تريليون دولار تحت الضغط.. كيف تنعكس الرسوم على الاقتصاد الأمريكي؟
كشفت وكالة «إس آند بي غلوبال» أن المستهلك الأمريكي هو من يدفع فاتورة السياسات التجارية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبحسب تقرير نشرته مجلة "Fortune"، فإن فرض الرسوم الجمركية، أدى إلى ما يشبه "عصر ضغط مالي" على الشركات الأمريكية، بإجمالي خسائر تتجاوز تريليون دولار. ورغم أن الهدف كان تحميل الأعباء للمصدّرين الأجانب، فإن معظم التكاليف انتهت عند المستهلك الأمريكي.
صندوق النقد يتوقع نموا أقوى في أمريكا والعالم رغم تصاعد الرسوم
وقال التقرير إن نحو ثلثي الخسائر التي تتكبدها الشركات بسبب الرسوم يتم تعويضها من خلال رفع الأسعار، مما يعني أن المستهلكين يدفعون الجزء الأكبر من الفاتورة. ورغم أن الإيرادات قد تبدو مستقرة، فإن ما يُعرف بـ"الإنتاج الحقيقي" -أي حجم السلع الفعلي المنتَج- يشهد تراجعًا ملحوظًا، مما يعكس انخفاض الكميات وارتفاع الأسعار.
جدل حول من يتحمّل العبء
ولا يزال الجدل قائمًا في الأوساط الاقتصادية الأمريكية حول الطرف الأكثر تضررًا من الرسوم. وفي خطاب له، قال كريستوفر والر، عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، إن تأثير الرسوم على التضخم كان محدودًا نسبيًا، ويركز بشكل أساسي على الأسر ذات الدخل المرتفع.
وأوضح أن أعلى 10% من أصحاب الدخول يمثلون 22% من الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة، ما يجعلهم الأكثر تأثرًا. كما أشار إلى أن التأثير على الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط كان ضئيلًا أو شبه معدوم، وأن قوتهم الشرائية لم تتأثر بشكل كبير حتى الآن.
ورغم الجدل، تؤكد الإدارة الأمريكية تمسكها بسياساتها التجارية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض كوش ديساي لمجلة Fortune إن الأمريكيين قد يواجهون فترة انتقالية بعد فرض الرسوم، لكن الهدف الاستراتيجي هو إعادة التوازن لنظام تجاري "مختل".
وأضاف أن الرسوم بدأت بالفعل تدفع العديد من الشركات إلى إعادة هيكلة سلاسل التوريد، إما من خلال تنويع مصادر الاستيراد أو إعادة التصنيع إلى الداخل الأمريكي (onshoring)، بما يحقق أهداف ترامب في دعم التصنيع المحلي وتقليل الاعتماد على الخارج.
تقديرات متحفظة
وفقًا لـ S&P Global، فإن الخسائر البالغة 1.2 تريليون دولار قد تكون أقل من الواقع، لأن التقديرات تستند إلى بيانات شركات كبرى فقط. أما الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي غالبًا ما تكون أكثر هشاشة وأقل تنوعًا، فقد تكون خسائرها أكبر وغير محسوبة بدقة.
ويحذّر محللو الوكالة من أن استمرار هذا الضغط المالي قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات، أو إلى قرارات تسعيرية أكثر حدة، مما قد يفاقم التضخم أو يؤدي إلى خفض في التوظيف والإنتاج.
وفي الوقت الذي تراهن فيه إدارة ترامب على أن الرسوم ستعيد التوازن التجاري لمصلحة الولايات المتحدة، يرى العديد من الاقتصاديين أن التكلفة القصيرة والمتوسطة الأجل يدفعها الأمريكيون مباشرة، سواء عبر ارتفاع الأسعار أو انخفاض تنوع المنتجات المتاحة.
ومن المتوقع أن يستمر الجدل السياسي والاقتصادي حول فعالية هذه الرسوم في تحقيق أهدافها، مقابل تأثيرها على القدرة الشرائية للمستهلكين. وبينما تؤكد الإدارة أن الفوائد ستظهر لاحقًا، تشير البيانات الحالية إلى أن العبء الفعلي يتحمله الأفراد والشركات في الوقت الراهن.