اخبار الإقليم والعالم
ألفا تفجير نووي خلال 80 عاما.. والآثار ما زالت تلاحق العالم
قبل 80 عاما، بدأ العصر النووي، وعلى مدار هذه السنوات لا يزال هناك الكثيرون حول العالم ممن يدفعون الثمن.
نشأت ماري ديكسون في مدينة سولت ليك بولاية يوتا الأمريكية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي حيث كان تلاميذ المدارس يتعلمون الاختباء من القنابل النووية لكنها لم تكن تعلم أن اختبارات المخزونات الجديدة من الأسلحة النووية كانت تتم بالقرب منها في ولاية نيفادا المجاورة.
كانت ديكسون تعيش في اتجاه الريح مما أدى إلى انتقال معظم التداعيات الإشعاعية إلى منطقتها حيث عانت من سرطان الغدة الدرقية وتوفيت أختها بمرض الذئبة ومؤخرا تم تشخيص أختها الصغرى بسرطان الأمعاء في حين يعاني 54 شخصا من الحي الذي نشأت فيه من السرطان وأمراض المناعة الذاتية، والعيوب الخلقية، أو حالات الإجهاض.
وفي حين يصعب تحديد المسؤولية المباشرة، لكن المتعارف عليه طبيا أن زيادة التعرض للإشعاع تزيد من خطر الإصابة بالسرطان وهو ما حدث للأشخاص الذين عاشوا وتعرضوا للإشعاع في الولايات المحيطة بموقع التجارب بما في ذلك أريزونا ونيفادا ويوتا وأوريغون وواشنطن وأيداهو.
بدأ العصر النووي مع اقتراب نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 عندما ألقت ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين مما أودى بحياة حوالي 110 آلاف شخص على الفور.
وألقت القنبلتان سباق التسلح في حقبة الحرب الباردة، حيث سارعت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، بالإضافة إلى بريطانيا وفرنسا والصين، إلى تطوير أسلحة نووية أكثر قوة.
وبين عامي 1945 و1996، أجرت هذه الدول أكثر من 2000 تجربة نووية لتأسيس رادع نووي خاص بها لكن هذه التجارب ألحقت أضرارًا جسيمة بحياة وصحة وأراضي السكان الذين يعيشون بالقرب منها.
لاحقًا، أجرت الهند وباكستان وكوريا الشمالية تجاربها الخاصة قبل أن تُنهي سلسلة من المعاهدات الدولية هذه الممارسة بشكل شبه كامل باستثناء كوريا الشمالية التي تعد الدولة الوحيدة التي أجرت تجارب لأسلحة نووية في القرن الحادي والعشرين كان آخرها عام 2017.
وفي تصريحات لـ"سي إن إن"، قالت توغزان كاسينوفا، الزميلة غير المقيمة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إنه على الرغم من تفجير هذه الأسلحة النووية منذ عقود، "لا يزال الكثيرون يدفعون الثمن".
واختبرت القوى النووية السابقة قنابلها في أماكن اعتبرتها نائية وقليلة السكان، غالبًا في أراضٍ استعمرتها، بعيدًا عن مراكزها السكانية الرئيسية.
أجرت الولايات المتحدة تجاربها النووية بشكل رئيسي في نيفادا وجزر مارشال، في وسط المحيط الهادئ؛ والاتحاد السوفيتي في سيميبالاتينسك في كازاخستان وفي أرخبيل نوفايا زيمليا في المحيط المتجمد الشمالي؛ والمملكة المتحدة في أستراليا وجزيرة كيريتيماتي المرجانية في المحيط الهادئ، المعروفة سابقًا باسم جزيرة الكريسماس؛ وفرنسا في الجزائر وبولينيزيا الفرنسية؛ والصين في لوب نور، وهي منطقة صحراوية نائية في غرب مقاطعة شينجيانغ.
ويُعد فهم التأثير الكامل للتجارب النووية أمرًا صعبًا فهو محل خلاف ويصعب قياسه كميًا، لكن إحدى الدراسات التي أجراها المعهد الوطني للسرطان عام 1997 قدرت أن تجارب الأسلحة النووية فوق الأرض في نيفادا بين عامي 1951 و1962 أسفرت عن ما بين 11300 و212000 حالة إصابة زائدة بسرطان الغدة الدرقية.
ووجدت الدراسات في المنطقة المحيطة بموقع سيميبالاتينسك أن معدلات وفيات السرطان ومعدلات وفيات الرضع خلال الفترة الأكثر كثافةً من التجارب النووية، بين 1949 و1962 كانت أعلى من أماكن أخرى في كازاخستان.
ورجحت دراسة أخرى للمعهد الوطني للسرطان في جزر مارشال أن ما بين 0.4% و3.4% من حالات السرطان بين السكان الذين عاشوا بين عامي 1948 و1970 ناجمة عن التعرض للإشعاع.
بالإضافة إلى تأثيرها على صحة الناس، خلّفت هذه التجارب عواقب بيئية جسيمة فبين عامي 1946 و1958، أجرت الولايات المتحدة 67 تجربة نووية معروفة في جزر مارشال، بلغ إجمالي قوتها الانفجارية ما يعادل 7232 قنبلة هيروشيما.
وأدت هذه التجارب إلى تدمير خمس جزر جزئيًا أو كليًا، ولا تزال أجزاء من جزر مارشال "ملوثة" بعد قرابة 70 عامًا، وفقًا لإيفانا نيكوليتش هيوز، عضو فريق بحثي من جامعة كولومبيا يُجري تحقيقات حول مستويات الإشعاع هناك.
وتم التخلص من جزء كبير من النفايات في جزيرة إنيويتاك المرجانية في حفرة غير مبطنة مغطاة بغطاء خرساني، تُعرف الآن باسم قبة رونيت؛ وقد أثارت اللجنة النووية الوطنية لجزر مارشال والأمم المتحدة مخاوف بشأن سلامتها.
مع تزايد الاعتراف بالآثار طويلة المدى للتجارب النووية، تم منح بعض المتضررين تعويضات، تختلف من مكان لآخر فمثلا تلقت جزر مارشال تعويضات من الولايات المتحدة، لكنها اعتبرتها ضئيلة مقارنةً بالحجم الحقيقي للأضرار.
ووفقا للمعهد النرويجي للشؤون الدولية، أدرجت السلطات الكازاخستانية 1.2 مليون شخص في برنامج التعويضات الخاص بها مما يمنحهم الحق في الحصول على مزايا صحية ومالية معينة.
وفي الولايات المتحدة، تلقى أكثر من 27 ألف شخص أكثر من 1.3 مليار دولار كمدفوعات بموجب قانون تعويض التعرض للإشعاع الصادر عام 1990 والذي تم تمديده الشهر الماضي،
في المقابل، قللت فرنسا وبريطانيا من تأثير برامجهما للتجارب النووية. ولم تعترف باريس إلا في عام 2010 بوجود صلة بين تجاربها واعتلال صحة الجزائريين والبولينيزيين الفرنسيين ولم يحصل حوالي نصف هؤلاء المطالبين على تعويضات إلا في عام 2021.
وفي حين توجه المملكة المتحدة قدامى المحاربين الذين شاركوا في التجارب النووية إلى التقدم بطلبات للحصول على تعويضات بموجب نظام معاشات حرب عام، لا تزال الجمعيات الخيرية للمحاربين القدامى تطالب بحصول العسكريين السابقين، وأبنائهم وأحفادهم، على تعويضات محددة نتيجة اعتلال صحتهم نتيجة مشاركتهم في عمليات التجارب النووية البريطانية.