تهدئة «على الحافة» بالسويداء.. و«خروقات» تهدد بعودة العنف
في اليوم الثاني من تطبيقه، بدا اتفاق وقف النار الذي وضع حدا لمواجهات دامية في السويداء صامدًا، باستثناء «بعض الخروقات»، التي أثارت تحذيرات من العودة لـ«مربع العنف».
وارتفعت حصيلة القتلى جراء أعمال العنف التي شهدتها محافظة السويداء في جنوب سوريا الى 1265، وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان الاثنين.
وأحصى المرصد في عداد القتلى 505 مقاتل و298 مدنيا من الدروز، بينهم 194 «أُعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية».
في المقابل، قتل 408 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة الى 35 من أبناء العشائر، ثلاثة منهم مدنيون «أعدموا ميدانيا على يد المسلحين الدروز». كما أسفرت غارات شنتها إسرائيل خلال التصعيد عن مقتل 15 عنصرا من القوات الحكومية.
وأوضح المرصد أن ارتفاع الحصيلة يعود الى توثيقه أعدادا إضافية من القتلى منذ اندلاع الاشتباكات في 13 يوليو/تموز حتى دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الأحد.
انتشار الألغام
وحذرت مصادر ميدانية من الفصائل المحلية، في تصريحات لـ«السويداء 24»، «من انتشار ألغام وعبوات ناسفة، تركتها خلفها المجموعات الإرهابية في المناطق التي توغلت فيها بمحافظة السويداء، على جوانب الطرقات وأمام بعض البيوت».
المصادر دعت لتوخي الحذر وعدم التعامل مع أي جسم مشبوه، إلّا عبر المختصين في إزالة وتفكيك العبوات والألغام الناسفة، مشيرة إلى أنها «تواصل عمليات التمشيط في بعض المناطق، وتكتشف المزيد من الجثامين المكومة على جوانب الطرقات، والأجسام المتفجرة».
خروقات
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان «خروقات»، وصفها بـ«الخطيرة» للاتفاق المبرم بين حكومة دمشق وتل أبيب، والذي جرى توقيعه مؤخرًا بوساطة أمريكية، في أعقاب إعلان وقف إطلاق النار في محافظة السويداء.
تتمثل الخروقات في وصول تعزيزات لقوات عسكرية تابعة لحكومة دمشق إلى الأطراف الشمالية الغربية من محافظة السويداء وعلى طريق دمشق – السويداء، إضافة إلى حدوث اشتباكات بأسلحة متنوعة (رشاشات ثقيلة وطائرات درون انتحارية) في مواقع متفرقة في ريف السويداء، في مؤشر ينذر بتجدد التوتر وعودة التصعيد.
ودارت اشتباكات على محور أم الزيتون شمالي مدينة شهبا في ريف السويداء، حيث سُجّلت تحركات عسكرية مكثفة، وأسقطت طائرة مسيرة أطلقها المسلحون على المناطق الدرزية.
وحذّر المرصد السوري من أن «استمرار هذه الخروقات قد يعيد المنطقة إلى مربع العنف، ويقوض الجهود الدولية المبذولة لاحتواء الأزمة»، داعيًا إلى «ضمان الشفافية في تنفيذ الاتفاق ومحاسبة المتورطين في خرقه».
وأشار المرصد السوري إلى أنه رصد «هجمات بطائرات مسيّرة حرارية استهدفت مدينة شهبا، مصدرها مجموعات مسلّحة تقاتل تحت مسمى عشائر البدو، ما أسفر عن إصابة 9 مدنيين بجروح متفاوتة».
تتزامن هذه الهجمات مع محاولات متكررة من قبل مجموعات العشائر والأمن العام لخرق الاتفاق المبرم، في ظل استمرار انقطاع الاتصالات بشكل شبه تام داخل المدينة، ما يزيد من حالة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، بحسب المرصد السوري.
وشاهد مراسل «فرانس برس» على مشارف السويداء أربع حافلات وسيارات خاصة تُجلي عائلات من البدو بينهم نساء وأطفال، خرجت باتجاه مراكز إيواء في محافظتي درعا المجاورة ودمشق بالتنسيق مع الهلال الاحمر العربي السوري.
وقال إن قوات الأمن السوري رفعت سواتر ترابية تفصل بين أطراف بلدة بُصر الحرير في درعا ومدينة السويداء ومحاور أخرى في ريف المدينة الغربي، بينما تجوّل خلفها عدد من العناصر، وبجانبهم عدد من مقاتلي العشائر بملابسهم التقليدية وأسلحتهم الخفيفة. وقد توزعوا تحت الأشجار وعلى جانبي الطريق.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية سانا عن محافظ درعا أنور الزعبي أن المحافظة "استقبلت نحو 200 عائلة من عائلات البدو التي كانت محتجزة في السويداء"، مشيرا إلى أنها تضمّ أكثر من ألف شخص تم توزيعهم على مراكز إيواء.
وقالت فاطمة عبد القادر (52 عاما) بعد خروجها وأفراد من عائلتها من مدينة السويداء مع عشرات آخرين من السكان البدو، لفرانس برس "نحن محاصرون منذ أيام لا نتمكن من الخروج بسبب إطلاق الرصاص والاشتباكات". وأضافت "خفنا من أن يدخل أحد الى منازلنا ويقتلنا".
وتضمن اتفاق وقف إطلاق النار فتح "معابر إنسانية بين محافظتي درعا والسويداء... لتأمين خروج المدنيين والجرحى والمصابين"، وفق الاعلام الرسمي. وتتهم السلطات مسلحين دروزا بارتكاب انتهاكات ضد السكان البدو في السويداء.
واندلعت الاشتباكات في 13 يوليو/تموز الجاري، بين مسلحين محليين وآخرين من البدو، وسرعان ما تطورت الى مواجهات دامية تدخلت فيها القوات الحكومية ومسلحو العشائر، وشنّت إسرائيل خلالها ضربات على محيط مقار رسمية في دمشق واهداف عسكرية في السويداء.