اجتياح غزة: عملية خاطفة لتفكيك حماس أم حرب طويلة الأمد
تتهيأ إسرائيل لحرب جديدة في غزة وسط جدل متصاعد حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستأخذ شكل اجتياح خاطف يستهدف تفكيك حماس بسرعة، أم أنها ستنتهي إلى حرب طويلة الأمد تدخل المنطقة في دوامة استنزاف جديدة.
وتعطي التعبئة العسكرية وإعلان إسرائيل استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الانطباع بجهوزية لعملية مركزة قادرة على استهداف ما تبقى من بنية حماس سريعا.
لكن توقيت التحشيد الذي يمتد على أسابيع يشير في الوقت ذاته إلى أن العملية مرسومة لتكون متدرجة ومفتوحة على أكثر من مرحلة وهو ما يتناقض مع فكرة كونها عملية خاطفة تحسم في أيام قليلة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي ديفرين للصحافيين الأربعاء إن إسرائيل دخلت المراحل الأولى من هجومها على مدينة غزة، وتسيطر بالفعل على أطراف المدينة.
التعبئة العسكرية واستدعاء جنود الاحتياط تعطي الانطباع بجهوزية لعملية مركزة قادرة على استهداف ما تبقى من بنية حماس سريعا
وحملت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعدا لافتا، فقد حذّر من أن أيّ هجوم واسع على غزة سيؤدي إلى كارثة وربما يفتح الباب أمام “حرب دائمة” وهو ما يعكس تشكيكا أوروبيا في قدرة الخيار العسكري وحده على تحقيق أهدافه.
ويؤكد الهجوم الذي شنته حركة حماس صباح الأربعاء ضد موقع الجيش الإسرائيلي في خان يونس أن الحركة مازالت تتمتع بقدرة على تنفيذ كمائن وضرب خطوط التماس، الأمر الذي يبطئ أيّ تقدم ويفرض على القوات الإسرائيلية الاعتماد المكثف على الضربات الجوية.
وقالت كتائب عزالدين القسام في بيان الأربعاء “تمكن مجاهدو القسام صباح اليوم (الأربعاء) من الإغارة على موقع مستحدث للعدو جنوب شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع بقوة قسامية قوامها فصيل مشاة.. حيث اقتحم مجاهدو القسام الموقع واستهدفوا عددا من دبابات الحراسة من نوع ميركافا 4 بعدد من عبوات الشواظ وعبوات العمل الفدائي وقذائف الياسين 105.”
وأضافت الكتائب أنها استهدفت “عددًا من المنازل التي يتحصن بداخلها جنود الاحتلال،” مشيرة إلى اقتحام المنازل بعد تثبيتها بالأسلحة والذخائر و”الإجهاز على عدد من جنود الاحتلال من المسافة صفر” بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية.
وأشار البيان إلى أن الهجوم استمر “عدة ساعات”، وإلى قنص مقاتلي القسام خلاله قائد دبابة. كما قام أحد مقاتليها بتفجير نفسه “في الجنود وأوقعهم بين قتيل وجريح”.
وكتب ماكرون على موقع إكس بعد محادثات مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي “العملية العسكرية في غزة التي تستعد لها إسرائيل لا يمكن أن تؤدي إلا إلى كارثة لكلا الشعبين وتخاطر بإغراق المنطقة بأكملها في حلقة من الحرب الدائمة”.
وجدد ماكرون دعوته لوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة. وأشار أيضا إلى إطلاق سراح جميع الرهائن وتوفير مساعدات إنسانية واسعة النطاق لشعب غزة وكذلك نزع سلاح حركة حماس وتعزيز السلطة الفلسطينية كشروط لإنهاء الحرب.
وأفادت تقارير إعلامية بأن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس وافق على خطة لنشر 60 ألف جندي للاستيلاء على مدينة غزة.
وجاءت هذه الموافقة على الرغم من أن حركة حماس قالت إنها قدمت “ردا إيجابيا” على اقتراح جديد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة إلى الوسطاء الدوليين.
وكانت الحكومة الأمنية الإسرائيلية أقرّت في مطلع أغسطس خطة للسيطرة على مدينة غزة، وتوسيع عملياتها في القطاع الفلسطيني.
وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إنّ الوزير يسرائيل كاتس “أقرّ خطة هجوم الجيش الإسرائيلي على مدينة غزة،” ووافق “على إصدار أوامر استدعاء جنود الاحتياط اللازمين لتنفيذ المهمة،” ويقدّر عددهم بنحو 60 ألف جندي. كما وافق وزير الدفاع الإسرائيلي على “التحضيرات الإنسانية لإجلاء” السكان من مدينة غزة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي في إحاطة صحفية الأربعاء “سوف ننتقل إلى مرحلة جديدة من القتال، عملية تدريجية دقيقة ومركّزة داخل مدينة غزة وحولها، والتي تُعد حاليا المعقل العسكري والإداري الرئيسي لحركة حماس”.
ومنذ أكثر من أسبوع، تنفّذ القوات الإسرائيلية عمليات عسكرية واسعة في أحياء في مدينة غزة، لاسيما حي الزيتون ومنطقتي الصبرة وتل الهوى. ويأتي قرار وزير الدفاع بعد يومين من إعلان حركة حماس موافقتها على مقترح جديد للهدنة في قطاع غزة. ويترقّب الوسطاء الردّ الإسرائيلي عليه.
وتقول مصادر في حركتي حماس والجهاد الإسلامي أن المقترح ينص على هدنة من ستين يوما تترافق مع تبادل رهائن ومعتقلين فلسطينيين على دفعتين، على أن يتم الإفراج عن 10 رهائن إسرائيليين و18 جثة في الدفعة الأولى، والباقي في الدفعة التالية. كما ينص على بدء مفاوضات فورية بعد بدء وقف إطلاق النار من أجل اتفاق يمهّد لوقف الحرب.
وقال مسؤول إسرائيلي بارز الثلاثاء إن الحكومة الإسرائيلية تريد إعادة جميع الرهائن المحتجزين في غزة في أيّ اتفاق مقبل.
ومن أصل 251 شخصا اقتيدوا إلى قطاع غزة خلال هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، لا يزال 49 محتجزين في غزة، بينهم 27 تقول إسرائيل إنهم لقوا حتفهم.
وتسبب الهجوم باندلاع الحرب المتواصلة منذ أكثر من 22 شهرا والتي تخللتها هدنتان تم خلالهما إطلاق عدد من الرهائن مقابل معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيلية.
وجرت خلال الأشهر الماضية جولات تفاوضية عدة بوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة بين إسرائيل وحماس لم تفضِ إلى نتيجة.