«إم 1 إي 3».. جيل جديد من الدبابات الأمريكية بفكر روسي–صيني

وكالة أنباء حضرموت

في مشروع يُوصف بأنه «أجرأ» خطوة في تطوير الدبابات الغربية منذ نصف قرن، تسابق الولايات المتحدة الزمن لإتمام النموذج الأوّلي من دبابتها الرئيسية الجديدة "إم 1 إي 3 أبرامز" قبل نهاية هذا العام.

القرار، الذي اتخذته القوات البرية الأمريكية عام 2023، جاء بإنهاء سلسلة التحديثات التدريجية لطراز "إم 1 إيه 2 أبرامز"، واستبدالها بخطة تصميم شاملة تعيد صياغة فلسفة القوة المدرعة الأمريكية من الصفر، وفقًا لمجلة مليتري ووتش.

وبحسب محللين عسكريين، جاء هذا التحوّل مدفوعًا بتجارب الحرب الأوكرانية، التي كشفت عن قصورٍ خطيرٍ في التصاميم الغربية التقليدية. فقد أظهرت دبابات مثل "إم 1 إيه 1 أبرامز" و"ليوبارد 2 إيه 6" ضعفًا أمام الضربات الحديثة، سواء من الطائرات المسيّرة أو الصواريخ المضادة للدروع، ما أدى إلى خسائر فادحة وشكاوى متكررة من القوات الأوكرانية التي تعتمد عليها في الميدان.

الدبابة تايب 100 الصينية
تاريخيًا، ظلت تحديثات الأبرامز منذ دخولها الخدمة عام 1980 محافظة ومحدودة، لكن النسخة الجديدة "إم 1 إي 3" تمثل قفزة إلى الجيل الرابع من الدبابات، مع تبنّي فلسفة تصميم مستوحاة جزئيًا من التجارب الروسية والصينية الحديثة، مثل الدبابة الروسية "تي-14 أرماتا" والصينية "تايب 100".

تصميم ثوري وطاقم أصغر
أبرز ما يميز "إم 1 إي 3" هو دمج نظام تلقيم أوتوماتيكي للذخيرة، لتكون أول دبابة أمريكية وثاني دبابة غربية — بعد الفرنسية "لوكلير" — تعتمد هذه التقنية.

هذا التغيير سيسمح بتقليص الطاقم من أربعة أفراد إلى ثلاثة فقط، ورفع معدل إطلاق النار، على غرار ما فعله الاتحاد السوفياتي حين أدخل النظام ذاته في "تي-64" عام 1964.

دبابة إم1إيه2 أبرامز الأمريكية

وسيترافق ذلك مع برج مُدار عن بُعد يتيح وضع جميع أفراد الطاقم داخل كبسولة مدرعة موحّدة، ما يعزز الحماية الداخلية ويقلل من الخسائر البشرية في حال الإصابة المباشرة. هذا المفهوم، الذي سبق أن طُبّق في الدبابتين الروسية والصينية، يُعتبر اليوم الاتجاه المستقبلي في تصميم الدبابات حول العالم.

دبابات أبرامز أمريكية تعود للحرب الباردة
كما سيجرى تخفيض وزن الأبرامز الجديد إلى نحو 60 طنًا فقط، مقارنةً بأكثر من 80 طنًا في النسخ السابقة، ما يمنحها رشاقة ومناورة أعلى بكثير في الميدان. وهي خطوة تحاكي التجربة الصينية مع "تايب 100" الأخف وزنًا، التي أعادت التوازن بين الحماية والسرعة والفعالية العملياتية.

دروع ذكية ومحرك هجين
ولتعويض تقليل سماكة الدروع التقليدية، ستعتمد "إم 1 إي 3" على أنظمة حماية نشطة متقدمة قادرة على اعتراض المقذوفات قبل وصولها، إضافة إلى محرك هجين يوفر كفاءة في استهلاك الوقود تزيد بنسبة 40 في المئة عن المحرك التوربيني الحالي المعروف بشراهته للطاقة.

دبابة إم1إيه2 أبرامز الأمريكية

هذه الابتكارات لا تعزز فقط الأداء القتالي، بل تقلل أيضًا من البصمة اللوجستية للدبابة، وهو عامل حاسم في الحروب الحديثة الممتدة.

نقطة تحوّل
يرى الخبراء أن "إم 1 إي 3 أبرامز" تمثل منعطفًا تاريخيًا في الفكر العسكري الغربي، إذ تتخلى للمرة الأولى عن فلسفة “الدروع السميكة” لصالح المرونة والتكامل التقني بين أنظمة الدفاع والهجوم والاستشعار الذكي.

دبابة إم1إيه2 أبرامز الأمريكية

ويشبّه بعض المحللين هذا التحوّل بما حدث في منتصف السبعينيات، حين ظهرت دبابات الجيل الثالث مثل الأبرامز والليوبارد 2 والتشالنجر البريطانية، التي أعادت وقتها تعريف الحرب البرية.

دروس من الحرب الأوكرانية
كشفت تقارير استخباراتية أن القوات الأوكرانية فقدت بحلول يونيو/حزيران 2025 نحو 87% من دبابات أبرامز الأمريكية، إذ تم تدمير أو أسر 27 من أصل 31 دبابة أُرسلت إلى أوكرانيا. وهو ما شكّل صدمة في الأوساط الغربية التي كانت تراهن على الأبرامز لتغيير موازين المعركة.

وما بين الإرث الثقيل الذي تحمله الأبرامز كرمز للقوة الأمريكية، ومتطلبات ساحة القتال الحديثة التي باتت تحكمها السرعة، والذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيّرة، تمثل "إم 1 إي 3 أبرامز" أكثر من مجرد دبابة جديدة؛ فهي إعلان ولادة جيل جديد من الدروع الأمريكية يسعى لاستعادة ما فقده الغرب من تفوق في ساحات القتال الحديثة