استبعاد مؤقت لشبح المواجهة بين ميليشيات طرابلس ومصراتة بعد حادثة القابضة للاتصالات
تسعى سلطات طرابلس إلى تهدئة الأوضاع في العاصمة والحؤول دون اندلاع مواجهات دموية بين ميليشيات محلية وأخرى قادمة من مدينة مصراتة على خلفية صراع النفوذ حول المؤسسات المالية والاقتصادية وتقاسم السلطة فيها على أساس الانتماءات الجهوية والقبلية والمناطقية والحزبية.
وأعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة تسلّمها تأمين مقر الشركة القابضة للاتصالات في العاصمة طرابلس.
وقالت في بيان إن “جميع الأطراف تعهدت بعدم التدخل في عمل مؤسسات الدولة أو التأثير على سير إدارتها،” وذلك في ظل استخدام الشركة في الصراع الأمني بالعاصمة.
وشددت الوزارة على فرض سلطة القانون وضمان حيادية المؤسسات العامة، فيما تم تداول صور على مواقع التواصل تظهر عناصر ومركبات تابعة من قسم شرطة النجدة في مقر الشركة مساء الخميس.
وأعلنت مديرية أمن طرابلس تسلّم شرطة النجدة مهام تأمين مقر الشركة القابضة للاتصالات، وأوضحت أن هذا الإجراء يأتي تنفيذا لما ورد في كتاب وزير الداخلية الموجّه إليها بشأن استلام مهام تأمين مقر الشركة القابضة للاتصالات، وبناءً على التعليمات الصادرة من مدير أمن طرابلس.
وأضافت المديرية أن دوريات شرطة النجدة باشرت مهامها الأمنية فور استلام المقر وذلك في إطار خطة أمنية شاملة تهدف إلى تأمين المرافق الحيوية والحفاظ على سلامة العاملين والممتلكات وتأكيداً لحرص وزارة الداخلية على فرض النظام وتعزيز الاستقرار في المؤسسات الإستراتيجية.
وكان مسلحون محسوبون على ميليشيا دعم الاستقرار التي يتزعمها عبدالغني الككلي، نفذوا الاثنين الماضي عملية اقتحام ورماية داخل مبنى القابضة للاتصالات في منطقة النوفليين واختطاف رئيس مجلس الإدارة صلاح الدين الناجح ونائبه رئيس مجلس إدارة شركة هاتف ليبيا يوسف أبوزويدة واقتيادهما إلى وجهة مجهولة قبل أن يتم الإفراج عنهما لاحقا بعد وصول تحذيرات جدية من هجوم كاسح قد تشنه ميليشيات مدينة مصراتة على العاصمة طرابلس، وهو ما تم اعتباره جزءا من صراع النفوذ على مؤسسات الدولة بين الميليشيات المتنافسة على نهب إيراداتها.
وأعلن عن تعرض أربع موظفين لإصابات أثناء الهجوم على مقر القابضة للاتصالات، من بينهم أبوزويدة الذي نقل بعد الإفراج عنه إلى تونس لتلقي الإسعافات الأولية قبل عودته إلى مصراتة حيث تم استقباله من قبل الفعاليات العسكرية والاجتماعية بالمدينة.
وكان أعيان مصراتة قد توجهوا إلى طرابلس للإعراب عن رفضهم الشديد للهجوم الذي تعرض له مقر القابضة للاتصالات والاعتداء الذي استهدف أبوزويدة، وأكدوا أنهم سيتخذون الموقف المناسب من المجلس الرئاسي ورئيسه محمد المنفي ومن ميليشيا الككلي، فيما أصدر قادة كتائب ثوار مصراتة بيانا ضمنوه إدانة شديدة للاعتداء على الدكتور أبوزويدة داخل مكتبه، ووصفوا الحادث بالجبان والمهين لكرامة أبناء مصراتة كافة، مؤكدين على مكانة أبوزويدة الوطنية ومواقفه المشهودة.
حراك شباب طرابلس الكبرى أصدر بيانا حذر فيه من تحركات عسكرية تشهدها أطراف العاصمة الليبية
ووجه البيان تحذيرا صارما من تكرار الاعتداءات على رموز المدينة، وأكدوا أن أي استهداف جديد سيعد عدوانًا مباشرًا وسيقابل برد حازم، داعين الجهات الرسمية، وعلى رأسها النائب العام، لتحمل مسؤولياتها، و”كل الأحرار في ليبيا للوقوف صفا واحدًا ضد الاعتداءات.”
بالمقابل، أصدر حراك شباب طرابلس الكبرى بيانا حذر فيه من تحركات عسكرية تشهدها أطراف العاصمة، معتبرًا أنها تهدف لفرض أمر واقع وإشعال الحرب داخل المدينة.
وأكد البيان رفض الحراك لأيّ محاولات لزعزعة استقرار طرابلس، مشددًا على أن “المساس بأمن العاصمة خط أحمر،” ومتوعدا بالتصدي لأيّ تصعيد محتمل.
وحمّل الحراك المجلس الرئاسي مسؤولية ما وصفه بـالصمت المريب تجاه هذه التحشيدات، داعيا إلى اتخاذ موقف واضح وحازم لوقف ما يحدث.
والثلاثاء الماضي، أصدر الدبيبة بصفته رئيس الجمعية العمومية للشركة القابضة للاتصالات، قرارا بإيقاف رئيس مجلس إدارة الشركة، صلاح الدين الناجح، عن العمل، وتكليف نائبه، يوسف إبراهيم حسين أبوزويدة بتسيير مهام مجلس الإدارة إلى حين انعقاد الجمعية العمومية.
ورأى مراقبون، أن حادثة الهجوم على مقر القابضة للاتصالات أعطت الدبيبة مبرر الإطاحة برئيس مجلس الإدارة في ظل خلافات حادة بين الظرفين.
وفي أبريل الماضي، دعا الدبيبة، مجلس الإدارة الجديد للشركة القابضة للاتصالات إلى “الإفصاح الكامل والمنظم عن كل إيرادات وأرباح الشركة،” مشدداً على “ضرورة التزام الشفافية المالية، بما يعزز ثقة الدولة والمواطنين في أداء المؤسسات العامة.”
وتشير مصادر مطلعة إلى أن حكومة الدبيبة نجحت في تحقيق استبعاد مؤقت للمواجهة بين ميليشيات طرابلس ومصراتة وسط العاصمة، ولكن ذلك لا يعني تجاوز نذر الصراع القادم، والذي تهدف من ورائه بعض الأطراف إلى العودة بغرب ليبيا إلى مربع العنف بما يؤدي إلى عرقلة الحل السياسي وإبقاء الوضع الحالي في مراكز القرار السياسي على ما هو عليه.