لقاء عسكري وسياسي بين صدام حفتر وإبراهيم الدبيبة في روما

وكالة أنباء حضرموت

عقد نائب القائد العام للجيش الوطني الليبي الفريق الأول صدام حفتر، ومستشار رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها إبراهيم الدبيبة،  اجتماعا في العاصمة الإيطالية روما، وذلك في خطوة تمثل محاولة جديدة لتهدئة التوترات المتصاعدة في ليبيا.

اللقاء الذي جرى بحضور مسعد بولس، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هو الأول من نوعه "وجهاً لوجه" بين مبعوثي القادة الذين يسيطرون على شرق وغرب البلاد.

وأفادت وكالة الأنباء الإيطالية "نوفا" وصحيفتا "ريبوبليكا" و"كورييري ديلا سيرا" أن الاجتماع بحث قضايا أمنية وعسكرية وسياسية، بالإضافة إلى مسائل تتعلق بقطاع الطاقة، فيما أوضحت "ريبوبليكا" أن المسؤولين الإيطاليين كانوا على اتصال بوفدي صدام حفتر وإبراهيم الدبيبة.

ويأتي هذا اللقاء في وقت تشهد فيه العاصمة طرابلس تصعيدا أمنيا خطيرا، مما يشير إلى محاولة دولية وإقليمية لتجنب انزلاق البلاد نحو مواجهة عسكرية شاملة.

وأشارت "كورييري ديلا سيرا" إلى أن إيطاليا والولايات المتحدة تسعيان إلى إدارة هذه التوترات، لكن دور الوساطة النشط لا يقع على عاتق إيطاليا وحدها، بل على عاتق قطر والولايات المتحدة، اللتين تحاولان درء خطر تحول الأزمة الليبية إلى جبهة جديدة في المنطقة.

ويتزامن الاجتماع مع تحشيدات عسكرية خطيرة في طرابلس، حيث تقوم مجموعات مسلحة تابعة لحكومة الدبيبة بالتحرك، في مواجهة جهاز قوة الردع الخاصة لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بقيادة عبدالرؤوف التابع للمجلس الرئاسي.

وقد أعادت هذه التحشيدات، التي تتركز في مناطق تاجوراء وسوق الجمعة، إلى الأذهان كوابيس الحروب السابقة.

وطالبت البعثة الأممية لدى ليبيا جميع الأطراف بوقف كل أشكال التصعيد في طرابلس "بشكل عاجل"، والامتناع على الفور عن أية أعمال من شأنها تعريض المدنيين للخطر.

كما حذرت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا من التطورات الأمنية في طرابلس، داعية إلى تجنب أيِّ عملٍ يُهدِّد الاستقرار، ومطالبة جميع القوات الأمنية بالانسحاب فورا من المناطق العمرانية.

ولتعزيز سيطرته، أعلنت حكومة الدبيبة حالة الطوارئ في طرابلس ووقفا لإطلاق النار، إلا أن التوتر الأمني لا يزال قائما، مع تزايد الأنباء عن تحركات عسكرية محتملة باتجاه قاعدة معيتيقة، المعقل الرئيسي لجهاز الردع، مما يؤكد سعي الدبيبة لفرض نفوذه على كل القوى التي لا تدين له بالولاء الكامل.

وتضع هذه المناورات السياسية والعسكرية الدبيبة في قلب الأزمة، حيث يسعى لتقويض فرص إجراء انتخابات وتكريس واقع جديد عبر تحالفات ميدانية وإقليمية.

ويُعد جهاز الردع ثاني أكبر قوة مسلحة في طرابلس، ويسيطر على مرافق أمنية حساسة في طرابلس، أبرزها سجن معيتيقة ومطار معيتيقة، فيما تطالب حكومة الدبيبة بتسليمها للجهات الرسمية المختصة.

وعلى الجانب الآخر، يسيطر جهاز الردع، ثاني أكبر قوة مسلحة في طرابلس، على مرافق أمنية حساسة مثل سجن ومطار معيتيقة، حيث تصر حكومة الدبيبة على تسليم هذه المواقع للجهات الرسمية، وخصوصا السجن الذي في داخله عناصر تنظيمي القاعدة وداعش الذين ينادي رئيس دار الإفتاء الصادق الغرياني المعزول بالإفراج عنهم في أقرب وقت ممكن.

ولا يقتصر التوتر الأمني على هذه الجهات، فالعديد من القوى المسلحة الأخرى تنشط في العاصمة، مثل اللواء 444 المقرب من حكومة الدبيبة والذي تعرض معسكره لهجوم انتحاري في بني وليد.

ومع تصاعد التحشيدات العسكرية، يطالب سكان مناطق مثل تاجوراء وسوق الجمعة بوقف الصراع، محذرين من أن تمركز أي قوة بينهم يعد اعتداءً على السكان.

وقد أصدروا بيانات ترفض إشعال فتيل الحرب، وتدعو البعثة الأممية إلى التدخل وإيجاد حلول عاجلة.

ومن بين الحلول المطروحة، والتي كانت محور نقاش في اجتماع روما، وفق وكالة "نوفا" هي "تشكيل حكومة موحدة جديدة قادرة على تجاوز التوتر بين الحكومتين الحاليتين". وهذا المقترح، الذي سبق أن طرحته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، يُنظر إليه كطريق محتمل للخروج من الأزمة السياسية والأمنية المستمرة، لكنه يواجه تحديات كبيرة بسبب انعدام الثقة بين الأطراف المتنازعة.

وتؤكد هذه التطورات أن المسار نحو الاستقرار في ليبيا لا يزال طويلا وشائكا، وأن أي حل يتطلب جهودا دولية حقيقية وتوحيدا للقوى الداخلية، بالإضافة إلى مواجهة التحديات الأمنية المستمرة التي تهدد بتقويض أي تقدم.