الموقف من سوريا يلقي بظلال سلبية على قمة بغداد

وكالة أنباء حضرموت

يشعر المسؤولون العراقيون بالقلق من حجم المشاركة على مستوى القادة في القمة العربية وذلك بسبب الموقف السلبي الغالب في العراق من السلطات السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، وهو ما يتناقض مع موقف الدول العربية المؤثرة التي تدعم عودة دمشق إلى مقعدها في الجامعة العربية وإدماجها في منظومة العمل العربي ثنائيا وجماعيا.

وتدعم دول الخليج حكومة الشرع بشكل واضح وهو ما ظهر من خلال تأمين التقارب بين دمشق وواشنطن والمساعدة في عقد لقاء بين الرئيس الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لكن هناك مواقف أخرى لا تتحمس للاعتراف العربي بالحكومة الجديدة في سوريا، أو على الأقل تريد المزيد من الوقت لاختبار مواقف الشرع ومدى استعداد مسؤولي حكومته وقادة المؤسستين الأمنية والعسكرية للتخلي عن ماضيهم الجهادي وخاصة إظهار مواقف حاسمة ضد داعش ميدانيا، وهذا الموقف تتبناه مصر.

ورغم إعادة فتح قنوات تواصل دبلوماسية خلال الفترة الأخيرة، وكان أبرزها اللقاء بين الشرع والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على هامش قمة القاهرة في مارس الماضي، فإن الموقف المصري لم يصل إلى حد الاعتراف الكامل بالإدارة السورية الجديدة أو تعزيز العلاقات الثنائية بوضوح.

ولا يعرف إن كان الرئيس المصري سيشارك بنفسه في القمة أم سيكتفي بإرسال وزير الخارجية بدر عبدالعاطي كما فعلت دول أخرى مثل تونس والجزائر اللتين تحملان موقفا أكثر تشددا تجاه دمشق.


وأرسلت الجزائر وزير الخارجية أحمد عطاف، ولو بشكل متأخر إلى دمشق في فبراير الماضي بهدف إظهار أنها لا تعارض النظام الجديد في دمشق ولإسكات حملة على مواقع التواصل تتحدث عن توقيف سوريا عسكريين جزائريين كانوا يدعمون الرئيس السابق بشار الأسد في حربه على المعارضة.

لكن زيارة عطاف لم تحمل أيّ مؤشر على أن العلاقة بين الجزائر والنظام الجديد في دمشق قد تجاوزت مرحلة الشك من الجانبين خاصة أن الجزائر بادرت مع انطلاق مرحلة الحسم العسكري ضد الأسد إلى وصف مسلحي هيئة تحرير الشام وحلفائهم بأنهم إرهابيون ودعت لدعم “الحكومة الشرعية” وقتها، أي حكومة الأسد ونظامه.

ولا يريد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الحضور إلى القمة حتى لا يضطر إلى المصادقة على بيان ختامي للقمة يدعو إلى دعم سوريا للخروج من أزمتها، أو أن يعلن معارضة مكشوفة لإعادة تأهيل الشرع. والموقفان محرجان للجزائر.

وبالنسبة إلى تونس، فإن موقفها ما يزال متشددا تجاه الشرع، حيث أنها لم تفتح أيّ قنوات تواصل مع دمشق ولم تبد أيّ رغبة في ذلك. وهذا مفهوم بسبب تعقيدات قديمة تتعلق بمشاركة المئات من التونسيين في الحرب الأهلية السورية، وإجراء تحقيقات ومحاكمات لمتهمين في قضايا تسفير الشباب إلى الحرب، فضلا عن وقوف تونس الواضح ضد تيارات الإسلام السياسي بمختلف مسمّياتها، وهو ما يفسر غياب الرئيس قيس سعيد عن القمة وإرسال وزير الخارجية محمد علي النفطي لتمثيله.

ويجد العراق نفسه تحت ضغوط متعددة بشأن حضور سوريا في القمة والبيان الختامي الذي سيصدر عنها وسط ضغوط من المجموعات الشيعية الداعمة للحكومة والميليشيات التابعة لها معارضة لمشاركة الشرع والتهديد باعتقاله، وهذا المناخ السلبي دفع الرئيس السوري إلى الاعتذار عن الحضور إلى بغداد.

وغياب الشرع عن القمة قد يصب في خدمة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني داخليا بتجنيبه الانتقادات والضغوط من شركائه في الحكومة، لكنه يعطي إشارة سلبية عن العراق ومدى قدرته على استعادة دوره العربي في مقابل التأثير القوي للّوبي الموالي لإيران.

وقبل أيام قليلة من القمة حل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني ببغداد وأجرى لقاءات متعددة مع المجموعات الحليفة لبلاده مطالبا بالضغط حتى تتبنى القمة موقفا داعما لإيران في خلافها مع الولايات المتحدة وأن يدعو القادة إلى “اتفاق عادل ومنصف للملف النووي، وإبعاد شبح الحرب عن المنطقة” كما ذكرت مصادر عراقية لموقع شفق نيوز الكردي.

ومن شأن الضغوط الإيرانية، المعلنة والخفية، على العراق والقمة أن تدفع ببعض القادة العرب، وخاصة من دول الخليج، إلى تجنب حضور قمة بغداد وإرسال وزراء الخارجية، ما يضعف مستوى المشاركة في القمة ويعيق تحقيق الهدف منها بالنسبة إلى رئيس الوزراء العراقي وهو استعادة إشعاع العراق عربيا، والتحرر ولو جزئيا من نفوذ إيران.

◙ غياب الشرع عن القمة قد يصب في صالح السوداني داخليا، لكنه يعطي إشارة سلبية عن العراق وقدرته على استعادة دوره العربي

وعلى الرغم من عدم اتضاح حجم المشاركة للرؤساء والملوك والأمراء العرب في قمة بغداد إلا أن وزارة الخارجية العراقية تشير إلى أن المشاركة ستكون “نوعية ومكثفة وقراراتها استثنائية “.

وأبلغ الرئيس العراقي عبداللطيف جمال رشيد الوفد الإعلامي الرسمي لجامعة الدول العربية أن “احتضان بغداد لمؤتمر القمة يأتي انطلاقا من دورها المحوري وسعيها الدائم لترسيخ العمل المشترك لمواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الأشقاء وبما يحفظ مصالح شعوبنا، ويلبي تطلعاتها في التنمية والازدهار والسلام”. كما ذكر أن “قمة بغداد ستناقش القضايا المصيرية المتعلقة بشعوب المنطقة والخروج بقرارات تسهم في تحقيق السلام والاستقرار”.

وأوضح وكيل وزارة الخارجية العراقي هشام العلوي أن العراق يعمل على “استثمار فرصة عقد القمة في بغداد لإبراز التطورات الإيجابية التي حصلت في العراق في السنوات القليلة الماضية، وإعطاء فرصة لضيوفنا بأن يطّلعوا على المعالم الثقافية والحضارية والتاريخية والدينية الموجودة في بغداد”.

وقال باسم العوادي المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية في تصريح صحفي إن “هناك تمثيلا لكل الدول العربية في قمة بغداد فضلا عن حضور الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي فضلا عن حضور رئيس الحكومة الإسبانية”.

وذكر أن الحكومة العراقية منحت تراخيص لحضور أكثر من 300 صحافي عراقي و250 صحافيا وإعلاميا من خارج البلاد و20 منظمة واتحادا تابعين لجامعة الدول العربية فضلا عن إقامة فعاليات احتفالية واسعة “.