في مدينة السلام البلجيكية: تأملات في الحرية والكرامة الإنسانية أمام الديكتاتورية
في لحظة تاريخية تجمع بين الذاكرة والأمل، زارت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، مدينة إيبريس البلجيكية التاريخية بدعوة من عمدتها كاترين ديسومير. كانت الزيارة، التي شهدت لقاءات مع رئيس الوزراء البلجيكي السابق إيف ليتيرم، وجولة في متحف "في حقول فلاندرز"، وخطابًا في قاعة المدينة، ومشاركة في مراسم "النداء الأخير" عند بوابة مينين، رسالة قوية تجمع بين تكريم تضحيات الحرب العالمية الأولى ودعوة لإنهاء الديكتاتورية في إيران. رجوي، التي وصفت إيبريس بـ"مدينة السلام"، ربطت بين معاناة الماضي ونضال الشعب الإيراني الحالي، مؤكدة أن "حرية إيران حاجة للعالم بأسره".
إيبريس: رمز السلام والتذكر
رحبت عمدة إيبريس برجوي بحرارة، وردت رجوي بوصفها "أختي العزيزة"، مشيدة بالتزام المدينة بالسلام. في خطابها بقاعة المدينة، قالت رجوي: "إيبريس مدينة تتحدث تاريخها إلى العالم. كل ليلة في الساعة الثامنة، تذكرنا بدروس الحرب وتعطي أملًا لمن يناضلون من أجل الكرامة الإنسانية والسلام والحرية". وصفت المدينة، التي دمرت في الحرب العالمية الأولى وشهدت استخدام غاز الخردل، بأنها "تذكير أخلاقي بثمن الحرب وقيمة السلام". أعربت عن تأثرها العميق بزيارة متحف "في حقول فلاندرز": "في كل خطوة وصورة وصوت، شعرت بألم وأمل الذين قاتلوا وماتوا هنا قبل مائة عام. في قاعاته صمت أثقل من الكلمات ورسالة أقوى من الخطب، تؤكد قيم السلام والكرامة الإنسانية".
رؤية لإيران: نضال ضد الديكتاتورية الدينية
انتقلت رجوي إلى الواقع الإيراني، مقارنة تضحيات إيبريس بنضال شعبها: "منذ أكثر من أربعة عقود، نكافح ديكتاتورية دينية معادية للإنسانية والسلام. أكثر من 100 ألف من أعضاء هذه المقاومة قدموا أرواحهم لإنهاء هذا النظام البربري". أبرزت انتهاكات النظام لحقوق الإنسان: "بالإضافة إلى القتل، هاجم النظام كرامة شعبنا بهمجية النساء، والتمييز الديني، والقواعد الدينية الإجبارية، وإنكار حقوق الأقليات العرقية، ورفض حق الشعب في الحرية والاختيار الحر، بما في ذلك حرية النساء في اختيار ملابسهن". كررت شعارات المقاومة: "لا للحجاب الإجباري، لا للدين الإجباري، لا للحكم الإجباري". أكدت أن الحركة تخوض "معركة صعبة من أجل الحرية والكرامة الإنسانية والمساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان".
دعت رجوي المجتمع الدولي: "طالما بقي نظام الإعدامات والمجازر في السلطة، فالسلام في المنطقة والعالم مهدد. هذا النظام قضى معظم تاريخه في الحرب والعدوان والإرهاب. أكرر هنا، كما في البرلمان الأوروبي أمس: حرية إيران حاجة للعالم بأسره. في مدينة السلام هذه، ندعو الجميع للاعتراف بنضال الشعب الإيراني لإنهاء النظام، وشجاعة جيله الشاب في مواجهة القمع".
مراسم النداء الأخير: تكريم التضحيات
اختتمت الزيارة بمشاركة رجوي في مراسم "النداء الأخير" عند بوابة مينين، حيث وضعت الزهور تكريمًا لمن ضحوا من أجل السلام والحرية. وصفتها بأنها "أكثر من تذكر ضحايا الحرب؛ إنها صرخة التاريخ لأطفال الإنسانية الأبرياء الذين عانوا، وفي الوقت نفسه تكريم لهم".
سياق أوسع: رسالة للعالم
تأتي زيارة رجوي في سياق تصاعد الضغوط على النظام الإيراني، مع اقتراب تفعيل آلية "الماشه" لإعادة العقوبات الدولية. رجوي، التي سبق أن أكدت في البرلمان الأوروبي أهمية حرية إيران للسلام العالمي، تربط بين تاريخ إيبريس ونضال شعبها، داعية إلى دعم دولي للمقاومة المنظمة كبديل ديمقراطي. هذه الزيارة ليست مجرد حدث تذكاري، بل دعوة للعالم للاعتراف بأن إنهاء الديكتاتورية في إيران ضرورة للاستقرار الإقليمي والعالمي.
في مدينة السلام، أعادت رجوي التأكيد على أن "حرية إيران حاجة للعالم"، مشددة على شجاعة الجيل الشاب الإيراني في مواجهة القمع. هذه الرسالة، المبنية على تضحيات تاريخية، تذكر العالم بأن السلام الحقيقي يتطلب مواجهة الديكتاتوريات أينما كانت.