فريدريش ميرتس.. تعرف على المستشار الـ10 لألمانيا
عين الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، السياسي المحافظ، فريدريش ميرتس، مستشارا، ليصبح عاشر شخصية تتولى المنصب.
وعلى غرار مسيرة ميرتس السياسية، لم يأت منصب المستشار بسهولة، بل عبر سيناريو غير متوقع، إذ فشل في تصويت الجولة الأولى، لأول مرة في تاريخ انتخاب المستشار في البرلمان، منذ نهاية الحرب الثانية.
لكن النهاية السعيدة جاءت في جولة ثانية مساء اليوم، أعقبت جولات من المشاورات السياسية سواء في الاتحاد المسيحي المحافظ، أو مع الكتل الأخرى في البرلمان.
وميرتس الذي تعثر مساره السياسي بشكل متكرر إثر سيطرة المستشارة أنجيلا ميركل سياسيا وشعبيا على المحافظين (الاتحاد المسيحي) في البلاد لمدة 16 عاما، قاد حزبه إلى العودة للسلطة بعد غياب دام 3 أعوام فقط.
وبعد انتخابه في البرلمان اليوم، أصبح ميرتس البالغ من العمر 69 عاماً، الأكبر سناً منذ المستشار الأسبق كونراد أديناور، الذي تولى المسؤولية في عام 1949 بصفته أول مستشار للجمهورية الاتحادية الجديدة في سن الثالثة والسبعين.
بداية مبكرة
بدأ ميرتس مسيرته السياسية في عام 1989 كعضو في البرلمان الأوروبي، قبل أن يصبح في عام 1994 عضوًا في البوندستاغ (البرلمان) الألماني.
وبشكل سريع، صنع ميرتس لنفسه اسماً كسياسي وخبير مالي ليبرالي، حينما كان هيلموت كول مستشاراً فيدرالياً وزعيماً للاتحاد الديمقراطي المسيحي.
وبعد فضيحة تبرعات ضربت الاتحاد المسيحي، تولى ميرتس رئاسة المجموعة البرلمانية في البرلمان عام 2000.
ووصف مايكل شبرنغ الذي نظم حملة الاتحاد المسيحي الانتخابية لعام 2002 ما حدث لميرتس بعد ذلك، في مقال سابق نشرته صحيفة "هامبورغ أبندبلات"، بالقول: "كانت قصة نموذجية لرجل موهوب، ولكنه متغطرس ومغرور استهان بامرأة ماكرة وحازمة ومتواضعة، هي ميركل".
وبعد خسارة انتخابات البرلمان عام 2002، طالبت ميركل زعيمة الاتحاد الديمقراطي المسيحي، برئاسة المجموعة البرلمانية، واضطر ميرتس، إلى الاستسلام وأصبح نائبا لها، وبالتالي فقد فرصته في الوصول للمستشارية.
انسحاب
تبع هذا التطور صراع صعب بين ميركل والسياسي الموهوب، انتهى باستقالة ميرتس من جميع المناصب القيادية في الحزب والمجموعة البرلمانية. لكنه ظل عضوا في البرلمان حتى عام 2009،
المحامي ورجل المال صاحب الباع الطويل، كرس نفسه منذ 2009، لمهنته. أو كما يُقال غالبا في مثل هذه الحالات: لقد علّق اتصالاته السياسية، تماما كما يعلق لاعب الكرة حذائه معلنا الاعتزال.
في تلك الفترة، عمل ميرتس محاميا، بل عمل في شركات محاماة كبيرة، وأصبح رجلًا ثريًا.
ومن عام 2016 إلى عام 2020 كان رئيساً لمجلس الإشراف على فرع ألمانيا لأكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، بلاك روك.
العودة
ولم يعد ميرتس إلى السياسة إلا في الولاية الأخيرة لميركل في حكم ألمانيا، وحاول تسلق سلم قيادة الاتحاد المسيحي.
وبعد خسارة الاتحاد المسيحي الانتخابات الماضية في 2021، ألقى ميرتس بنفسه في سلم القيادة، وفاز بالانتخابات الداخلية لقيادة الحزب بنسبة 62%، بعد أن فشل في محاولتين سابقتين.
ملامح سياسته المنتظرة
ومنذ لحظة توليه رئاسة "الاتحاد المسيحي" بشكل رسمي مطلع 2022، صعد الحزب إلى صدارة استطلاعات الرأي، ولم يغادر القمة أبدا طوال 3 سنوات، حتى الفوز بانتخابات اليوم.
ورغم مرور سنوات بين اعتزاله السياسة وعودته إليها، لم تتغير أفكار ميرتس، إذ ظل يؤيد استخدام المفاعلات النووية في توليد الطاقة. ويطالب بتطبيق سياسة اقتصادية أكثر ليبرالية وتقليص البيروقراطية.
وكما كان قبل 25 عاما تقريباً، يشتكى من آثار سياسة الهجرة الألمانية، ويتحدث عن "مشاكل مع الأجانب" ويصر على وجود "ثقافة رائدة" في المجتمع، يسير ميرتس على نفس الخط مع صعوده إلى سدة الحكم، ويتبنى موقفا متشددا في قضايا الهجرة.
أما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، يظل ميرتس متمسكا بدور أكبر لألمانيا دوليا، وقال خلال مؤتمر ميونخ للأمن الأسبوع الماضي، إن ألمانيا يجب أن يكون لها دور أكبر في الاتحاد الأوروبي، وتعهد بدعم أوكرانيا وتأييد عضويتها في حلف شمال الأطلسي.
كما يتمسك المستشار الجديد بعملية تحديث كبيرة وشاملة للجيش الألماني، ليصبح الأقوى في أوروبا.