مضاربات العملة في اليمن.. «المركزي» يحذر من الفخ و«أياد خفية» تتلاعب
شعر المواطن اليمني مختار اليريمي بصدمة وخيبة أمل بعد أن سارع إلى صرف كل ما يملكه من عملة صعبة "ريال سعودي"، عقب إعلان انخفاض أسعار الصرف بشكل مفاجئ وحاد خلال اليومين الماضيين.
اليريمي، الذي خشي على مدخراته من تكبد مزيد من الخسائر، يقول لـ"العين الإخبارية" إن تلك الانخفاضات لم تكن سوى مضاربة من شركات صرافة مخالفة، وفق تأكيدات البنك المركزي اليمني في عدن.
فبعد أن صرف مختار أمواله بسعر منخفض، عادت أسعار الصرف للارتفاع خلال ساعات، ليتكبد خسائر مالية كبيرة، شأنه شأن عشرات الآلاف – إن لم يكن ملايين اليمنيين.
خبراء ومختصون اقتصاديون أكدوا أن مليشيات الحوثي الإرهابية تقف خلف هذه الانخفاضات الوهمية، إضافة إلى مضاربات كبار الصرافين الساعين لتعويض خسائرهم، بحسب وصفهم.
البنك المركزي اليمني بعدن تحرك، مساء أمس الإثنين، وأعلن أنه لن يسمح بالعبث بالسوق من قبل قوى المضاربة التي فقدت مصالحها، مؤكداً الإبقاء على السعر المعلن لصرف الريال اليمني مقابل الريال السعودي.
وكما هو معلن، فقد اعتمد البنك سعر 425 ريالا يمنيا شراء و428 بيعا للريال السعودي، وأكد أن التعامل في جميع المعاملات سيكون وفق الضوابط المقررة للبنوك وشركات الصرافة ولجنة تنظيم وتمويل الواردات.
وشدد البنك على أن جميع المبالغ التي اشترتها البنوك وشركات الصرافة خلال اليومين الماضيين تعتبر ملكاً للبنك المركزي ولجنة تنظيم وتمويل الواردات، متوعدًا المخالفين من شركات الصرافة بإجراءات صارمة.
ويرى خبراء اقتصاديون أن "هبوط سعر الصرف ما لم يكن بالتوافق مع البنك المركزي وتحت سقف محدد، فإنه يعني أن كبار المضاربين فتحوا معركة تستهدف إفقاد البنك مكانته كناظم للأسعار".
ويشير هؤلاء إلى أن هدف المضاربين هو "تحويل السوق والمدخرين إلى أطراف في عملية المضاربة بالعملة كنشاط تجاري، واستثمار هذا التلاعب في المتاجرة بالعملات الأجنبية".
ويؤكد الخبراء لـ"العين الإخبارية" أن البنك لا يمانع في تراجع سعر الصرف إلى ما دون السقف المحدد، لكن تحوله إلى موجات فوضى ستكون نتائجه كارثية، ولن يستطيع لا البنك ولا الحكومة السيطرة على السوق.
الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، مصطفى نصر، كشف عن سيناريوهين خطيرين يقفان وراء الهبوط المفاجئ في أسعار الصرف: الأول ضلوع أيادٍ حوثية في المضاربة لإحداث اضطراب، والثاني محاولات بعض كبار الصرافين تعويض خسائرهم بشراء عملات بسعر أقل.
وأكد نصر لـ"العين الإخبارية" أن إغلاق شركات الصرافة المخالفة بات ضرورة، مشددًا على أن إخفاء الأموال أو الاحتفاظ بها بعيدًا عن البنك المركزي يعدّ غسل أموال وتمويلاً للإرهاب، ويستوجب المحاسبة والإغلاق.
وأضاف أن المواطن البسيط الذي دخل في المضاربة دون حاجة فعلية يتحمل خسارته، لكون مشاركته أضعفت العملة الوطنية، لافتًا إلى أن البنك المركزي يمسك بخيوط اللعبة حاليًا بالتنسيق مع الحكومة.
وشدد نصر على أن أي تحسن في سعر العملة يجب أن يكون تدريجيًا ومدروسًا، ليضمن حماية القطاع المصرفي وانعكاسه على أسعار السلع والخدمات، محذرًا من أن أي خطوات مرتجلة ستعيد السوق إلى الفوضى.
من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن، الدكتور سامي نعمان، أن الانخفاض الأخير في سعر الصرف كان بفعل تدخلات غير منظمة وغير متناسقة، لم تتم بالتنسيق مع البنك المركزي أو جمعية الصرافين.
وقال نعمان لـ"العين الإخبارية": "في تقديري، حاول الصرافون تعويض خسائرهم عبر تخفيض أسعار صرف العملات الصعبة في يوم لم يكن يوم دوام رسمي للبنك المركزي اليمني".
وأضاف: "تزامنت هذه الحركة مع صرف مرتبات بعض الوحدات العسكرية بالعملات الصعبة، في وقت بلغ فيه فارق البيع والشراء نحو 40% لدى بعض الصرافين".
وتابع: "رغم ذلك، لم تخالف هذه العملية قرار البنك المركزي الذي حدد سعرًا تأشيريًا لا يجوز تجاوزه صعودًا، لكنه يقبل الهبوط دونه. وأعتقد أنها حركة مؤقتة استغلها الصرافون لتعويض خسائرهم مع تحسن سعر صرف الريال اليمني".