وول ستريت حائرة بين أرباح الذكاء الاصطناعي وخسائر الصناعات التقليدية
عززت مكاسب شركتي إنفيديا وأمازون وغيرهما من الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي أداء وول ستريت يوم الإثنين، رغم تراجع معظم الأسهم الأمريكية.
استقر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تقريبا في تعاملات الصباح، محافظا على قربه من أعلى مستوى تاريخي سجله الأسبوع الماضي، بينما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 303 نقاط، أي بنسبة 0.6%، اعتبارا من الساعة 10:45 صباحًا بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة، وارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.4%.
وفقا لوكالة أسوشيتد برس، اتسمت الخسائر باتساع نطاقها، حيث تراجعت أربعة من كل خمسة أسهم ضمن مؤشر ستاندرد آند بورز 500. كما انخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية عقب صدور تقرير مخيّب للآمال حول أداء الشركات الصناعية الأمريكية، إذ أظهر التقرير تراجع النشاط الصناعي خلال الشهر الماضي بأكثر مما توقعه الاقتصاديون.
وأفاد العديد من المحللين الماليين في معهد إدارة التوريد بأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب تسبب أضرارا مالية واضحة.
تراجعت أسهم كيمبرلي كلارك بنسبة 12.8%، مسجلة واحدة من أكبر خسائر السوق، بعد إعلانها نيتها شراء شركة كينفو في صفقة تُقدّر قيمتها بـ48.7 مليار دولار، ستدفع مقابلها نقدا وأسهما. في المقابل، قفزت أسهم كينفو—المصنعة لمنتجات تايلينول وباند إيدز وليسترين—بنسبة 15.3%.
هبط سهم بيوند ميت بنسبة 16% بعد أن أجّلت الشركة إعلان نتائج الربع الأخير إلى 11 نوفمبر/تشرين الثاني بدلا من الثلاثاء. وأوضحت الشركة أنها تحتاج إلى وقت إضافي لتقدير حجم الخصم غير النقدي المرتبط ببعض الأصول المتأثرة.
شهد سهم الشركة تقلبات حادة؛ فبعد تجاوزه 4 دولارات في يوليو/تموز، تراجع بقوة، قبل أن يقفز الشهر الماضي من 52 سنتًا إلى 3.62 دولار خلال ثلاثة أيام، بزيادة تقارب 600%، في موجة “أسهم الميم” التي ترتفع أسعارها بفعل الضجة الإعلامية أكثر من أساسيات الأداء الفعلي.
لم تخلُ وول ستريت من صخب الذكاء الاصطناعي، الذي يرى مؤيدوه أنه يعيش مرحلة تحول عالمي كبرى.
فقد واصلت إنفيديا دعم مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بقوة، إذ ارتفعت أسهمها بنسبة 2.7% ليصل إجمالي مكاسبها منذ بداية العام إلى نحو 55%.
كما ارتفعت مايكروسوفت بنسبة 0.3% بعد إعلانها توقيع عقد بقيمة 9.7 مليار دولار مع شركة IREN، المزودة لخدمات الذكاء الاصطناعي السحابية، يمنحها حق الوصول إلى بعض رقائق إنفيديا. وتمتد الصفقة لخمس سنوات، وتهدف إلى تعزيز قدرة مايكروسوفت على تلبية الطلب المتزايد على حلول الذكاء الاصطناعي، بينما قفزت أسهم IREN بنسبة 10.9%.
من جانبها، ارتفعت أمازون بنسبة 4.9% بعد إعلانها اتفاقية بقيمة 38 مليار دولار مع OpenAI، لتوفير خدمات الحوسبة السحابية لتشغيل أحمال عمل الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة.
كما واصلت Palantir Technologies—التي ارتفع سهمها منذ بداية العام بنسبة 165%—صعودها بنسبة إضافية بلغت 1.1%، مدفوعة بتفاؤل المتداولين قبيل إعلان نتائجها الفصلية بعد إغلاق جلسة التداول.
ويرى محللون أن شركات الذكاء الاصطناعي وأسهم السوق الأمريكية عامة تحتاج إلى تحقيق نتائج مالية قوية لتبرير المكاسب الضخمة التي سجلتها منذ تراجعها في أبريل. وتتزايد التحذيرات من أن السوق الأمريكية، وخصوصًا أسهم الذكاء الاصطناعي، أصبحت مبالغًا في تقييمها، ما قد ينذر بفقاعة شبيهة بفقاعة الإنترنت عام 2000.
ورغم ذلك، فإن معظم الشركات تواصل تحقيق أرباح تفوق التوقعات؛ إذ تُظهر بيانات FactSet أن أربعًا من كل خمس شركات في مؤشر S&P 500 تجاوزت توقعات المحللين، ومع انتهاء نحو ثلثي موسم النتائج المالية، تتجه الشركات لتحقيق نمو سنوي يقارب 11%.
في سوق السندات، تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى 4.10% مقارنة بـ4.11% في ختام الأسبوع السابق، بعد صدور تقرير ضعيف حول قطاع التصنيع، وصفته سوزان سبنس، رئيسة لجنة مسح أعمال التصنيع في معهد إدارة التوريد (ISM)، بأنه انعكاس لاستمرار حالة "عدم اليقين الاقتصادي".
وقال أحد مُصنّعي المنتجات الكيميائية المشاركين في المسح: "تحول القلق إلى خوف من تأثير الرسوم الجمركية على أعمالنا، وتراجعت الطلبات في معظم الأقسام، مما دفعنا إلى خفض توقعاتنا لعام 2025".
وأضاف مُصنّع آخر: "بوجه عام، الأعمال مرهقة للغاية".
على الصعيد العالمي، تباين أداء أسواق الأسهم الأوروبية بعد إغلاقات قوية في آسيا.
فقد قفز مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بنسبة 2.8% محققًا رقمًا قياسيًا جديدًا، بدعم من ارتفاع سهم إس كيه هاينكس بنحو 11% نتيجة التعاون مع إنفيديا لتطوير بنية الذكاء الاصطناعي التحتية في كوريا.
كما سجلت شركات بناء السفن الكورية مكاسب قوية بعد إعلان الصين إلغاء الرسوم الإضافية على الموانئ للسفن التي تستثمر فيها الولايات المتحدة أو ترفع علمها، عقب لقاء الرئيس دونالد ترامب بنظيره الصيني شي جين بينغ الأسبوع الماضي.