تركيا تواصل ضغوطها العسكرية على حزب العمال الكردستاني رغم قراره حل نفسه
أظهرت تركيا تشبثها بمواصلة انتهاج الخيار العسكري ضدّ حزب العمال الكردستاني، وذلك على الرغم من القرار الأخير لقيادة الحزب بحلّه وإلقاء السلاح والدخول في مسار سلمي لحلّ صراعه المزمن ضدّ الدولة التركية والمتواصل منذ أكثر من أربعة عقود.
وتتشبّث أنقرة بهذا الخيار لكونها ترى نفسها في موقع قوّة إزاء الحزب نظرا للتطورات الكثيرة محليا وإقليميا والتي صبّت في مصلحتها.
وعلى مدى السنوات الأخيرة ضاعفت القوات التركية من جهدها الحربي ضدّ مقاتلي الحزب المتمركزين بشكل رئيسي داخل مناطق جبلية وعرة بشمال العراق وتمكنت بالفعل من تحقيق انتصارات جزئية في تلك الحرب مستفيدة من التطورات الكبيرة في قدراتها التسليحية والتقنية والمخابراتية.
كما استفادت تركيا أيضا من حالة الوفاق المتنامية بينها وبين العراق بسلطاته الاتحادية وسلطات إقليم كردستان العراق بشأن المواجهة مع الحزب الذي صنّفته بغداد تنظيما محظورا وغضت الطرف عن توسيع التدخل العسكري التركي لملاحقة عناصره داخل الأراضي العراقية، حتى أصبحت للقوات التركية العشرات من المواقع والثكنات في مناطق قريبة من مواقع تمركز عناصر الحزب وفي عمق معاقله التقليدية.
وتعتزم الحكومة التركية إدارة ما تبقى من معركتها ضد الحزب من موقع المنتصر، وستكون بذلك وفية لنهجها المتسم بالشدّة واستدامة الضغوط على خصومها والذي ميّز سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ صعود حزبه العدالة والتنمية إلى السلطة.
وأكدت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أن الجيش سيواصل عملياته ضد عناصر حزب العمال الكردستاني في مناطق تواجدها إلى أن يصبح واثقا من “تطهير المنطقة”، وذلك عقب إعلان الحزب حلّ نفسه وإلقاء السلاح إثر نزاع استمر لعقود مع أنقرة.
تركيا ستدير ما تبقى من معركتها ضد الحزب من موقع المنتصر سيرا على نهجها المتسم بالشدة إزاء خصومها
وأفاد متحدث باسم الوزارة بأن الجيش سيواصل العمل في المناطق التي استخدمها من سماهم بـ”انفصاليي منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية بتصميم، إلى حين التأكد من تطهير المنطقة، وأن المنظمة لن تشكل خطرا على تركيا بعد اليوم.”
وأشار تحديدا إلى “أنشطة بحث ومسح بري” و”كشف وتدمير كهوف وملاجئ وألغام ومتفجرات بدائية الصنع.”
وجاءت تصريحات المتحدث بعد ثلاثة أيام على إعلان حزب العمال الكردستاني حل نفسه وإنهاء تمرده الذي استمر أربعة عقود وأودى بأكثر من 40 ألف شخص.
وبحسب مصدر في الوزارة، “لم يتغير شيء” بالنسبة للقوات التركية عقب الإعلان عن حل الحزب. وأضاف المصدر “مع أن المنظمة الإرهابية قررت حل نفسها، إلا أننا بحاجة إلى توخي الحذر من الاستفزازات من قبل من هم داخل حزب العمال الكردستاني غير الراضين عن القرار.”
وقال “إذا تم تطبيق قرار تنفيذ حل المنظمة بشكل ملموس، سنعاود أنشطة التطهير من دون القيام بعملية، لمنع استخدام المنظمات الإرهابية لهذه المناطق مرة أخرى.”
ولحزب العمال الكردستاني، المصنف في عداد المنظمات الإرهابية في تركيا ولدى حلفائها الغربيين، قواعد خلفية في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي، وحيث تقيم تركيا أيضا قواعد عسكرية وتُنفذ عمليات جوية وبرية متكررة ضد المسلحين الأكراد.
ولحزب العمال الكردستاني وجود أيضا في سوريا حيث تقيم تركيا قواعد عسكرية في الشمال ونفذت منذ العام 2016 عدة عمليات برية لإبعاد المسلحين عن حدودها.
وقال المصدر إن جهاز الاستخبارات التركي أم.آي.تي سيُنشئ آلية “لمراقبة نزع السلاح” بالتنسيق مع قوات الأمن في العراق وسوريا. وأضاف “لا يمكن للقوات المسلحة التركية تنفيذ هذه المهمة لأنها في دول أخرى.”
وتابع “سنُقدّم الدعم عند الحاجة، فلدينا قواعد هناك. سيتواصل وجودنا في العراق وسوريا حتى نتأكد من أن الأمن” مضبوط. وأكد أنه لن يكون هناك أي تدخل من أطراف أخرى في عملية نزع السلاح.
وأضاف قوله “بالتأكيد لن يكون هناك أي تدخل من قِبل الأمم المتحدة أو أي طرف آخر. يجب أن يأتي الحل لمشاكل منطقتنا من دول المنطقة.”
وستُشرف على عملية تسليم الأسلحة، بحسب تقارير أوردتها وسائل إعلام تركية، جهات استخباراتية تركية في مواقع داخل تركيا وسوريا والعراق، حيث يُتوقع منها تسجيل الأسلحة وهوية المقاتلين بالتنسيق مع السلطات السورية والعراقية.
وقال الرئيس التركي أردوغان الأربعاء إن “أجهزة استخباراتنا ستتابع العملية بدقة لضمان الوفاء بالوعود.”