اخبار الإقليم والعالم
الإمارات تنضمّ إلى ممولي مشروع أنبوب الغاز المغربي - النيجيري
أكدت المملكة المغربية رسميا عن انتهاء كافة الدراسات المرتبطة بالهندسة الأولية لمشروع أنبوب الغاز العملاق الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب، والذي ستنطلق أشغاله من مدينة الداخلة بالصحراء المغربية، كما أعلنت الإمارات العربية المتحدة عن انضمامها رسميًا إلى قائمة الممولين الرئيسيين لهذا المشروع الضخم، الذي سيربط 15 دولة بأوروبا وتقدر كلفته بـ25 مليار دولار، فيما سيصل إنتاجه إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.
وفي خطوة تعد بتغيير خريطة الطاقة الإقليمية والعالمية، كشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية ليلى بنعلي أن المشروع ستتشارك في تمويله إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة عدة جهات دولية بارزة، من بينها البنك الإسلامي للتنمية، وصندوق الأوبك، والبنك الأوروبي للاستثمار، كما سيحظى بدعم تقني من مجموعة جينجي الصينية، التي ستتولى توريد الأنابيب الفولاذية اللازمة للمشروع.
ووقع المغرب والإمارات العربية المتحدة، خلال زيارة العمل التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس لأبوظبي قبل عامين على رأس وفد هام، على مذكرة تفاهم بشأن إرساء شراكة استثمارية مرتبطة بمشروع أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، وتهدف إلى وضع إطار لمساهمة ممكنة لدولة الإمارات في إنشاء أنبوب الغاز الأفريقي – الأطلسي بين المغرب ونيجيريا يتضمن مشاركة مالية وتقنية من واقع خبرة تراكمت على مدى سنوات من العمل على إنجاز مشاريع ضخمة في مجال الطاقة من الخليج إلى شرق آسيا.
ونوهت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بالتقدم الكبير الذي يعرفه مشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، الذي أصبح يحمل اسم “أنبوب الغاز الأفريقي – الأطلسي”، معتبرة إياه مشروعا قاريا إستراتيجيا يعكس رؤية المغرب لتعزيز التعاون جنوب – جنوب، ومؤكدة على الأهمية الإستراتيجية التي يكتسيها المشروع كمحفز للتنمية الاقتصادية والإقليمية، ورافعة لتطوير قطاع الصناعة، وتسريع برامج الولوج إلى الشبكة الكهربائية، ودعامة لخلق فرص الشغل وتحقيق اندماج اقتصادي على مستوى دول غرب أفريقيا، وركيزة لتحويل المغرب للممر الطاقي الوحيد الذي يربط بين أوروبا وأفريقيا وحوض الأطلسي.
وكشفت المسؤولة المغربية أن هذا الأنبوب سيمتد على 6800 كلم، منها 5100 كلم بالمجال البحري، بسعة نقل 30 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي، وغلاف استثماري إجمالي يقدر بـ25 مليار دولار أميركي، مشيرة إلى أنه سيمكن من إعداد المنطقة لاقتصاد الهيدروجين الأخضر، وسيربط بين احتياطيات الغاز النيجيرية الهائلة والأسواق المغربية والأوروبية، عبر مسار إستراتيجي يمر بخمس عشرة دولة أفريقية على طول ساحل المحيط الأطلسي.
واعتبر هشام معتضد، الخبير المغربي في العلاقات الدولية، أن “دعم دولة الإمارات العربية المتحدة لهذا المشروع ليس فقط استثمارا ماليا، وإنما ترجمة للعلاقات التاريخية الوطيدة التي تجمع البلدين والرغبة القوية بين قيادة البلدين في مواصلة التضامن ضمن شراكة إستراتيجية أعمق للرفع من حجم الاستثمارات خلال السنوات المقبلة، خصوصا وأنه سينطلق من الداخلة جنوب المغرب ليعكس موقف الإمارات الدائم في دعم وحدة أراضي المغرب وتدشين أول قنصلية عربية في مدينة العيون بالصحراء المغربية تعبيرا عن الدعم اللامشروط لسيادة المغرب على صحرائه.” وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “المغرب يقدم نفسه كدولة ذات موثوقية سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا واستقرار مؤسساتي، وشبكة لوجستية متقدمة وموقع موثوق به للاستثمارات الكبيرة في مجال الطاقة.”
وأوضح معتضد أن “هذا المشروع الضخم يلقى شبه إجماع من طرف أوروبا وواشنطن والمؤسسات السيادية بالاتحاد، خاصة وأن الخارطة السياسية للمشروع مبنية على عوامل صلبة ومتينة انطلاقا من الاستقرار السياسي والرافعة السوسيواقتصادية والانضباط الأمني،” معتبرا أن “أبوظبي تنسجم مع الخيار المغربي والأوروبي لدعم المشروع وتمويله، على اعتبار الثقة في المغرب ونيجيريا والضمانات المتعلقة بالاستقرار الاقتصادي والسياسي.”
وفي هذا الصدد أكد سفير الإمارات العربية المتحدة لدى المملكة المغربية العصري سعيد الظاهري في يوليو الماضي أن العلاقات بين البلدين الشقيقين متجذرة في التاريخ، موردا أن العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تسير في منحى إيجابي يصبو إلى بلوغ الشراكة الاقتصادية المتقدمة، بالاعتماد على نقاط قوة كل من الاقتصاد الإماراتي والمغربي، اللذين يتميزان بدرجة كبيرة من التكامل الذي يجب الاستفادة منه لتحقيق المصلحة العليا للبلدين.
◙ بعد اكتمال دراسات الجدوى ستنطلق قريبا الأشغال الميدانية للمشروع الذي سيساهم في رسم خريطة الطاقة في المنطقة
ونظرا لحجم الرهانات الجيواقتصادية على أنبوب الغاز المغربي – النيجيري كشف والي إيدون، وزير المالية والوزير المنسق للاقتصاد بنيجيريا، عن “اهتمام الولايات المتحدة بالاستثمار في المشروع،” موضحا أن “مجالات الاهتمام الرئيسي لواشنطن تشمل الاستثمار في قطاع الغاز الطبيعي في نيجيريا، وخاصة في أنابيب الغاز مع المغرب، بالنظر إلى الاحتياطيات الضخمة التي تمتلكها البلاد من هذه المادة.”
وبوصف المغرب بوابة موثوقا بها في أفريقيا نحو الأسواق العالمية، توصلت الرباط وأبوجا في الشهر الماضي إلى اتفاق لإنشاء شركة مشتركة لإدارة هذا المشروع الضخم، بعدما وقع البلدان على اتفاقية تمويل المشروع التي وافق عليها البنك الإسلامي للتنمية، وقدمت منظمة البلدان المصدرة للبترول تمويلا لدراسة جدوى المشروع.
وبعد اكتمال دراسات الجدوى ستنطلق قريبا الأشغال الميدانية للمشروع الذي سيساهم في رسم خريطة الطاقة في المنطقة، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون الإقليمي والدولي، إذ سيمكّن الأنبوب من تزويد جزر الكناري الإسبانية بالغاز الطبيعي والهيدروجين الأخضر، كما سيتم ربطه بمدينة الناظور المغربية، حيث تخطط المملكة لإنشاء جزيرة صناعية حديثة مخصصة لتصدير الطاقة نحو إسبانيا.
ويُرتقب توقيع اتفاقيات رئيسية لتحديد آليات نقل الغاز في المرحلة الأولى مع نيجيريا والسنغال وموريتانيا، فضلا عن استكمال ترتيبات الهيكلة المالية بالشراكة مع المستثمرين الدوليين، تمهيدا للبدء في تنفيذ المشروع فعليا.
وسيؤدي المشروع إلى توسيع نطاق توفير الكهرباء في عدة بلدان أفريقية، مع دعم التعاون الاقتصادي بين الدول المعنية، التي تضم أكثر من 400 مليون نسمة. ويوفر امتداد خط الغاز عبر عدة دول فرصا للتكامل الاقتصادي، من خلال تحسين البنية التحتية الإقليمية، وتعزيز التعاون بين الحكومات والشركات ودفع عجلة التنمية الصناعية في الدول المستفيدة.