رياضة وشباب
غاتوزو المحارب يجد نفسه في المكان المناسب مع منتخب إيطاليا
يجد جينارو غاتوزو نفسه في المكان المناسب بتوليه تدريب المنتخب الإيطالي المتعثر في التصفيات الأوروبية المؤهلة لمونديال 2026 والساعي لتجديد دمائه. اشتهر لاعب خط الوسط السابق بشراسته، لكنه حاليا يكافح لنقل روحه القتالية إلى لاعبيه مذ أن بدأ مسيرته على مقاعد المدربين. وبات مصطلح “غرينتا” الإيطالي مفهوما دوليا في عالم الكرة المستديرة، عاكسا التصميم والغضب من أجل الفوز وحتى الشراسة، وهي عناصر جسدها المدرب الجديد ابن الـ47 عاما للآتزوري الذي سيتم تقديمه رسميا الخميس في روما، لسنوات طويلة بقميص فريقه الأبدي ميلان.
وقال المهاجم الدولي السابق السويدي زلاتان إبراهيموفيتش الذي اشتهر بدوره بشراسته داخل المستطيل الأخضر ولعب إلى جانب غاتوزو “لا داعي لأن تشرح له ما يجب عليك فعله للفوز (…) إذا كان عليك الذهاب إلى الحرب، فإن أول شخص تفكر فيه هو غاتوزو، لا يوجد الكثير مثله.”
لذا في البداية، وربما حتّى النهاية، كانت هناك دائما ساحة للقتال. ولد في التاسع من يناير 1978 في كوريليانو كالابرو، بلدة صغيرة في كالابريا حيث لعب والده فرانكو الذي كان يعمل كنجار، في صفوف الفريق المحلي ضمن دوري الدرجة الرابعة. في سن الثانية عشرة، تعرض غاتوزو الابن للصفعة الأولى في مسيرته كلاعب عندما رفض بولونيا ضمه إلى مركزه التدريبي، لكنه رفض الاستسلام لينضم إلى بيروجيا الأقل شهرة.
خاض مباراته الأولى في سن الـ18 عاما، في مارس 1996، مع الفريق الأول الذي كان يخوض حينها منافسات الدرجة الثانية، ثم في الموسم التالي اكتشف دوري النخبة. في ربيع عام 1997، وفي انتهاك صارخ حينها لقواعد انتقالات الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، انتقل غاتوزو إلى غلاسكو رينجرز الأسكتلندي منجذبا إلى راتب اعتبر مبلغا مذهلا في ذلك الوقت إذ بلغ مليون يورو على مدى أربع سنوات، وإلى دوري يناسب أسلوب لعبه بشكل أفضل، وهو لاعب الوسط الشرس الذي لا يعرف التنازل.
غاتوزو خاض معارك عديدة مع المنتخب الوطني الذي سيعود إليه بعد 15 عاما من ارتدائه قميصه للمرة الـ73 الأخيرة (هدف واحد)
انتهت تجربته الأسكتلندية التي اتسمت أيضا بلقاء كارلا، زوجته وأم طفليه، عندما قرر مدرب رينجرز الجديد نقله إلى خط الدفاع. في أكتوبر 1998، عاد غاتوزو إلى الدوري الإيطالي من بوابة ساليرنيتانا حيث نجح بعد 25 مباراة فقط في إقناع عملاق أوروبا ميلان بمنحه فرصة العمر. فاز مع “روسونيري” بكل الألقاب الممكنة بين 1999 و2012: الدوري الإيطالي مرتان (2004 و2011)، وكأس إيطاليا (2003)، والكأس السوبر الإيطالية (2004 و2011)، ودوري أبطال أوروبا مرتان (2003 و2007)، والكأس السوبر الأوروبية (2003 و2007) ومونديال الأندية (2007).
تحت إشراف معلمه كارلو أنشيلوتي، اشتهر غاتوزو بـ”رينغيو” أي الشخص الذي يزأر. لاعب خط وسط دفاعي لا يعرف الكلل، يضغط ويهاجم، نال 90 إنذارا في 15 موسما في “سيري أ” وطُرد 4 مرات فقط… أثار أيضا غضب منافسيه.
أدى شجاره مع جو جوردان مساعد مدرب توتنهام الإنجليزي في دوري أبطال أوروبا في فبراير 2011، بعدما أمسكه من حلقه، إلى إيقافه لخمس مباريات. خاض غاتوزو أيضا معارك عديدة مع المنتخب الوطني الذي سيعود إليه بعد 15 عاما من ارتدائه قميصه للمرة الـ73 الأخيرة (هدف واحد). بقميص الآتزوري، فاز بمونديال 2006 أمام فرنسا زين الدين زيدان بركلات الترجيح 5 – 3، بعد تعادلهما 1 – 1 في الوقتين الأصلي والإضافي. استهل مسيرته كمدرب، التي تبدو باهتة مقارنة مع مسيرته كلاعب، في عام 2013 مع سيون السويسري.
وفي حين لم ينجح سوى بالفوز بكأس إيطاليا مع نابولي عام 2020، حصد الكثير من خيبات الأمل، إن كان مع فالنسيا الإسباني (2022 – 2023) أو مرسيليا الفرنسي (2023 – 2024) حيث أُقيل سريعا بعد أن فقد زخمه. حتى عودته إلى ميلان، الذي كان في حالة انهيار تام آنذاك، لم تُفلح في إطلاق مسيرته التدريبية (2017 – 2019).
لم يفقد غاتوزو طبعه الناري وظل قادرا، كما فعل أخيرا، على مهاجمة مستشار يعمل في التلفزيون الكرواتي على الهواء مباشرة خلال موسمه الوحيد (2024 – 2025)، المخيب للآمال أيضا، على رأس هايدوك سبليت الكرواتي. هذه النار المشتعلة في جسده وهذا الإيمان بالقتال، هو ما ينتظره قادة كرة القدم الإيطالية ليزرعه في المنتخب الوطني الذي يفتقر بشدة إلى الشخصية والموهبة، وبات مهددا بالغياب عن نهائيات كأس العالم للمرة الثالثة تواليا بعد عامي 2018 و2022.