ترامب يلجأ إلى عسكرة الاحتجاجات: الرهان على القوة لمواجهة أزمات الداخل والخارج

وكالة أنباء حضرموت

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين بما وصفه بأنه “قرار عظيم” بعد نشر قوات الحرس الوطني لقمع الاحتجاجات في لوس أنجلس، في وقت يقول فيه مراقبون إن ترامب يعتمد خيار القوة لمواجهة أزمات الداخل والخارج في نفس الوقت، ولا يبدي أيّ مرونة ضد المحتجين حتى وإن كانت تقاليد الولايات المتحدة وثقافتها الليبرالية تسمح بها.

وينظر الرئيس الأميركي إلى المرونة في مواجهة الأزمات على أنها ضعف، ولأجل ذلك يحرص على التصرف بسرعة وبشدة لإظهار إمساكه بالوضع سواء في مواجهة الاحتجاجات على سياسات الهجرة أو تلك التي تتعلق بالموقف ممّا يجري في غزة.

ولا تقف القوة عند البعد العسكري المباشر مثل الاستنجاد بالحرس الوطني لإخماد الاحتجاج، ولكن أيضا التنفيذ الحرفي للقوانين والسياسات التي يؤمن بها ترامب من خلال اللجوء إلى طرد المتورطين في تجاوز هذه القوانين دون انتظار حكم بات من القضاء.

الاحتجاجات في لوس أنجلس أثارت جدلا واسعا حول حدود سلطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحق الجمهور في المعارضة

وسبق لترامب أن لوح بتدخلات عسكرية مباشرة لحسم قضايا خارجية سواء ضد إيران أو حركة حماس. كما أمر بتنفيذ ضربات ضد الحوثيين في اليمن لإظهار أن الولايات المتحدة في موقف قوة وأنها لا تساوم ولا تقبل بالابتزاز من أيّ جهة كانت.

وأظهر ترامب حزما أكبر في موضوع فرض ضرائب على المنتجات التي تدخل إلى السوق الأميركية بما في ذلك المنتجات الأوروبية والصينية، وهدد بضم مضائق حيوية لتأمين مصالح الولايات المتحدة، وذلك ضمن فلسفة ترى أن حجم القوة يعبر عن نفوذ الولايات المتحدة، وأن التراخي هو شكل من أشكال الضعف.

وقال ترامب على قناة تروث سوشيال متحدثا عن الاستنجاد بالحرس الوطني “لو لم نفعل ذلك، لدُمّرت لوس أنجلس عن بكرة أبيها،” في حين ما زال التوتر يخيّم على أجزاء من المدينة بعد ثلاثة أيام من الصدامات بين المتظاهرين وقوات الشرطة.

وصارت الاحتجاجات على المداهمات أحدث نقطة محورية في النقاش الدائر بالولايات المتحدة حول الهجرة وحقوق الاحتجاج ونشر قوات اتحادية للتعامل مع شؤون محلية. وأثارت الاحتجاجات أيضا جدلا حول حدود سلطة الرئيس وحق الجمهور في المعارضة.

ودعت الأمم المتحدة الاثنين إلى “احتواء التصعيد”. وقال فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة “لا نريد أن نشهد مزيدا من العسكرة للأوضاع وندعو كل الأطراف على المستوى المحلي ومستوى الولاية والمستوى الفيدرالي إلى العمل بهذا الاتجاه”.

وقال ترامب في تصريح لصحافيين في البيت الأبيض ردا على سؤال بشأن الاشتباكات التي تحدث في بعض أنحاء في ثاني أكبر مدينة أميركية “الناس الذين يتسببون بهذه المشاكل هم مخربون محترفون ومتمردون”.

وأحرق متظاهرون سيارات واشتبكوا مع الشرطة في لوس أنجلس الأحد. وكان من المتوقع أن تثير المداهمات التي بدأت في وضح النهار في مدينة تضم عددا كبيرا من السكان من أصل لاتيني، ردود فعل غاضبة.

لكن معارضين يقولون إن ترامب الذي جعل من القضاء على الهجرة غير الشرعية ركيزة أساسية في ولايته الثانية، كان يؤجج التوترات عمدا بنشره الحرس الوطني في كاليفورنيا، وهو جيش احتياطي عادة ما يأتمر بحاكم الولاية.

وكتب حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم على منصة إكس “لم تكن لدينا مشكلة حتى تدخل ترامب”. وأضاف “هذا انتهاك خطير لسيادة الولاية (..) إذ يؤجج التوترات بينما يتم سحب الموارد حيث هناك حاجة إليها. ألغوا الأمر. أعيدوا السيطرة إلى كاليفورنيا”.

واشتعلت النيران في ما لا يقل عن ثلاث سيارات ذاتية القيادة تابعة لشركة “وايمو” بعد ظهر الأحد، كما تعرضت اثنتان أخريان للتخريب بينما تجول المتظاهرون في منطقة محدودة في وسط مدينة لوس أنجلس.

وتوقفت حركة المرور على طريق سريع رئيسي لأكثر من ساعة، بينما احتشد العشرات من الأشخاص على الطريق. وقام رجال هيئة الطرق السريعة في كاليفورنيا بإبعادهم باستخدام القنابل الصوتية وقنابل الدخان.

لكن بعد مواجهة مبكرة محدودة بين عملاء فيدراليين من وزارة الأمن الداخلي والعشرات من المتظاهرين في مركز احتجاز، أصبحت جميع الاشتباكات مرتبطة بأجهزة إنفاذ القانون المحلية. وأقام ضباط شرطة لوس أنجلس خطوطا على مسافة ما من المباني الفيدرالية، ما منع الاتصال بين المتظاهرين الغاضبين.

وندد حكام ولايات أميركية ينتمون إلى الحزب الديمقراطي الأحد بنشر ترامب قوات الحرس الوطني في لوس أنجلس، مشيرين إلى أن الصلاحية في هذا الشأن تعود إلى حاكم الولاية.

وقال الحكام في بيان مشترك إن هذا التحرك “يعد إساءة استخدام للسلطة تنذر بالخطر”.

وقالت القيادة الشمالية في الجيش الأميركي، وهي جزء من وزارة الدفاع المسؤولة عن الدفاع الوطني، إن “نحو 500 من مشاة البحرية (..) على أهبة الاستعداد للانتشار إذا لزم الأمر لتعزيز ودعم” العمليات الفيدرالية الجارية.

وتتم الاستعانة عادة بالحرس الوطني (وهو جيش احتياطي) لدى وقوع كوارث طبيعية على غرار حرائق لوس أنجلس، وأحيانا في حالات الاضطرابات المدنية، لكن ذلك يقترن إجمالا بموافقة المسؤولين المحليين.