اخبار الإقليم والعالم
النشأة والتمويل والتعتيم.. «ورم إخواني» في «قلب» بلجيكا
دراسة جديدة تؤكد ما تشتبه فيه الحكومة البلجيكية حول ارتباط جمعية بتنظيم الإخوان، لتكشف مسار نمو «ورم» يهدد قلب البلد الأوروبي.
هذا ما كشفه «معهد توماس مور للدراسات السياسية» في عدده الشهري في شكل دراسة موسعة تناولت دور «التجمع من أجل الإدماج ومكافحة الإسلاموفوبيا في بلجيكا»، باعتباره إحدى أبرز الواجهات المرتبطة بالإخوان في أوروبا.
والدراسة أعدها فاديلا معروفي وأيمريك دو لاموت بالتعاون مع الباحثة الفرنسية فلورانس بيرجو-بلاكلير عالمة الاجتماع الإنثربيولوجية، وهي متخصصة في التنظيمات المتطرفة من مركز «المركز الأوروبي للأبحاث والمعلومات حول الأخونة» بفرنسا.
واعتمدت الدراسة على تقرير صادر عن جهاز أمن الدولة البلجيكي (نُشرت مقتطفات منه في 9 يوليو/تموز الماضي)، والذي وصف المنظمة بأنها "جماعة ضغط ذات توجه إخواني" وتشكل خطراً من خلال تقويض القيم، والتدخل في المؤسسات العامة، والتأثير على العملية الديمقراطية.
النشأة والارتباط بالإخوان
واشارت الدراسة إلى أن نشأة «التجمع من أجل الإدماج ومكافحة الإسلاموفوبيا في بلجيكا» ارتبطت بشكل مباشر بـ«التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا»، والأخير تم حله في فرنسا بقرار من وزارة الداخلية عام 2020.
وأوضحت أن الجمعية المذكورة تشكل «النسخة البلجيكية» من نظيرتها الفرنسية، حيث بادر مؤسسوها إلى تقديمها على هذا النحو، وبعد حل «التجمع ضد الإسلاموفوبيا في فرنسا»، غير الفرع البلجيكي اسمه كإجراء احترازي.
وكشف الدراسة عن أنه من بين المؤسسين السبعة للجمعية البلجيكية، عضو في جماعة الإخوان وناشط بارز بها، من دون الكشف عن هويته.
وخلصت الدراسة إلى أن المنظمة «مرتبطة بالإخوان بحكم خلفياتها التاريخية والدعم الذي تحصل عليه والخطاب الذي تروجه».
التمويل والإيديولوجيا
تظهر أبحاث المعهد أن الجمعية حظيت بدعم مالي كبير من مصادر عامة، حيث حصلت على 275 ألف يورو من الأموال العامة خلال الفترة 2018 – 2024، و575 ألف دولار من مؤسسة "أوبن سوسايتي" التابعة للملياردير جورج سوروس، بين 2017 – 2023.
وترى الدراسة أن الخطاب الذي تعتمده والمبني على محاربة ما يسمى "الإسلاموفوبيا"، ليس سوى أداة سياسية لتجريم أي نقد للإسلام عامة أو للحركات الإسلامية ذات الطابع السياسي على وجه الخصوص.
وتشير إلى أن الهدف النهائي هو دفع المجتمع البلجيكي إلى التكيّف الكامل مع رؤية الإخوان للإسلام في الفضاء العام، بدلاً من اندماج المسلمين في القيم المدنية والديمقراطية للدولة.
قيادات وروابط
ووفقاً للدراسة، فإنه من بين الشخصيات المثيرة للجدل، مصطفى شيري، المؤسس ورئيس الجمعية حتى 2024، والذي ظهر مراراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو يؤدي إشارة "رابعة"، رمز الولاء لتنظيم الإخوان في مصر.
كما يعتبر أيضا حجيب الحجاجي من بين المؤسسين، وكان لسنوات طويلة عضواً في رابطة مسلمي بلجيكا، والتي يعتبرها أمن الدولة البلجيكي "الفرع المحلي للتنظيم الدولي للإخوان".
وتكشف الدراسة عن ارتباط وثيق بين الجمعية والشبكات الإخوانية الأوروبية مثل «الشبكة الأوروبية ضد العنصرية»، و«منتدى المنظمات الشبابية والطلابية المسلمة الأوروبية».
وتظهر الجمعية كشريك رسمي على مواقع هذه المنظمات، كما تتعاون معها في فعاليات مشتركة وبيانات موحدة.
وعلى سبيل المثال، أصدرت في 2017 عدة جمعيات، بينها «التجمع من أجل الإدماج ومكافحة الإسلاموفوبيا في بلجيكا»، بياناً مشتركاً ضد قرار محكمة العدل الأوروبية الذي يسمح للشركات بحظر الرموز الدينية الظاهرة في إطار سياسات الحياد.
اختراق سياسي
بحسب الدراسة، اخترقت الجمعية المشهد السياسي والمؤسساتي البلجيكي، خصوصاً حزب الخضر، إذ أن خمسة من أصل سبعة مؤسسين للهيئة أعضاء ناشطون في الحزب ويتولون مناصب مهمة.
ومن بينهم: حجيب الحجاجي وهو نائب في برلمان اتحاد والونيا - بروكسل، وعضو مجلس إدارة سابق في مؤسسة حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان،، وأيضا فريدة طهار وهي نائبة في البرلمان البلجيكي عن حزب الخضر.
ويؤكد معهد «توماس مور» أن الجمعية ليست مجرد منظمة حقوقية تدافع عن المسلمين كما تدّعي، بل تمثل واجهة سياسية وفكرية للإخوان في قلب بروكسل.
ويحذر التقرير من خطورة استغلال شعارات «الإدماج» و«مناهضة الإسلاموفوبيا» كأدوات لاختراق المؤسسات الديمقراطية، وفرض خطاب أيديولوجي يسعى لتغيير طبيعة المجتمع البلجيكي بدلاً من تعزيز اندماج المسلمين فيه.