صفقة ضخمة.. «الناتو» يعزز جناحه الشمالي بـ«قاتلة الغواصات»
في خطوة اعتُبرت الأكبر في تاريخها الدفاعي، أبرمت النرويج صفقة عسكرية ضخمة مع المملكة المتحدة لشراء فرقاطات متطورة من طراز "تايب 26".
هذه الصفقة لا تقتصر على تحديث الأسطول النرويجي فحسب، بل ترسّخ أيضا تعاونا بحريا وثيقا مع البحرية الملكية البريطانية، لتشكيل قوة مشتركة تضم 13 سفينة مخصّصة للحرب المضادة للغواصات، في وقت يشهد شمال أوروبا توترا متصاعدا مع روسيا.
موقع استراتيجي
رغم قصر الحدود البرية التي تجمع النرويج وروسيا نسبيا مقارنة بجارتها فنلندا، إلا أن موقع أوسلو يمنحها وزنا استراتيجيا خاصا داخل "الناتو"؛ فخطها الساحلي الممتد إلى ما وراء الدائرة القطبية الشمالية يفتح لها منفذاً مباشراً إلى بحري النرويج والبارنتس، وهما ممران رئيسيان للأسطول الروسي في طريقه نحو شمال الأطلسي.
وبالنظر إلى أن الغواصات الروسية تنطلق عادة من قواعدها في مورمانسك عبر هذه المسارات، تبرز النرويج بوصفها لاعبا أساسيا في جهود الحلف لمراقبة النشاط البحري الروسي، خصوصا مع تزايد المخاوف من هجمات وتخريب يستهدف البنية التحتية الأوروبية تحت سطح البحر
فرقاطات "تايب 26"
الفرقاطات الجديدة، المعروفة أيضاً باسم فئة "سيتي"، تمثل جيلاً متقدما من السفن القتالية المصممة خصيصا لمطاردة الغواصات. فهي مزوّدة بهياكل "صامتة صوتياً" تقلل من البصمة الصوتية تحت الماء، ومنظومات سونار متطورة للكشف النشط والسلبي، إلى جانب أنظمة إنذار مبكر من الطوربيدات ورادارات عالية الكفاءة.
ورغم أن مهمتها الأساسية هي الحرب المضادة للغواصات، فإن هذه السفن مجهّزة كذلك لمهام أخرى تشمل الدفاع الجوي والاشتباكات البحرية، بفضل مدفع بحري عيار 5 بوصات بمدى يصل إلى 20 ميلا بحريا، ومنصات إطلاق لصواريخ اعتراضية، ونظامي "فالانكس" للدفاع القريب، ومدفعين عيار 30 ملم، فضلاً عن أسلحة رشاشة متعددة الاستخدامات.
ومن المقرر أن تدخل أولى هذه الفرقاطات الخدمة في الأسطول البريطاني خلال العقد الحالي، فيما ستبدأ النرويج باستلام سفنها عام 2032.
وأكدت أوسلو أن المواصفات التقنية لنسختها ستكون مطابقة تقريباً لنظيراتها البريطانية.
روسيا والغواصات
في المقابل، تمتلك روسيا واحدا من أكبر أساطيل الغواصات في العالم، يضم نحو 64 غواصة نشطة.
وتعد مراقبة هذه التحركات البحرية جزءا محوريا من استراتيجية الناتو، حيث لا يقتصر الأمر على السفن فحسب، بل يشمل -أيضا- طائرات الدورية البحرية مثل بوينغ بي-8 بوسيدون التي تشغّلها النرويج بالفعل.
كما تخطط أوسلو لتجهيز فرقاطاتها الجديدة بمروحيات مضادة للغواصات لم يتم تحديد نوعها بعد.
ويرى مراقبون أن الصفقة لا تقتصر على تعزيز القدرات العسكرية للنرويج فحسب، بل تمثل جزءا من استراتيجية أشمل تهدف إلى تكريس تفوق "الناتو" البحري في الشمال الأوروبي.
وفيما يواصل الكرملين الاستثمار في أسطوله البحري، يسعى الحلف إلى ضمان السيطرة على الممرات البحرية الحيوية في شمال الأطلسي، وحماية البنى التحتية التي باتت هدفاً محتملاً لهجمات تحت سطح البحر، وفق مراقبين.