حماس بغزة.. انهيار عسكري ومالي وتراجع في الشعبية
إلى جانب الخسائر العسكرية والميدانية التي طالت الصف الأول من قادتها، يبدو أن حركة حماس تواجه أزمة جديدة في قطاع غزة.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن حركة "حماس" تواجه أزمة مالية وإدارية هي الأخطر في تاريخها الممتد لنحو 4 عقود.
وتأتي هذه الأزمة جراء انهيار حاد في موارد الحركة وتحديات متزايدة في الحفاظ على سيطرتها على قطاع غزة، بالتزامن مع استمرار الحرب مع إسرائيل.
وبحسب مصادر إسرائيلية وفلسطينية، تحدثت إلى الصحيفة الأمريكية، يعاني الذراع العسكري للحركة عجزا كبيرا في دفع رواتب عناصره، ما اضطر الحركة إلى تقليص الخدمات العامة وخفض أجور عناصر الشرطة وموظفي الوزارات، في وقت تشهد فيه غزة دماراً هائلاً ونزيفاً بشرياً متصاعداً.
انهيار المنظومة العسكرية والإدارية
وكشفت مصادر أمنية إسرائيلية، من بينها ضابط المخابرات السابق أوديد أيلام، عن أن حماس لم تعد قادرة على تمويل عناصرها بالشكل المعتاد، ما جعل تلجأ إلى تجنيد فتيان مراهقين في مهام لوجستية مثل المراقبة وزرع العبوات الناسفة.
كما أشارت المصادر أيضا إلى تدهور البنية التحتية للأنفاق ومراكز القيادة، التي كانت أحد أعمدة التكتيك العسكري للحركة، إذ اضطر محمد السنوار، القيادي البارز في الجناح العسكري، قبل مقتله، للاختباء في غرفة صغيرة تحت مستشفى جنوبي القطاع، بدلاً من المراكز المحصنة الواسعة التي دُمّرت شمال غزة.
موارد مفقودة واعتماد على الضرائب والمساعدات
ووفقا للتقرير، فقد كانت حماس تعتمد في وقت سابق من الحرب، على الضرائب المفروضة على الشحنات التجارية، إضافة إلى السيطرة على جزء من المساعدات الإنسانية.
ووفق شهادات فلسطينيين ومسؤولين دوليين، كان عناصر حماس يفرضون رسوماً على التجار، ويصادرون البضائع، أو يعيدون بيع المساعدات بأسعار مرتفعة، ما أثار استياءً واسعاً في الأوساط الشعبية.
وتشير تقارير إلى أن حماس اعتمدت على تحصيل ضرائب من التجار المحليين تصل إلى 20 % على البضائع، كما سيطرت على شاحنات محمّلة بسلع أساسية مثل الدقيق والوقود.
وأكد مصدر اقتصادي بغزة أن الحركة كانت تضغط على السوق من خلال التحكم في المعروض لرفع الأسعار.
وأشارت مصادر استخباراتية إلى أن حماس استفادت أيضاً من تمكين تجار مقربين منها من بيع السلع بأسعار مضاعفة دون رقابة.
لكن مع استئناف الحرب في مارس/آذار الماضي وتوقف معظم الشحنات التجارية والمساعدات، تراجعت موارد حماس المالية بشكل غير مسبوق، خاصة بعد إنشاء "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من واشنطن وتل أبيب.
تراجع الدعم الشعبي
وتحت وطأة الانهيار المالي والعسكري، لجأت الحركة إلى إجراءات قمعية لتثبيت سلطتها. وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت مؤخراً عناصر ملثمين يطلقون النار على أرجل متهمين بسرقة المساعدات.
كما تحدث سكان عن تصاعد حالات الترهيب بحق منتقدي الحركة.
ففي حادثة أثارت غضباً واسعاً، تعرّض الشاب موفق خدور لاعتداء وحشي من قبل مسلحين تابعين لحماس بعد تصريحات علنية انتقد فيها الحركة.
ويقول "رامي"، وهو موظف حكومي غزي، إن الأجواء العامة في القطاع تغيّرت من "أمل النصر" في بداية الحرب، إلى شعور واسع بالغضب من إدارة حماس وتقديراتها الخاطئة.
وأضاف أنه: "لا شك أن إسرائيل ترتكب جرائم، لكن سوء تخطيط حماس وعدم استعدادها لما بعد الحرب فاقما الكارثة".
مطالب مالية في قلب المفاوضات
وتسعى حماس في المفاوضات الجارية بشأن هدنة مؤقتة مدتها 60 يوماً، لإعادة فتح المعابر وزيادة تدفق المساعدات، في محاولة لاستعادة مصادر التمويل، وسط تسريبات بأن بعض المطالب تتعلق بعودة النظام السابق في توزيع الإغاثة الذي كانت الحركة تستفيد منه بشكل مباشر.