اخبار الإقليم والعالم

الخلافات على مربعات الغاز تهدد باحتكاكات عسكرية في شرق المتوسط

وكالة أنباء حضرموت

 تشير الأزمة الجديدة بين اليونان من ناحية، وتركيا وليبيا من ناحية ثانية، إلى معركة جديدة حول غاز شرق البحر المتوسط على وشك أن تندلع، وأن الصراع الذي خفت خلال الفترة الماضية ربما يتحول إلى احتكاكات عسكرية ميدانية، وليس مجرد اصطفافات سياسية، كما كان من قبل، بعد حدوث تغير في نمط العلاقات بين دول شرق المتوسط، ورغبة كل طرف في توظيف الاتفاقيات حسب مصالحه.

ويتوقع مراقبون أن يشهد شرق المتوسط نمطا مختلفا من التفاعلات، يضع حدا لسيولة منطقة الغاز الحيوية، وقد تكون لهذا النمط نتائج أمنية خطيرة، في ظل تداخل الحدود البحرية بين عدد من دولها، وغزارة في الاحتياطات الواعدة، تثير شهية قوة إقليمية ودولية تسعى لتعظيم الاستفادة، وظلت مراقبة عن كثب الفترة الماضية.

ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن عودة السخونة إلى شرق البحر المتوسط هذه المرة، ستكون مختلفة، في زاويتي هياكل الدول وتفاعلاتها، فقد سقط نظام بشار الأسد في سوريا ولم تعد روسيا صاحب القرار في الغاز السوري وقد تتحكم تركيا في الموضوع بدلا منها. كما تم تقويض حزب االله اللبناني وأزيلت عقبة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل.

كما أن تطبيع العلاقات بين مصر وتركيا له تأثيرات إيجابية نسبيا على موقفها من طموحات أنقرة في شرق المتوسط، وعلى الأقل لن تقف في مواجهتها بصرامة، ما يجعل موقف القاهرة محرجا مع اليونان، على الرغم من إرسال مصر تطمينات إلى أثينا وإبداء حرص واضح على الطابع الإستراتيجي في العلاقات معها، إلى جانب قبرص، ومحاولة استرضاء الطرفين يضعف دور القاهرة في هذه الصراعات.

◄ أي تصعيد سيقود إلى زعزعة استقرار هش في شرق المتوسط وتدمير طرق التجارة من قناة السويس وإليها

وتكمن المشكلة في أن المخاوف من حدوث تصعيد في شرق المتوسط هذه المرة قد يؤدي إلى دخول قوى كبرى على خطه لترسيم حدود غائمة في منطقة تضعها جهات عديدة في مرمى أهدافها، وتحاول توظيف الخلافات بين بعض الدول لتتمكن من القبض على حركة سلعة ذات أهمية فائقة في العالم، بما يقود إلى تجاذبات وتوترات.

ويفضي أيّ تصعيد كبير إلى زعزعة استقرار هش في شرق المتوسط وتدمير طرق التجارة من قناة السويس وإليها، ما يضر بصادرات بعض الدول الأوروبية، ويضيف مشكلة جديدة لمصر.

وقد تجد مصر نفسها في موقف لا تحسد عليه، فبعد أن انخفضت التهديدات القادمة من جنوب البحر الأحمر بسبب استهدافات جماعة الحوثي في اليمن لسفن الملاحة التي أثرت على عائدات قناة السويس، يمكن أن تواجه تصعيدا من الشمال في شرق البحر المتوسط، يوقف حركة الملاحة أو يتسبب في حدوث بطء جديد بها، وبالتالي استمرار نزيف الخسائر في ممر قناة السويس الحيوي.

تفرض هذه المعادلة تدخلا مصريا بين اليونان وتركيا من أجل إيجاد صيغة توقف وصول الخلاف إلى نقطة الصراع العسكري، لكن المشكلة أن الحدود البحرية متداخلة مع أهداف سياسية لدى الدول الأربع المنخرطة، وهي: تركيا واليونان وقبرص وليبيا، ما يجعل الموقف أكبر من تدخل مصري للحفاظ على المصالح، فحال حدوث تصعيد قد تتسرب قوى إليه تريد إعادة رسم خارطة الغاز في العالم عبر شرق المتوسط.

والتقى وزير النفط في حكومة الوحدة الوطنية الليبية خليفة عبدالصادق مع وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار في طرابلس، الجمعة، وناقشا فرص الاستكشاف المشتركة البرية والبحرية، ومشاركة الشركات التركية في مشاريع تطوير وتحديث حقول الطاقة والبنية التحتية الليبية.

وتناول الاجتماع مذكرة التفاهم الموقّعة بين شركة النفط الوطنية الليبية وشركة تباو التركية لأنشطة الاستكشاف والإنتاج بأربع كتل ترها ليبيا جزءا من حدودها البحرية.

وتفجر التوتر بعد إعلان أثينا عن مناقصة دولية جديدة لاستكشاف الهيدروكربونات قبالة سواحل جزيرة كريت، وبمناطق تقول ليبيا إنها تابعة لمنطقتها الاقتصادية الخالصة.

وأعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بالحكومة الليبية، الخميس، استدعاء القنصل العام اليوناني في مدينة بنغازي، على خلفية تصريحات عن وزير الخارجية اليوناني جيورجوس جيرابتريتيس حول الحدود البحرية بين البلدين.

واعتبرت حكومة طرابلس والسلطة التنفيذية في بنغازي الخطوة اليونانية “أحادية الجانب” و”غير شرعية”، وتنتهك القانون البحري الدولي والحقوق السيادية للدولة الليبية، وأعقب ذلك قيام أثينا بنشر فرقاطتين وسفينة عسكرية قبالة ليبيا.

المشكلة أن الخرائط التركية – الليبية تتعارض بشكل مباشر مع الخرائط اليونانية والقبرصية، وأن ليبيا وتركيا تطبقان اتفاقية جنيف لعام 1958، بينما تشير اليونان وقبرص والاتحاد الأوروبي إلى اتفاقية جنيف لعام 1982، ما أوجد فجوة كبيرة.

ووقّعت القاهرة وأثينا اتفاقية ثنائية لترسيم حدود منطقتيهما الاقتصادية الخالصة في أغسطس 2020، ما أثار معارضة من تركيا وليبيا، على الرغم من التزام البلدين بالقانون الدولي البحري، وعدم المساس بحقوق الآخرين.

لكن الاتفاق المصري – اليوناني يتداخل جزئيًا مع مذكرة تفاهم وقّعت بين أنقرة وطرابلس عام 2019، ما أدى إلى نشوء منطقة اختصاص بحري متنازع عليها.

ويُمثل اتفاق القاهرة وأثينا خطوة مهمة لحماية مصالح مصر في مجال الطاقة في حوض ليفانتين، خاصة تلك المتعلقة بتطوير الحقول البحرية والبنية التحتية لتصدير الغاز إلى أوروبا.

ويجعل تداخل الخرائط وغياب آلية متعددة الأطراف مشتركة لحل النزاعات الصورة غير مستقرة في شرق المتوسط، وأحد الحلول الممكنة المقترحة إنشاء منطقة اقتصادية خالصة واحدة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، تديرها هيئة فوق وطنية تضمن للجميع حصة عادلة من الموارد.

ويبدو تطبيق هذه الفرضية بعيد المنال، ويمكن أن تتسبب في وقوع حوادث، شبيهة لما حدث عام 2020، حيث وقع اشتباك عندما صدمت فرقاطة يونانية فرقاطة تركية، وتدخلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لحل الأزمة، ومع غياب اتفاقيات منظمة يعتمد استقرار المنطقة على توازنات مؤقتة وقدرة الأطراف على تجنب التصعيد.
 

"لا أرض أخرى".. علامة على حياة مجتمع لم يستسلم أبدا


إلغاء خفض أسعار الكهرباء للمصانع يُنذر بموجة تضخم في مصر


العراق أكثر استقرارا مما كان عليه منذ عقود، لكنه لا يزال يواجه تحديات هائلة


المغرب يكسر عزلة الساحل الأفريقي بمبادرة الولوج إلى الأطلسي