قاآني بزي مدني في بغداد حاملا رسائل خفية قبيل القمة العربية

وكالة أنباء حضرموت

أثار وصول قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، إلى بغداد قبل ثلاثة أيام من القمة العربية، في خطوة لافتة وغير معتادة، مرتديا لباسا مدنيا في زيارة رسمية أُعلن عنها للمرة الأولى، تكهنات واسعة حول طبيعة رسائلها وتوقيتها الحساس.

وتأتي هذه الزيارة قبيل انعقاد القمة العربية في بغداد، وسط تقارير تشير إلى سعي طهران الحثيث لفرض مطالبها على جدول أعمال القمة، وتأكيدات من عضو في ائتلاف دولة القانون بأن حضور قاآني يهدف لتأمين القمة من تهديدات محتملة أطلقتها فصائل مسلحة عراقية موالية لإيران.

وكشف مصدر مطلع لوكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية أن قاآني حمل معه ملفات عدة، أبرزها رغبة إيران في الحصول على دعم عربي لرفع الحصار المفروض عليها، وإدراج مطالبها ضمن الأجندة الرسمية للقمة العربية.

كما ناقش مع مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، ملف الأمن الحدودي المشترك وآلية تطبيق الاتفاق الأمني الموقع بين البلدين عام 2023.

وأضاف المصدر أن قاآني سيبحث مع بغداد أيضاً تطورات المفاوضات الإيرانية – الأميركية، وسيعقد لقاءات منفردة مع قادة الإطار التنسيقي لإطلاعهم على تفاصيل هذه المفاوضات وتأثيرها على استقرار المنطقة.

وتسعى إيران، وفقاً للمصدر، إلى حشد دعم عربي لقضية رفع الحصار وتسريع التوصل إلى اتفاق نووي بضمانات أميركية حقيقية، مستغلة الإجماع العربي الظاهر على إنهاء ملفها النووي وتجنب أي توترات إقليمية.

وأكد أن "إيران اقترحت تضمين رغباتها في جدول أعمال قمة بغداد، وتطمح لتفعيل شراكة أمنية واقتصادية وسياسية وثيقة مع العراق، معتبرة زيارة قاآني جزءا من تحركاتها لإيصال هذه الرسائل إلى الولايات المتحدة والتأكيد على أهمية الشراكة بين البلدين".

وأشار البيان الرسمي حول الزيارة إلى أن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي بحث مع قاآني سبل تطوير العلاقات الثنائية، والجهود المشتركة لتأمين الحدود وتنفيذ الاتفاق الأمني، بالإضافة إلى التشديد على أهمية نجاح المفاوضات الإيرانية – الأميركية والتزام الجميع بالحوار والتهدئة لتحقيق الاستقرار المستدام في المنطقة.

واللافت للانتباه قيام الأعرجي بحذف منشوره الذي أعلن فيه عن استقبال قاآني بعد تعليق السيناتور الأميركي جي ويلسون انتقد الزيارة قائلا "أنا متأكد من أنك استمتعت بلقاء رئيسك قائد الحرس الثوري الإيراني مؤسس ميليشيات بدر الإرهابية"، مضيفا "استفد من دروس سوريا واليمن ولبنان، وتخلص من إيران قبل فوات الأوان، ترامب سيُصلح".

وفي المقابل، رأى عضو ائتلاف دولة القانون أن حضور قاآني يهدف لتوفير الأمن للقمة العربية، مشيرا إلى تهديدات محتملة من فصائل مسلحة عراقية موالية لإيران، وأن وجود قاآني سيوقف هذه التهديدات.

وبينما انتقد النائب ناظم الشبلي، الزيارة، معتبرا توقيتها غير دبلوماسي، وأن إعلانها العلني يحمل رسالة سلبية قبيل القمة لمنع القادة العرب من الحضور.

وتباينت آراء الصحافيين العراقيين حول الزيارة، فقد رأى الصحافي حيدر البدري أن العراق منفتح على الجميع ويوازن علاقاته، بينما اعتبر الصحافي جاسم العامري أن الزيارة رسالة من حلفاء طهران لتأكيد قوة العلاقات مع إيران.

في حين أشار الصحافي علي الشريفي إلى أن إعلان الزيارة العلني، على عكس الزيارات السرية السابقة، قد يكون محاولة لإظهار طبيعتها الاعتيادية وتجنب الشكوك قبل القمة الحساسة.

وتتزامن زيارة قاآني مع جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الخليج، والتي شملت السعودية على أن يختتم زيارته قصيرة إلى قطر بإلقاء كلمة اليوم الخميس أمام قوات أميركية، يتوجه بعدها إلى الإمارات التي يتطلع قادتها للحصول على دعم أميركي لتحويل الدولة الخليجية الغنية لرائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.

وتواجه القمة العربية في بغداد تحديات كبيرة بسبب محاولات إيران توسيع نفوذها عبر العراق. ومع تصاعد الشكوك بشأن إمكانية اختراق أجندة القمة، تزداد الحاجة إلى التأكيد على استقلالية القرار العربي وضمان عدم تحول القمة إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة والأنظار الشاخصة نحو قدرة بغداد على احتواء الضغوط وتقديم نموذج لقمة عربية تعيد الاعتبار للأولويات العربية الحقيقية.

وبدأ وزراء خارجية عرب، الأربعاء، التوافد إلى العاصمة العراقية بغداد، للمشاركة في الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الـ34، المقرر انعقادها بعد غد السبت.

وتستعد بغداد لاستضافة القمة وسط ملفات عربية ساخنة، أبرزها حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة للشهر التاسع عشر على التوالي، إلى جانب أزمات إقليمية أخرى تشمل سوريا والسودان.

وذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن وزراء خارجية السودان علي يوسف الشريف، وجزر القمر محمد مباي، ومصر بدر عبدالعاطي، وصلوا إلى بغداد، في إطار الترتيبات الجارية للقمة.

وفي هذا السياق، انطلقت الأربعاء اجتماعات المندوبين الدائمين وكبار المسؤولين العرب، في إطار التحضير لاجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي يُعقد الخميس، تمهيدًا لانطلاق القمة.

وتعقد القمة هذا العام تحت شعار "حوار وتضامن وتنمية"، بالتزامن مع انعقاد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة، في حدث مزدوج يُبرز أهمية الدمج بين البعدين السياسي والاقتصادي لمواجهة التحديات الإقليمية الراهنة.

وفي مؤتمر صحافي عقده الأربعاء، قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، بصفته رئيس اللجنة العراقية العليا للتحضير للقمة، إن بغداد ستستضيف ثلاث قمم مهمة خلال الأيام المقبلة.

وأوضح حسين أن القمة الأولى هي الدورة العادية الرابعة والثلاثون لمجلس جامعة الدول العربية، والمقررة السبت المقبل، بمشاركة قادة الدول العربية، لمناقشة القضايا السياسية الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والأوضاع في غزة وسوريا والسودان، فضلًا عن قضايا الأمن والاقتصاد العربي المشترك.

أما القمة الثانية، فهي القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة، والتي ستتناول قضايا التنمية المستدامة، والتكامل الاقتصادي، ومشروعات البنية التحتية، والتحديات الاجتماعية التي تواجه الدول العربية.

وأشار الوزير العراقي إلى أن القمة الثالثة التي ستستضيفها بغداد هي قمة ثلاثية على مستوى القادة، تجمع بين العراق ومصر والأردن، في إطار الآلية الثلاثية التي تأسست بين الدول الثلاث بهدف تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي، وتنسيق المواقف بشأن قضايا المنطقة.