ذاكرة «الفناء النووي» حاضرة.. مشاهد من «جحيم» هيروشيما وناغازاكي

وكالة أنباء حضرموت

80 عاما مرت على أول وآخر استخدام للسلاح النووي، حين ألقت أمريكا قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي باليابان.

كل تلك العقود مرت ولم ينس العالم مشاهد الدمار التي خلفها القصف النووي، لكن رغم ذلك زادت التهديدات وتعاظمت احتمالات تكرار الكارثة في ظل تفاقم التوترات السياسية والمواجهات العسكرية التي تقف فيها القوى النووية على طرفي نقيض.

ترامب يرد على مدفيديف بنشر غواصات نووية
الحالة الخطرة جسدها تحذير خطير أطلقته تولسي غابارد مديرة الاستخبارات الأمريكية بشأن خطر الأسلحة النووية.

وحذّرت غابارد من "كارثة نووية" فيما شنت هجوما على دعاة الحرب الذين يقربون العالم من "حافة الفناء النووي" أكثر من أي وقت مضى.

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أمر قبل أيام بنشر غواصتين نوويّتين ردا على تصريحات الرئيس السابق لروسيا، دميتري ميدفيديف، الذي قال إن تحديد ترامب مهلة لموسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا، هو بمثابة "تهديد وخطوة نحو الحرب".

ربما يكون في إحياء اليابان هذا الأسبوع ذكرى مرور 80 عاما على قصف هيروشيما وناغازاكي إبان الحرب العالمية الثانية، رادعا لتلك التوجهات، لما تحمله من تذكير بمآس غير مسبوقة عاشها ملايين السكان.

وأدت القنبلة الأولى التي ألقيت يوم السادس من أغسطس/آب 1945 إلى مقتل حوالى 140 ألف شخص في هيروشيما، وبعد ثلاثة أيام، قتل 74 ألف شخص في ناغازاكي.

وفيما يلي بعض الحقائق عن الهجومين المدمّرين:
القنبلتان
ألقت القاذفة الأمريكية "إينولا غاي" القنبلة الذرية الأولى على مدينة هيروشيما في غرب اليابان.

انفجرت القنبلة على ارتفاع 600 متر عن الأرض بقوّة بلغت ما يعادل 15 ألف طن من التي إن تي.

وقتل عشرات آلاف الأشخاص فورا بينما توفي آخرون جراء جروح أو أمراض أصيبوا بها نتيجة الهجوم في الشهور والسنوات التي تلت.

وبعد ثلاثة أيام، ألقت الولايات المتحدة قنبلة ثانية على مدينة ناغازاكي الجنوبية.

وما زال الهجومان المرة الوحيدة التي استخدمت فيها القنابل الذرية أثناء الحروب.

الهجومان
في هيروشيما، كانت "كرة النار الكثيفة" أول ما لاحظه الناس، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

ووصلت درجات الحرارة قرب موقع الانفجار إلى 7000 درجة مئوية تقريبا، ما أدى إلى تفحّم كل ما يقع ضمن نطاق ثلاثة كيلومترات.

وقال كويتشي وادا، وهو شاهد على الحدث كان يبلغ من العمر 18 عاما عندما وقع هجوم ناغازاكي "أتذكر جثث الأطفال المتفحّمة وهي متناثرة كالحجارة في المنطقة التي شكّلت مركز" الهجوم.

يفيد خبراء اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن حالات عمى مؤقت أو دائم بسبب شدّة الوميض وأضرار لاحقة مثل حالات إعتام عدسة العين.

وأدت زوبعة الحرارة الشديدة التي ولّدها الانفجار إلى اندلاع حرائق أتت على أجزاء كبيرة من المدينة الخشبية بمعظمها. وتسببت الحرائق الكبيرة التي التهمت كل الأكسجين المتوفر بسقوط مزيد من الوفيات جراء الاختناق.

وتشير تقديرات إلى أن ضحايا الحرائق وحالات الاحتراق يشكّلون أكثر من نصف الوفيات المباشرة في هيروشيما.

أحدث الانفجار هزّة ضخمة أدت إلى تطاير الناس في الهواء فيما سُحق آخرون تحت الأبنية المنهارة أو قتلوا أو جرحوا بالركام المتناثر.

تأثيرات إشعاعية
سجّلت حالات تسمم إشعاعي بعد الهجوم في أوساط كثيرين ممن نجوا من الانفجارات الأولى والعواصف النارية.

وشملت الأعراض الحادة التقيؤ وآلام الرأس والغثيان والإسهال والنزيف وتساقط الشعر، علما بأن التسمم الإشعاعي يتسبب بالوفاة لكثيرين في غضون أسابيع أو أشهر.

وواجه الناجون الذين عرفوا باسم "هيباكوشا" تأثيرات طويلة الأمد شملت ازدياد مخاطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية واللوكيميا. وشهدت كل من هيروشيما وناغازاكي ازديادا بحالات الإصابة بالسرطان.

ومن بين 500 ألف ضحية إشعاعات من المدينتين أجرت "مؤسسة أبحاث التأثيرات الإشعاعية اليابانية الأمريكية" دراسات عليهم، توفي حوالى 100 من اللوكيميا فيما عانى 850 من سرطانات ناجمة عن الإشعاعات.

ولم تعثر المجموعة على أية أدلة على تسجيل "زيادات كبيرة" في التشوهات الخلقية في أوساط أبناء الناجين.

التداعيات
سدد الهجومان الضربة القاضية للإمبراطورية اليابانية التي استسلمت في 15 أغسطس 1945، ليؤذن بانتهاء الحرب العالمية الثانية.

ودار نقاش بين المؤرّخين بشأن إن كان الهجوم الذري أنقذ حياة كثيرين في نهاية المطاف عبر وضع حد للنزاع ومنع وقوع غزو بري.

لكن هذه الحسابات لا تعني الكثير بالنسبة للناجين الذين عانى الكثير منهم من الصدمة الجسدية والنفسية على مدى عقود، فضلا عن الوصمة التي رافقت أحيانا الـ"هيباكوشا".

ورغم معاناتهم، تم تهميش العديد من الناجين، خصوصا في ما يتعلّق بالزواج، نتيجة الأحكام المسبقة بشأن تعرّضهم للإشعاعات.

وبات الناجون وأنصارهم من بين الأصوات الأعلى والأقوى ضد الأسلحة النووية، حتى أنهم التقوا قادة عالميين دفاعا عن قضيتهم.

والعام الماضي، فازت مجموعة "نيهون هيدانكيو" التي أسسها "هيباكوشا" بجائزة نوبل للسلام.

وعام 2016، أصبح باراك أوباما أول رئيس أمريكي في منصبه يزور هيروشيما. ولم يقدّم أي اعتذار عن الهجوم، لكنه عانق الناجين ودعا إلى عالم خال من الأسلحة النووية.