انهيار اقتصادي تحت ظل ولاية الفقيه: أموال النفط للحوزات ومعاناة الشعب تتفاقم
انهيار اقتصادي تحت ظل ولاية الفقيه: أموال النفط للحوزات ومعاناة الشعب تتفاقم
في الوقت الذي تغرق فيه غالبية الأسر الإيرانية في ضائقة معيشية وعدم استقرار اقتصادي وأزمات هيكلية، تتدفق المليارات من ميزانية الدولة نحو المؤسسات الدينية والمدارس التي تُعرف بالحوزات العلمية

في الوقت الذي تغرق فيه غالبية الأسر الإيرانية في ضائقة معيشية وعدم استقرار اقتصادي وأزمات هيكلية، تتدفق المليارات من ميزانية الدولة نحو المؤسسات الدينية والمدارس التي تُعرف بالحوزات العلمية. هذا الوضع يطرح سؤالاً جوهرياً في الرأي العام الإيراني: هل من المفترض أن تدير الثروة الوطنية عجلة التنمية أم عجلة الدعاية الدينية للنظام الحاكم؟
وفي حكومة إبراهيم رئيسي، لم تكن وزارة النفط مجرد وزارة متخصصة، بل تحولت إلى أداة لتمويل المشاريع المفضلة للمؤسسات الدينية المقربة من النظام. ومن الأمثلة على ذلك تقديم “مساعدة بقيمة 100 مليار تومان لمدرسة غلام رضا قاسمیان الدينية، وتخصيص 500 مليار تومان لتطوير المدارس الدينية في قم”. السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا يجب إدراج مؤسسات ذات طبيعة غير حكومية في بنود الميزانية العامة الرسمية؟ في ظل الظروف التي يكافح فيها العمال بأجور زهيدة، ويصرخ المتقاعدون في تظاهرات الشوارع للحصول على مستحقاتهم المتأخرة، فإن تخصيص الموارد الوطنية للمراكز الدينية يُعتبر خيانة للأولويات الاجتماعية ودليلاً على التوجه الاستغلالي لهيكل السلطة.
و في اعتراف لافت، قال عباس مقتدائي، نائب أصفهان في البرلمان: “يتصل بنا العمال والمتقاعدون في الساعة الثانية والثالثة صباحًا ليعبروا عن قلقهم”. كما تحدث عن الوضع المأساوي للمزارعين الكادحين قائلاً: “المزارعون يدفعون ثمن العجز الإداري والقرارات البطيئة”. هؤلاء النواب أنفسهم، بدلاً من الوقوف ضد التخصيصات غير العادلة للميزانية، يشاركون في هياكل تعيد إنتاج الفقر وتتستر على الفساد. واعترافهم الحتمي بألم الناس لا يفعل شيئًا سوى رش الملح على جراحهم.
و يُدار الاقتصاد الإيراني الحالي تحت هيمنة ولاية الفقيه بطريقة تجعل المستثمر والمنتج والعامل وحتى المستهلك يعيشون في حالة من عدم الاستقرار المزمن. وكما جاء في التقرير، فإن “الاقتصاد الإيراني يفتقر إلى أي قدرة على التنبؤ”. بعد أربعة عقود من الهيمنة السياسية والاقتصادية المطلقة، ما هو مبرر هذا الوضع؟ إن سجل أداء النظام يجيب بنفسه: سياسات ارتجالية غير علمية، وتدخل مستمر من مؤسسات غير اقتصادية تابعة لولاية الفقيه، وغياب الشفافية في بنية النظام، وقرارات تتخذها عصابات وأوليغارشيات، كلها لم تترك مجالاً للنمو الاقتصادي. إن ترجمة هذا الوضع بعبارات بسيطة هي: لا أحد يعرف كم سيكون سعر الدولار غدًا، أو كيف سيتغير سعر الفائدة، أو ما هو القرار الجديد الذي سيهدد معيشة الناس. هذا الغياب للأفق والمستقبل هو أساس الأزمات الاقتصادية في إيران اليوم؛ اقتصاد انقلبت فيه الأولويات رأسًا على عقب.
وكشف ولي الله سيف، الرئيس الأسبق للبنك المركزي، عن اختلالات عميقة في ميزانيات البنوك، قائلاً: “البنوك التي لم تُقيّم أصولها بشكل صحيح، تعاني من مشاكل في السيولة، والفجوة بين إيراداتها ونفقاتها تتسع يومًا بعد يوم”. هذا الوضع ليس وليد عام أو عامين، بل هو نتيجة بنية هيكلية غابت فيها المساءلة والرقابة والشفافية، وحل محلها الريع والفساد وعدم الكفاءة. النظام المصرفي الذي كان من المفترض أن يكون “محرك التنمية”، تحول الآن إلى عائق أمام ديناميكية الاقتصاد.
إفلاس هيكلي وأمنية وطنية
بينما تنفق الحكومة أموال النفط على توسيع نفوذ المؤسسات الدينية، يعاني الشعب من الفقر وعدم الاستقرار وانهيار الخدمات العامة، وتتعالى صرخات المطالبة بالعدالة في الشوارع. هذا الانقلاب في الأولويات، الذي يرجع سببه الأساسي إلى تكريس كل شيء للحفاظ على النظام، لم يسلب النظام القدرة على إدارة البلاد فحسب، بل جعل حكم الملالي غير شرعي في نظر الأغلبية الساحقة من الشعب الإيراني، وجعل الإطاحة به أسمى أمنية وطنية لتحقيق المصالح القومية لإيران.