع بات جاهزاً للانفجار من قبل الشعب الإيراني. لدرجة أن النظام تراجع مذعوراً وأقال رئيس البلدية.
نعم، حيثما تنظرون، يضج العداء الشديد بين المجتمع الإيراني والنظام الحاكم. هذا الشعب الذي ضاق ذرعاً، وهؤلاء العمال والمعلمون والممرضون والمتقاعدون، وآلاف الحركات الاحتجاجية التي يقومون بها كل عام، تمثل نهراً هادراً يصب في اتجاه إسقاط نظام الملالي.
انظروا إلى بحر الدم الذي يجري بين الشعب والنظام الحاكم، بما في ذلك إعدام أكثر من مئة ألف من أعضاء مقاومة الشعب الإيراني.
من قلب هذه الظروف بالذات، ظهرت المدن الثائرة في إيران المعاصرة، ومن هذه الظروف قامت قوة المقاومة المنظمة متمثلة في وحدات المقاومة.
عجز النظام عن أي إصلاحات
في مواجهة هذه المخاطر الكبيرة؛
• النظام لا يملك القدرة على المضي في أي نوع من الإصلاحات السياسية والاجتماعية.
• أصبح الانهيار المتتالي لاقتصاد البلاد خارج السيطرة.
• على الرغم من الخسائر الكبيرة التي يجلبها له إشعال الحروب في المنطقة واستمرار البرنامج النووي، فإن خامنئي غير قادر على التخلي عن أي منهما.
نتيجة هذا كله هي أن تغيير النظام ضروري. لكن السؤال الأساسي هو: كيف يمكن للتغيير، وبأي طريقة، أن يصبح ممكناً؟
هل يمكن تصور إصلاح هذا النظام؟
هل يجب التطلع إلى أن یعود النظام إلى العقلانية؟ هل من الممكن السيطرة عليه؟ هل الحل هو الحرب والتدخل الخارجي، أم أن هناك طريقاً واستراتيجية مختلفة تماماً؟
لعل تذكير الحضور الكرام بحقيقة تاريخية أمر جدير بالاهتمام: كانت منظمة مجاهدي خلق أول مجموعة بذلت جهوداً واسعة النطاق لإصلاح هذا النظام خلال السنتين والنصف الأولى من حكمه. ولكن، ماذا كان رد النظام؟ كان الرد هو قتل ما لا يقل عن 54 من أعضاء مجاهدي خلق في الشوارع رمياً بالرصاص والطعن بالخناجر. وكان هذا قبل أن يبدأ القتل الجماعي لأعضاء مجاهدي خلق في عام 1981.
في السنوات اللاحقة، ظهر تيار من مسؤولي التعذيب والإعدام في الثمانينيات، متخفين خلف قناع الإصلاح أو الاعتدال. رئيس الجمهورية الحالي [في إيران] هو أحد عناصر هذا التيار نفسه.
وخلال فترة رئاسته الحالية القصيرة، تم إعدام أكثر من 2300 شخص.
الجميع يتذكر أنه في الانتفاضة الكبرى في يناير 2018، أعلن المتظاهرون في طهران انتهاء مسألة الإصلاحيين، ودفنوا هذا التيار في قبره التاريخي.
سياسة المهادنة سدّ أمام التغيير الديمقراطي
لنتحول الآن إلى اختبار تاريخي آخر، وهو سياسة المهادنة (الاسترضاء) التي تتبعها الحكومات الغربية، وهي سياسة ذات تاريخ طويل، مرير، ومليء بالدروس.
لقد ادّعى رجال الدولة المدافعون عن هذه السياسة منذ أربعة عقود أنهم سيقومون بـتعديل النظام أو احتواءه.
لكنهم عملياً أتاحوا الفرصة لخامنئي للوصول إلى عتبة القنبلة النووية.
وكانت نتيجة ذلك أنها مهدت الطريق لنمو التطرف الديني، والأدهى من ذلك كله، أنها أغلقت الطريق أمام التغيير الديمقراطي.
تم ذلك بعدة طرق، منها: وضع مجاهدي خلق في القوائم الإرهابية بشكل ظالم، وقصف قواعد مجاهدي خلق في المنطقة الحدودية بين إيران والعراق، وسحب أسلحة جيش التحرير الوطني بناءً على طلب مباشر من النظام؛ وهو الإجراء الذي غيّر —حسب صحيفة واشنطن بوست— التوازن الجيوسياسي في المنطقة لصالح الملالي في ذلك الوقت.
والسؤال الآن هو: ما هو الحل العملي، وهل توجد قوة تغيير وبديل للقيام بهذا العمل؟
الحل الثالث
منذ 21 عاماً، أعلنتُ في البرلمان الأوروبي أن حل قضية إيران ليس في المهادنة ولا في الحرب، بل هو الحل الثالث؛ أي تغيير النظام على يد الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.
كما قلت بوضوح إن مهادنة النظام تشجعه على المضي في سياساته وتفرض الحرب في نهاية المطاف على الدول الغربية.
لقد ثبت هذا التنبؤ الآن حرفياً.
ومع اندلاع الحرب في الأشهر الأخيرة، ثبت أن سياسة المهادنة قد فشلت، وثبت أن الحرب لا تؤدي إلى إسقاط النظام.
لقد انهارت اليوم السياسات طويلة الأمد التي قدمت نفسها على أنها الحل، لكنها كانت في الواقع سداً منيعاً أمام الحل الحقيقي.
الآن، مرور التاريخ يفتح الآذان والأعين على حل تم إنكاره وتعتيمه بشكل شامل. هذا الحل هو نفسه الحل الأصيل، الشعبي، المستقل، والتحرري؛ نفس الطريق والمنهج الذي ظل ثابتاً وراسخاً و شامخاً في خضم رياح القتل والمجازر وتشويه السمعة.
إنه الحل الذي يسعى وراء المطلب القديم للشعب الإيراني. هذا المطلب هو رفض أي شكل من أشكال الديكتاتورية؛ سواء كانت من نوع الشاه أو الاستبداد الديني. ووفقاً للتجارب المتكررة في السنوات الأخيرة، فإن أهم خاصية لـعروض متسلسلة لمسرح الدمى لبقايا ديكتاتورية الشاه، هي توفير الذرائع للملالي لمكافحة البديل الديمقراطي.
انتفاضة نوفمبر
أيها المواطنون!
اليوم هو الذكرى السنوية لانتفاضة نوفمبر العظيمة التي هزت أركان الاستبداد الديني في عام 2019.
في ذلك الوقت، قال روحاني، رئيس الجمهورية آنذاك: إنهم كانوا ‘مُنظَّمين، ومُخططاً لهم، ومُسلَّحين’.
نعم، لقد كانوا منظمين. ولكن من الآن فصاعداً، سيأتون ويواجهونكم وهم أكثر تنظيماً وأكثر استعداداً بكثير.
في أيام انتفاضة نوفمبر، كان خامنئي خائفاً لدرجة أنه واجه هذه العاصفة الهائلة بقتل ما لا يقل عن 1500 من المنتفضين.
ولكن الظاهرة المبهرة التي ظهرت في قلب الانتفاضة كانت مئات الآلاف من الشباب المناضل والجريء، الذين هبوا للقتال من أجل إسقاط الاستبداد الديني. كان هذا تجلياً لـجيش التحرير العظيم للشعب الإيراني.
هؤلاء الشباب الثائرون حرروا مناطق من المدن المنتفضة مثل شيراز، وميناء ماهشهر، وشهريار، واستهدفوا ما يقرب من 1900 مركز تابع للنظام.
إن وجود مثل هذه القوة المناضلة في قلب المجتمع هو أهم سمة للاحتجاجات المستمرة في إيران، وهو ما يجيب على السؤال الأساسي: كيف يتحقق تغيير النظام؟
هذه القوة النضالیة هي الأشد إرعاباً للنظام من أي قوة أخرى في العالم. خامنئي واجهها باللجوء إلى حبال المشانق، ويصدر بشكل متواصل أحكام الإعدام ضد السجناء المؤيدين لمجاهدي خلق.
في شهر یولیو/تموز الماضي، أعدم النظام المجاهدَين بهروز إحساني و مهدي حسني. وفي هذه اللحظة، يقف 17 شخصاً آخرون في صف الإعدام بتهمة الانتماء إلى المجاهدين؛ من المهندسة زهراء طبري إلى بطل الملاكمة جواد وفائي ثاني.
إن شجاعة وتضحية هؤلاء، والروح القتالية للمجاهدين المحكوم عليهم بالإعدام، هي الروح الثابتة للجيل الثائر الذي نزل إلى الميدان لإسقاط الاستبداد الديني.
نعم، الإجابة ليست في العروض والضجيج والضوضاء الدعائية.
الإجابة تكمن في الأشخاص المضحين بأنفسهم، أمثال مجاهدي أشرف 3، الذين وضعوا كل شيء في كفة الثورة. إنهم نساء ورجال يمثلون مصدر إلهام للشباب المتعطش للحرية في الصدق، والنقاء، والوفاء بالعهد. وقد جعلوا من خبرتهم السياسية والتنظيمية والنضالية الممتدة لـ 60 عاماً سنداً لفتح طريق الحرية.
الإجابة تكمن في وحدات المقاومة التي تمثل إرادة الشعب الإيراني في التغيير.
نعم، هؤلاء هم يحددون مصير أي ثورة. أشخاص مصممون لا يخشون التضحية بوجودهم.هؤلاء هم الذين، على حد تعبير زعيم المقاومة مسعود رجوي، يقطعون الخطوات المتبقية نحو الانتفاضة بسرعة، بالأظافر والأسنان.
أيها الأصدقاء والمواطنون الأعزاء!
برنامجنا من أجل إيران الغد ليس مجرد كتابة على ورق، بل هو ترجمة لهذه التضحيات والمعاناة نفسها. ولذلك، فهو يضمن أن يكون لشعبنا مستقبل بدون تعذيب، بدون إعدام، بدون قوانين شريعة الملالي، بدون تمييز ديني، بدون تمييز جنسي، وبدون تمييز قومي.
ستحل محل الحرب مع الدول المجاورة سياسة السلام والتعايش السلمي، وبدلاً من البرنامج النووي المشؤوم، سيكون لدينا برنامج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الديمقراطية في إيران.
نحن نريد بلداً يقوم على جمهورية ديمقراطية وانتخابات حرة.
بلداً يقوم على الفصل بين الدين والدولة، وعلى المشاركة المتساوية للمرأة في القيادة السياسية، وعلى تمتع القوميات بـالحكم الذاتي.
وكما قلت مراراً: نحن لا نناضل من أجل الحصول على السلطة، هدفنا هو نقل السيادة إلى الشعب الإيراني. ووفقاً لقرار المجلس الوطني للمقاومة، سيتم تشكيل حكومة مؤقتة بعد إسقاط النظام، لا تتجاوز مدتها ستة أشهر، لتقوم بإجراء انتخابات الجمعية التأسيسية لوضع دستور الجمهورية الجديدة.
ولتحقيق هذا الهدف، أمدّ يد المساعدة إلى جميع المواطنين، وأدعو جميع الحكومات إلى الاعتراف بنضال الشعب الإيراني ومعركة شباب الانتفاضة ضد قوات الحرس.
دمتم منتصرين.
المصدر: موقع مريم رجوي