إسرائيل تهاجم دبابات في السويداء وسط احتدام اشتباكات الدروز والبدو

وكالة أنباء حضرموت

 ارتفعت إلى 89 قتيلا حصيلة الاشتباكات المتواصلة في محافظة السويداء بجنوب سوريا بين مسلحين دروز وعشائر بدوية، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاثنين، مع دفع قوات الأمن بتعزيزات عسكرية لفضّها.

وتتزامن هذه التطورات الميدانية المقلقة مع إعلان الجيش الإسرائيلي أنه هاجم "دبابات عدة في منطقة قرية سميع، منطقة السويداء، في جنوب سوريا"، من دون أن يقدم تفاصيل إضافية.

وذكرت القناة 14 الإسرائيلية أن "الهجوم جاء بعد تحرك الدبابات السورية والاشتباه بتوجهها نحو منطقة مأهولة بالدروز في السويداء".

في المقابل، أكدت مصادر محلية لـ"تلفزيون سوريا" أن القصف الذي تحدث عنه الجيش الإسرائيلي كان بقصد الإنذار فقط، وسقط بالقرب من الدبابات دون أن يؤدي إلى خسائر بشرية أو مادية.

ويأتي الهجوم في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات بشأن اتفاقية أمنية بين إسرائيل والنظام السوري الجديد، برئاسة الرئيس أحمد الشرع.

ولم يصدر تعقيب فوري من السلطات السورية بشأن ما أعلنه الجيش الإسرائيلي.

وسبق للدولة العبرية أن أكدت أنها ستتدخل لحماية الأقلية الدرزية في حال تعرضها للتهديد، وحذّرت السلطات الانتقالية السورية من نشر قواتها في مناطق بجنوب البلاد محاذية لهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.

وأتى الاعلان عن القصف الاسرائيلي بعد ساعات من تأكيد السلطات السورية بدء انتشار قواتها في السويداء.

وتواصلت الاثنين الاشتباكات في الريف الغربي للمحافظة ذات الغالبية الدرزية، بحسب المرصد الذي أكد أنها تدور "بين مجموعات عشائر البدو وعناصر وزارتي الدفاع والداخلية من جهة، ومسلحين دروز من أبناء السويداء من جهة أخرى".

وتعيد هذه الاشتباكات التي بدأت الأحد إلى الواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها السلطات الانتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، منذ وصولها إلى الحكم بعد إطاحة بشار الأسد في ديسمبر. وسبق أن وقعت أحداث دامية في الساحل السوري حيث تتركز الأقلية العلوية في مارس، واشتباكات قرب دمشق بين مقاتلين دروز وقوات الأمن في أبريل.

وفرغت شوارع مدينة السويداء الاثنين من المارّة، فيما شارك عدد قليل من السكّان بتشييع مقاتلين بينما كانت أصوات القذائف والرصاص الناجمة عن اشتباكات في محيطها لا تزال تسمع.

وقال أبوتيم (51 عاما) وهو من سكان السويداء، لوكالة الصحافة الفرنسية، "عشنا حالة رعب كبيرة، والقذائف كانت تسقط بشكل عشوائي، حركة الشوارع مشلولة ومعظم المحال مغلقة".

وأحصى المرصد سقوط 89 قتيلا في الاشتباكات والقصف المتبادل في مدينة السويداء وريف المحافظة، وهم 46 من المقاتلين الدروز إضافة إلى 4 مدنيين هم امرأتان وطفلان، و18 من البدو، بالإضافة إلى 14 قتيلا من قوات الأمن، و7 قتلى مجهولي الهوية بلباس عسكري.

ونقلت قناة الاخبارية السورية الرسمية عن مصدر في وزارة الدفاع تأكيده مقتل ستّة من قوات الأمن بعدما أعلنت الوزارة نشر الوحدات "العسكرية المتخصصة في المناطق المتأثرة، وتوفير ممرات آمنة للمدنيين، وفك الاشتباكات بسرعة وحسم".

وشوهدت سيارات محملة بالمقاتلين وارتالا عسكرية كبيرة تابعة لوزارة الداخلية وسيارات مدنية ودراجات نارية تحمل مسلحين متوجهين نحو خطوط التماس عند أطراف مدينة السويداء، بالإضافة إلى سيارات اسعاف تنقل مصابين من مناطق الاشتباك وتتجه نحو مستشفيات دمشق.

وفي حين دعت قيادات روحية درزية إلى الهدوء وحضّت سلطات دمشق على التدخل، أعربت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز والتي تتبع لحكمت الهجري، أحد مشايخ العقل الثلاثة في السويداء، عن "رفض دخول" قوات الأمن العام إلى المحافظة، مطالبة بـ"الحماية الدولية".

وقالت الرئاسة، في بيان صحافي نشرته صفحة "السويداء 24 " على فيسبوك "نرفض دخول أي جهات إلى المنطقة، ومنها الأمن العام السوري وهيئة تحرير الشام"، متهمة تلك الجهات بـ"المشاركة في قصف القرى الحدودية ومساندة مجموعات تكفيرية باستخدام أسلحة ثقيلة وطائرات مسيرة".

وحملت كامل المسؤولية لكل من يساهم في "الاعتداء أو يسعى لإدخال قوى أمنية إلى المنطقة"، مطالبة بـ"الحماية الدولية الفورية كحق لحماية المدنيين وحقنا للدماء".

وبحسب المرصد السوري، انطلقت "شرارة الاشتباكات السبت بعد اختطاف تاجر خضار درزي من قبل مسلحي البدو الذين وضعوا حواجز على طريق السويداء - دمشق، ليتحوّل بعد ذلك إلى عملية خطف متبادلة بين الطرفين".

وقالت منصة السويداء 24 المحلية في وقت لاحق إنه تم إطلاق سراح المخطوفين من الطرفين ليل الأحد.

لكن المرصد أشار إلى أن الاضطرابات الأخيرة تعود إلى "توتّر متواصل منذ اندلاع الاشتباكات ذات الخلفية الطائفية في أبريل" بين مسلحين من الدروز وقوات الأمن، في مناطق درزية قرب دمشق وفي السويداء، وشارك فيها إلى جانب قوات الأمن مسلحون من عشائر البدو السنية في المحافظة.

وأسفرت أعمال العنف تلك عن مقتل 119 شخصا على الأقل بينهم مسلحون دروز وقوات أمن. وعلى إثرها، أبرم ممثلون للحكومة السورية وأعيان دروز اتفاقات تهدئة لاحتواء التصعيد.

ومنذ مايو، يتولّى مسلحون دروز إدارة الأمن في السويداء، بموجب اتفاق بين الفصائل المحلية والسلطات. لكن ينتشر في ريف المحافظة أيضا مسلحون من عشائر البدو السنة.

وكتب وزير الداخلية أنس خطاب على منصة إكس أن "غياب مؤسسات الدولة، وخصوصا العسكرية والأمنية منها، سبب رئيسي لما يحدث في السويداء وريفها من توترات مستمرة"، معتبرا أن "لا حل لذلك إلا بفرض الأمن وتفعيل دور المؤسسات بما يضمن السلم الأهلي وعودة الحياة إلى طبيعتها بكل تفاصيلها".

وفي مقابلة مع قناة الإخبارية، قال المتحدّث باسم وزارة الداخلية نورالدين البابا إنه "لا بد من نزع سلاح كامل المجموعات المسلحة المنفلتة الخارجة عن القانون".

وبعد توليها الحكم، حضّ المجتمع الدولي والموفدون الغربيون الذين زاروا دمشق السلطة ذات التوجه الإسلامي على حماية الأقليات وضمان مشاركتهم في إدارة المرحلة الانتقالية، وسط هواجس من إقصائهم لا سيما بعد وقوع أعمال عنف على خلفية طائفية، عدا عن انتهاكات في مناطق عدة.

وفي يونيو، أسفر هجوم انتحاري على كنيسة في دمشق عن مقتل 25 شخصا. واتهمت الحكومة تنظيم الدولة الإسلامية بتنفيذه، ما فاقم مخاوف الأقليات.

وتُقدّر أعداد الدروز في المنطقة بأكثر من مليون، تتركّز غالبيتهم في مناطق جبلية في لبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية والأردن.

يقدّر تعدادهم في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد حيث تعد محافظة السويداء معقلهم، كما يتواجدون في مدينتي جرمانا وصحنايا قرب دمشق، ولهم حضور محدود في إدلب، شمال غرب البلاد.