إسرائيل تُقر المرحلة التالية للحرب على غزة مع تصاعد الاحتجاجات الداخلية

وكالة أنباء حضرموت

أعلن الجيش الإسرائيلي الأحد إقرار الخطة التي تتناول المرحلة التالية للحرب في قطاع غزة، مؤكدا التركيز على مدينة غزة بهدف "القضاء" على حركة حماس.

ويأتي هذا القرار في ظل معارضة داخلية متصاعدة، حيث خرج مئات الآلاف من المتظاهرين الإسرائيليين إلى الشوارع، مطالبين بإنهاء الحرب وإبرام صفقة فورية لإعادة الرهائن المحتجزين.

وبينما تؤكد القيادة العسكرية على استمرار "المعركة طويلة الأمد" ضد حماس والمحور الإيراني، فإن صوت الشارع الإسرائيلي يطالب بوقف النزيف الإنساني وإعادة المفقودين بأي ثمن.

ونقل بيان عسكري عن رئيس الأركان إيال زامير قوله "نُقر اليوم الخطة للمرحلة التالية في الحرب ... سنحافظ على الزخم الذي تحقق في 'عربات جدعون' مع تركيز الجهد في مدينة غزة. سنواصل الهجوم حتى القضاء على حماس، والمختطفون أمام أعيننا" في إشارة إلى أن تحرير الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة هو الأولوية.

وعربات جدعون هو الاسم الذي كانت إسرائيل قد أطلقته على عمليتها العسكرية البرية في غزة والتي أعلنتها منتصف مايو الماضي.

والأسبوع الماضي، وافق المجلس الوزاري الأمني في إسرائيل على خطط للسيطرة على مدينة غزة ومخيمات للاجئين في ظل حرب مدمرة وحصار مستمرين منذ 22 شهرا.

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يومها، أن الخطة هي "أفضل وسيلة لإنهاء الحرب" متحديا الدعوات المتزايدة لوقف إطلاق النار، لكن بدون التطرق إلى عملية "عربات جدعون".

وبحسب زامير فإن "عربات جدعون" حققت أهدافها، وأن "حماس لم تعد تملك القدرات التي كانت لديها قبل العملية، وقد ألحقنا بها أضرارًا جسيمة".

وأضاف "المعركة الحالية ليست حدثًا موضعيا (آنيا)، بل هي حلقة أخرى في خطة طويلة الأمد ومدروسة، في إطار رؤية متعددة الجبهات تستهدف كل مكونات المحور وعلى رأسه إيران".

وجاء في البيان أيضا أن الجيش سيعمل وفق "استراتيجية ذكية، متوازنة ومسؤولة ... وسيُشغّل كل قدراته في البر والجو والبحر من أجل توجيه ضربات قوية لحماس".

وأكد رئيس الأركان مواصلة "تغيير الواقع الأمني" كما حصل في كل من إيران واليمن ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.

في المقابل، تتصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية في إسرائيل، مطالبة بإنهاء الحرب وإبرام صفقة لعودة الرهائن، حيث خرج آلاف المتظاهرين، إلى الشوارع في القدس وتل أبيب وغيرها من المدن، مطالبين بوقف الحرب وإبرام صفقة تشمل الإفراج عن الـ49 رهينة المتبقية في غزة، بالإضافة إلى جثمان جندي قُتل في عام 2014.

وفي ميدان الرهائن في تل أبيب الذي أصبح رمزا للاحتجاجات خلال الحرب، رُفع مساء السبت علم إسرائيلي ضخم وصور للرهائن المحتجزين في قطاع غزة.

وأغلق المتظاهرون طرقا رئيسية في المدينة من بينها الطريق السريع الذي يربط تل أبيب بالقدس، وأشعلوا إطارات متسببين باختناقات مرورية وفقا لوسائل إعلام محلية.

ودعا المتظاهرون ومنتدى عائلات الرهائن والمحتجزين إلى إضراب شامل في كل أنحاء إسرائيل. واستجابت محلات تجارية في كل من القدس وتل أبيب للدعوة وأغلقت أبوابها.

وقال دورون ويلفاند (54 عاما) خلال تظاهرة في القدس "أعتقد أن الوقت حان لإنهاء الحرب، حان الوقت لتحرير الرهائن ومساعدة إسرائيل على التعافي والوصول إلى شرق أوسط اكثر استقرارا".

الانقسام السياسي يشتد
وجاء في بيان لمنتدى عائلات الرهائن والمحتجزين الأحد "مئات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين سيوقفون اليوم (الأحد) العمل في البلاد بنداء واحد واضح: إعادة الخمسين رهينة، وإنهاء الحرب".

وبالإضافة إلى 49 رهينة محتجزين منذ هجوم حماس، يطالب المتظاهرون باستعادة جثمان جندي قُتل في العام 2014 ومحتجز لدى حماس.

ومن المتوقع في وقت لاحق الأحد إقامة خيمة احتجاج قرب الحدود مع قطاع غزة. وتعهد المنتدى "تصعيد نضالنا وفعل كل ما بوسعنا لإعادة أحبائنا".

ومطلع الشهر الجاري، أثارت ثلاثة فيديوهات نشرتها حماس والجهاد الإسلامي تظهر الرهينتين روم براسلافسكي وإفياتار دافيد، نحيلين ومتعبين، حالة تأثّر كبيرة في إسرائيل وأجّجت الدعوات لضرورة التوصّل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن للإفراج عن الرهائن.

وأفادت مصر أخيرا بأن الوسطاء يحاولون الدفع نحو إبرام اتفاق هدنة لمدة 60 يوما تشمل الإفراج عن الرهائن بعد فشل جولة المفاوضات الأخيرة في قطر في إحراز تقدم.

وقالت فيكي كوهين وهي والدة الرهينة نمرود كوهين على منصة إكس مخاطبة ابنها "آمل بأن تتمكن من مشاهدة وسائل الإعلام في مكان ما في الأنفاق، وأن ترى كيف يوقف شعب إسرائيل حياته اليوم من أجلك ومن أجل الرهائن" مضيفة "ابقَ قويا".

وفي تل أبيب، وصل الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى أحد التجمعات الاحتجاجية وأكد "نريد عودتهم (الرهائن) في أسرع وقت ممكن"، داعيا إلى ممارسة مزيد من الضغط الدولي على حماس.

وتواجه هذه التظاهرات معارضة اليمين المتطرف في إسرائيل لا سيما وزراء في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التي ينظر إليها على أنها الأكثر يمينية في تاريخ الدولة العبرية.

وصباح الأحد، هاجم وزير المال اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش التظاهرات وقال "يستيقظ شعب إسرائيل هذا الصباح على حملة مشوهة وضارة تخدم مصالح حماس التي تخفي الرهائن في الأنفاق وتسعى لدفع إسرائيل إلى الاستسلام لأعدائها وتعريض أمنها ومستقبلها للخطر".

أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فاعتبر أن الدعوة إلى الإضراب "فشلت".

ورأى في منشور عبر تلغرام أن الإضراب "يقوي حماس ويستبعد إمكان عودة الرهائن".

وفي المقابل، رفض زعيم المعارضة في إسرائيل يائير لابيد اتهامات الوزيرين وخاطبهما متسائلا "الا تخجلان؟ لا أحد عزز (من وجود) حماس أكثر منكم". واعتبر أن "الشيء الوحيد الذي سيُضعف حماس هو إسقاط هذه الحكومة الفاسدة والفاشلة".

إلى ذلك، عززت الشرطة الإسرائيلية قواتها في أنحاء إسرائيل وقالت إنها لن تتسامح مع أي "إخلال بالنظام العام".

وقالت في بيان إنها أوقفت "32 شخصا بعد الإخلال بالنظام العام".

وأظهرت لقطات متظاهرين في كيبوتس (تجمع تعاوني) بئيري قرب الحدود مع قطاع غزة والذي كان من بين التجمعات التي طالها هجوم حماس.

وأكدت وسائل إعلام إسرائيلية امتداد الاحتجاجات إلى مواقع عدة في إسرائيل.

وكان قرار إسرائيل توسيع عملياتها في الحرب قد واجه تنديدا دوليا ومعارضة داخلية أيضا بالإضافة إلى حالة من الرعب في صفوف سكان قطاع غزة.

حينها، ناشدت النازحة من غزة أمل حمادة العالم التحرك "قبل أن نُمحى عن الوجود".

وقالت حمادة (20 عاما) "إذا بدأت عملية برية جديدة فستكون كارثة إنسانية أكبر". وأكدت الشابة التي أنهكها النزوح "لم تعد لدينا طاقة للهروب أو النزوح أو حتى الصراخ".

وحذّر خبراء أمميون من الجوع الذي بدأ يتكشف في القطاع في ظل سماح إسرائيل بدخول مساعدات إنسانية بطء وشحيح.

والسبت، قُتل 13 شخصا برصاص القوات الإسرائيلية قرب مركزين لتوزيع المساعدات الإنسانية في شمال القطاع وجنوبه.

والأحد، أكد الدفاع المدني مقتل 18 فلسطينيا على الأقل وإصابة العشرات بنيران الجيش الإسرائيلي وفي غارات شنها الطيران الحربي على قطاع غزة.

وتستمر الحرب في غزة، لكنها لم تعد مجرد صراع عسكري في القطاع المحاصر، بل أصبحت صراعا متعدد الأبعاد، يمتد من الميدان إلى الشارع الإسرائيلي، حيث تتصادم الأهداف العسكرية مع المطالب الإنسانية والسياسية، في مشهد يزداد تعقيداً وغموضاً.