إسرائيل تسرع الضم الزاحف في الضفة الغربية تحت مضلة "أراضي الدولة"

وكالة أنباء حضرموت

كشفت وسائل إعلام عبرية اليوم الثلاثاء عن سلسلة من الإجراءات ومشاريع القوانين التي تروج لها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، والتي تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية وتسريع وتيرة الاستيطان بشكل غير مسبوق، في خطوة تصعيدية جديدة تنذر بتأجيج الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة وتقويض أي أفق لحل الدولتين.

وبحسب موقع "واي نت" العبري، من المقرر أن تناقش لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلي اقتراحا يمنح المستوطنين الحق في شراء الأراضي في الضفة الغربية، حتى داخل البلدات الفلسطينية، وذلك بعد قرار الحكومة السماح بتحويل الأراضي في الضفة الغربية إلى "أراضي دولة" إسرائيلية.

ويترافق هذا المشروع مع سلسلة من مشاريع القوانين "الصغيرة" التي يرى مراقبون أنها ستؤدي إلى تغييرات بعيدة المدى في الواقع على الأرض، بعد إعادة الحكومة الإسرائيلية تسمية الضفة الغربية بـ "يهودا والسامرة".

وقد عبر وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش عن هذا التوجه بوضوح، قائلاً "سنزيل الخطر على الدولة الإرهابية الفلسطينية"، في إشارة إلى سعيه لتقويض أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ويشير التقرير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تواصل الترويج بقوة لما يوصف بأنه "ضم فعلي" للضفة الغربية. ومن المتوقع أن تجتمع لجنة الشؤون الخارجية والدفاع لمناقشة مشروع قانون "إلغاء التمييز في شراء الأراضي في يهودا والسامرة"، والذي يمنح المستوطنين الحق في شراء الأراضي خارج الخط الأخضر، بما في ذلك داخل المجتمعات الفلسطينية القائمة، وإنشاء مجتمعات استيطانية لا تخضع لرقابة فعلية من الدولة. فيما يحذر مراقبون من أن هذا الاقتراح قد يشعل فتيل التوتر في المنطقة ويثير تصعيدا خطيرا في الضفة الغربية.

ويأتي هذا التحرك الإسرائيلي في وقت تشهد فيه العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة فتورا ملحوظا، حيث يعمل أعضاء الائتلاف الحاكم على الدفع بسلسلة من مشاريع القوانين التي تبدو صغيرة، ولكنها تسعى مجتمعة إلى إحداث تغييرات جذرية في الواقع الأمني والسياسي في الضفة الغربية.

وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تناقش لجنة الرقابة على صندوق مواطني إسرائيل ربط الغاز الطبيعي في الضفة الغربية بالمستوطنات الإسرائيلية، بمشاركة وزير الطاقة والبنية التحتية إيلي كوهين، في خطوة أخرى لتعزيز الاندماج الاقتصادي للمستوطنات مع إسرائيل. وفقا للتقرير.

وقد وافقت اللجنة القانونية في الكنيست بالفعل على مشروع قانون يهدف إلى ترسيخ مصطلح "يهودا والسامرة" كاسم رسمي للضفة الغربية في جميع التشريعات الإسرائيلية، وهو ما يعتبره الفلسطينيون والمجتمع الدولي محاولة لتطبيع الاستيطان وترسيخه بشكل دائم.

وتشمل مشاريع القوانين الأخرى قيد التشريع، حسب التقرير، نقل سلطة العمل على المواقع الأثرية في الضفة الغربية من الجيش الإسرائيلي إلى سلطة الآثار الحكومية، وتعديل قانون تجميد الأموال التي تدفعها السلطة الفلسطينية لعائلات الأسرى والشهداء، مع اقتراح بتقديم إسرائيل تعويضات للسلطة الفلسطينية عن السيارات الإسرائيلية المسروقة، في خطوة يراها الفلسطينيون محاولة لابتزازهم.

وتتوج هذه الإجراءات بقرار صادق عليه المجلس السياسي والأمني الإسرائيلي، والذي يقضي ببدء مديرية الاستيطان التابعة لوزير المالية سموتريتش ووزير الدفاع يسرائيل كاتس في إجراء مسوحات للأراضي في مناطق الضفة الغربية، بهدف ضم المزيد من الأراضي كـ "أراضي دولة" إسرائيلية.

ويهدف هذا القرار الذي أيده كاتس وسموتريتش إلى استئناف عملية تسوية الأراضي الرسمية من قبل إسرائيل ووقف ما يصفونه بـ"محاولات السلطة الفلسطينية لتنفيذ إجراءات تسوية أراض غير قانونية" في المنطقة المصنفة "ج".

وجاء في بيان مشترك للوزيرين سموتريتش وكاتس أن "إجراءات الاستيطان التي تقوم بها السلطة الفلسطينية في المنطقة (ج) تتم بدون سلطة، وأن منتجاتها ستكون بدون صلاحية قانونية أو وضعية في أي إجراء رسمي في إسرائيل".

وأضاف البيان أنه "سيتم توجيه المؤسسة الأمنية للعمل على منع استمرار التسوية الفلسطينية، بما في ذلك منع دخول المهنيين إلى المنطقة، وعرقلة المساعدات الأجنبية للتسوية، والمطالبة بشكل مباشر من السلطة الفلسطينية بإلغاء نشاطها في هذه المنطقة".

وتابع "سيأمر وزير الدفاع أيضا بتجديد عملية تسوية الأراضي في يهودا والسامرة من قبل السلطات الإقليمية الإسرائيلية، بالإضافة إلى تشكيل فريق وزاري مشترك لاستكمال الاستعدادات المهنية والقانونية والمالية لتنفيذ هذه الخطوة في غضون 60 يوما".

ويرى التقرير أن سلسلة الإجراءات الإسرائيلية المتسارعة، والتي بدأت بإضعاف الإدارة المدنية، وإنشاء مديرية التنظيم، وتقييد تراخيص البناء الفلسطينية، وتوسيع البؤر الاستيطانية الزراعية، والإعلان عن مناطق واسعة كـ "أراضي دولة"، تتوج الآن بخطوة أكثر جذرية يقودها سموتريتش، فبعد إلغاء المسوحات الفلسطينية للأراضي، يعتزم إجراء مسوحات جديدة بهدف الاستيلاء على المزيد من الأراضي، بما في ذلك تلك التي يملكها فلسطينيون بملكية موثقة منذ الحكم الأردني.

ويكشف التقرير أن "الأراضي الفلسطينية الخاصة" تشكل عقبة أمام التوسع الاستيطاني، لكن قرار الحكومة الجديد يهدف إلى تجاوز هذه العقبة، فبإخضاع هذه الأراضي لمسوحات جديدة من قبل إدارة سموتريتش، سيتم الإعلان عن أي أراضٍ "يتم العثور عليها" كـ "أراضي دولة"، مما يفتح الباب أمام المزيد من التوسع الاستيطاني.

وصرح الوزير كاتس بأن هذا القرار "يلغي محاولات السلطة الفلسطينية للسيطرة على الأراضي" ويهدف إلى "تسوية لتسجيل الأراضي في يهودا والسامرة". وربط كاتس بين الاستيطان والأمن، معتبرا المستوطنات "جدارا دفاعيا" لإسرائيل.

ومن جانبه، أعلن سموتريتش عن "ثورة تطبيع وسيادة فعلية" في الضفة الغربية، مؤكدا أن إسرائيل "لأول مرة، تتولى مسؤولية هذه المنطقة كدولة ذات سيادة دائمة" وتبدأ في "تطبيق تسوية للأراضي".

وادعى أن هذه التسوية ستوفر "استقرارا قانونيًا" وتتيح "تطوير المستوطنات"، بينما تمنع "مساعي السلطة الفلسطينية للسيطرة على المناطق المفتوحة" وتقضي على "خطر قيام دولة إرهابية فلسطينية".

وقد حذر يوحنان تزوريف، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي والخبير في الشؤون الفلسطينية، من أن هذه الخطوات تمثل نوعا من "الضم غير الرسمي" الذي تقوم به إسرائيل، مؤكدًا أن "هذه هي مهمة سموتريتش الحياتية، الذي يريد ترسيخ الحقائق على الأرض التي ستمنع بأي ثمن أي إمكانية للتوصل إلى اتفاق سياسي يشمل دولتين وتجبر إسرائيل على تقديم تنازلات إقليمية في هذه الأراضي"، موضحا "إذا كانوا في الماضي يفعلون ذلك بعناية أكبر، فإنهم اليوم يفعلون ذلك باستخدام المنشطات بكل بساطة."

ويرى تزوريف أن هذه الخطوات التشريعية سيكون لها آثار بعيدة المدى، محذرًا من أنه "عاجلا أم آجلا، سوف يُنظر إلى إسرائيل على أنها دولة لا تريد أي تسوية".

وأضاف "مع مرور السنين، يبدو أن إسرائيل لا تريد السلام. والحكومات اليمينية ليس لديها أي رغبة في العيش معًا هنا... نحن في لحظة تاريخية صعبة للغاية بالنسبة لدولة إسرائيل. إذا لم نعد إلى رشدنا ونفهم أننا جزء من المنطقة وأننا بحاجة إلى الاندماج فيها، فسيكون الأمر خطيرًا."

ويشير التقرير إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد لا يرى أن السماح بهذه التحركات أمر صحيح، "لكنه يواجه بالفعل صعوبة في وقفها لأنه يعتمد على هذه الأحزاب" اليمينية المتطرفة في ائتلافه الحاكم.