لحوم رومانية بتونس لمعالجة ارتفاع أسعار الأضاحي

وكالة أنباء حضرموت

تُقدم تونس على خطوة استثنائية لمواجهة الارتفاع الفاحش في أسعار الأضاحي هذا العام، حيث أعلنت غرفة القصابين اليوم الاثنين أنها ستبدأ غدا الثلاثاء بتسويق لحوم الضأن الموردة من رومانيا.

ويأتي هذا القرار في ظل ضغوط اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة على المواطن التونسي، وتفاقم ظاهرة المضاربة التي حولت شعيرة عيد الأضحى إلى عبء مالي ثقيل، مهددة بتهميش شريحة واسعة من السكان عن إحيائها.

وتواجه تونس هذا العام تحديا مضاعفا في سوق الأضاحي، فمن ناحية، تركت السلطات ودار الإفتاء الباب مفتوحا لإحياء شعيرة عيد الأضحى، رغم سنوات الجفاف الخمس الأخيرة التي أدت إلى تضرر كبير في أعداد المواشي الوطنية.

ومن ناحية أخرى، يعكس الإقبال الضعيف على نقاط البيع حالة من "المقاطعة" الشعبية، كما وصفها رئيس غرفة القصابين أحمد العميري، كنتيجة لـ"الأسعار الخيالية" التي يفرضها الوسطاء والمضاربون.

وقال العميري في تصريح لوسائل إعلام محلية إن "الوضع في سوق الأضاحي يعكس نوعا من المقاطعة، وهي ردة فعل من قبل المستهلك التونسي ضد الاسعار الخيالية".

ويمكن أن يصل متوسط سعر الخروف إلى 500 دولار أميركي، في بلد لا يتجاوز فيه الأجر الأدنى المضمون قرابة 170 دولارا، بينما يبلغ متوسط الرواتب حوالي 300 دولار.

وهذا التباين الصارخ بين القدرة الشرائية للمواطن وأسعار الأضاحي يُحول شعيرة دينية إلى رفاهية لا يقوى عليها الكثيرون.

ولمواجهة هذا الغلاء غير المسبوق، طرحت غرفة القصابين مبادرة بالتعاون مع نواب في البرلمان ووزارة التجارة، لتوريد أربعة حاويات تضم 5200 خروف من رومانيا.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتجه فيها تونس إلى الاستيراد من هذا البلد الأوروبي لتعديل السوق الداخلية، مما يؤكد تكرار الأزمة وضعف الحلول المحلية المستدامة.

وبحسب غرفة القصابين، سيجري تسويق هذه اللحوم بسعر 16 دولارًا للكيلوغرام الواحد في عدة نقاط بيع بالعاصمة وولايات صفاقس (شرق) وبنزرت (شمال) والكاف (شمال غربي) وسوسة (شرق) وزغوان (وسط) وغيرها.

ومع ذلك، من غير المتوقع أن تسد هذه الكميات المحدودة الموردة احتياجات السوق الضخمة والطلب المتزايد على اللحوم ذات الأسعار التنافسية والمقبولة، خصوصا وأن الكمية المستوردة محدودة لا تتجاوز أربع حاويات فقط من لحم الخروف الروماني.

وهذه الخطوة، وإن كانت تخفف من الضغط على الأسعار جزئيًا، إلا أنها لا تعالج الأسباب الجذرية للأزمة، وتُشير إلى استمرار الاعتماد على الحلول الخارجية المؤقتة.

ويسهم قطاع تربية الماشية في تونس بنسبة 35 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الزراعي للبلاد، مما يؤكد أهميته للتنمية وتوليد الوظائف والأمن الغذائي للتونسيين.

إلا أن هذا القطاع يواجه تحديات جمة، فقد خلّف ارتفاع أسعار الأعلاف تذمرا كبيرًا بين المزارعين، خصوصا مربي المواشي والأبقار، وسط تحذيرات من انعكاسات ندرتها والتلاعب بمكونات إنتاجها ونسبها.

وتزدهر ظاهرة التفريط في القطيع، خاصة لدى المزارعين في مناطق الوسط والساحل والجنوب، لكونها مناطق جافة ولا تتوفر على موارد علفية كافية.

ويُحمّل أهل القطاع تدهور عمليات الإنتاج الزراعي والحيواني إلى تقصير الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011، خاصة في عدم تقديم الدعم الكافي في أوقات الأزمات.

وتُظهر هذه الأزمة أن غلاء الأضاحي ليس مجرد ظاهرة عابرة مرتبطة بالعيد، بل هو نتاج مشكلات هيكلية متراكمة في القطاعين الزراعي والحيواني، تتطلب وضع استراتيجيات دعم حكومي طويلة الأجل، إلى جانب سياسات حماية فعالة للمزارعين من تداعيات الجفاف وتقلبات السوق والمضاربة، لضمان استقرار الأمن الغذائي.