تقارير وحوارات
صواريخ الحوثي الإيرانية المعدلة تنجح في اختراق الدفاعات الإسرائيلية
أظهر استهداف الحوثيين لمطار بن غوريون الأحد، نقلة نوعية في أداء الصواريخ الحوثية بعيدة المدى التي يرجّح على الأغلب أن تكون صواريخ إيرانية خضعت لتطويرات تقنية، اختارت طهران أن يقوم الحوثيون باختبار قدرتها على اختراق الدفاعات الإسرائيلية.
ويسود ترقّب بشأن الرد الإسرائيلي الذي من المتوقع أن يكون قاسيا جدا هذه المرة ويستهدف مناطق حيوية، ما من شأنه مضاعفة معاناة المدنيين في اليمن الذين أنهكتهم سنوات من الحرب الأهلية.
ويعكس هذا التطور أن الحوثيين ومن خلفهم إيران، باتوا قادرين على تجاوز الأنظمة الدفاعية المتقدمة مثل القبة الحديدية ومنظومة “حيتس”، مما يشير إلى ثغرات قائمة في شبكة الدفاعات الإسرائيلية.
ويرى محللون أن طهران لم تكتف بتهريب الصواريخ إلى الحوثيين بل قدمت أيضا إشرافا فنّيا على تطوير صواريخها، مما يعكس تورّطا إيرانيا مباشرا ليس فقط في التسليح، بل في التوقيت والتنفيذ، ضمن إستراتيجية محسوبة للضغط على إسرائيل من أكثر من جبهة.
الضربة الحوثية رسالة غير مباشرة من طهران بأن أذرعها الإقليمية باتت قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل
ويرى هؤلاء المحللون أن ما حدث الأحد يعد رسالة غير مباشرة من طهران بأن أذرعها الإقليمية باتت قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل رغم بعد المسافة وتعقيد البيئة الدفاعية.
وتخشى طهران بدورها أن ترد إسرائيل على الضربة في مطار بن غوريون باستهداف مواقع حيوية في إيران، حيث قال وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زادة الأحد إن طهران سترد بقوة إذا هاجمتها الولايات المتحدة أو إسرائيل.
وحتى لو لم تسفر الضربة عن خسائر بشرية كبيرة، فإن مجرد الوصول إلى مطار بن غوريون، أهمّ منشأة مدنية وإستراتيجية في إسرائيل، يعتبر ضربة معنوية قوية لتل أبيب التي لطالما روّجت لنظام دفاعها باعتباره درعا حصينا ضد أي تهديد، ما يجعل الاختراق الحوثي موجعا سياسيا وعسكريا وهو ما دفع المسؤولين الإسرائيليين إلى التوعد برد أقوى بأضعاف.
وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد بتوجيه “ضربات” جديدة للحوثيين في اليمن بعد استهدافهم محيط مطار بن غوريون الدولي ما تسبب بإصابة ستة أشخاص وتعطل حركة الملاحة ودفع شركات طيران إلى تعليق رحلاتها.
وقال نتنياهو في مقطع فيديو نشر عبر قناته على تطبيق تلغرام “تحرّكنا ضدهم (الحوثيون) في الماضي وسنواصل التحرّك ضدهم في المستقبل.” وأضاف “الأمر ليس ضربة واحدة وتنتهي، ستكون هناك ضربات.”
وكان قائد لواء المركز في إسرائيل يائير حتسروني أفاد في مقطع فيديو صوره من موقع سقوط الصاروخ ويظهر خلفه برج مراقبة مطار بن غوريون، بأن الصاروخ أحدث حفرة “بعرض وعمق عشرات الأمتار.”
وسقط الصاروخ قرب موقف المركبات التابع لقاعة الوصول رقم 3 وهي الأكبر في المطار، والحفرة حيث سقط الصاروخ تبعد أقل من كيلومتر من أقرب مهبط طائرات.
وبدوره توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالرد، قائلا في بيان مقتضب “من يضربنا سيتم ضربه بسبعة أضعاف”.
ويرجح محللون أن تتجه إسرائيل إلى رد عسكري حاد يشبه ذلك الذي نفذته ضد ميناء الحديدة قبل عام، حين قصفت أهدافا نوعية بسبب تهديدات الحوثيين للسفن في البحر الأحمر.
وقد يحمل الرد الإسرائيلي هذه المرة طابعا أكثر توسعا، سواء باستهداف منشآت عسكرية حوثية في صنعاء أو صعدة أو بضربات دقيقة ضد مواقع يشتبه بوجود خبراء إيرانيين فيها.
ما حدث الأحد يعد رسالة غير مباشرة من طهران بأن أذرعها الإقليمية باتت قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل رغم بعد المسافة وتعقيد البيئة الدفاعية
وفي وقت لاحق الأحد، أثنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، على هجمات الحوثيين “الدقيقة.”
ومن جانبه، قال جهاز الإسعاف والطوارئ “نجمة داود الحمراء” إنه تلقى اتصالات بشأن إصابات ناجمة عن الانفجار بعد تطاير التراب والحجارة.
وبحسب الجهاز فقد قدمت طواقمه العلاج لستة مصابين على الأقل، تراوحت إصاباتهم ما بين الطفيفة والمتوسطة.
ومن جهتهم، سمع صحافيو وكالة فرانس برس دوي انفجار في أنحاء القدس وفي محيط مطار بن غوريون في مدينة تل أبيب الساحلية.
وفي مطار بن غوريون، أكد صحافي في فرانس برس سماع دوي انفجار “وكان الارتداد شديدا للغاية.” وأضاف “على الفور، طلب أفراد الأمن من مئات المسافرين الاحتماء.”
وبحسب مسؤول في المطار “تم تحويل مسار رحلة قادمة لشركة طيران الهند إلى أبوظبي.” ولاحقا، قال المتحدث باسم سلطة المطارات في بيان مقتضب “تم استئناف عمليات الإقلاع والهبوط بشكل طبيعي، مطار بن غوريون مفتوح ويعمل كالمعتاد” بعد توقف قصير جراء سقوط الصاروخ.
وبعد استئناف الملاحة، قال مراسل فرانس برس إن “العديد من المسافرين ينتظرون إقلاع رحلاتهم وآخرون يحاولون إيجاد رحلات بديلة.”
ومن بين هؤلاء إسرائيلية قالت إنها “شعرت بالخوف لأن الانفجار كان كبيرا.” وأضافت المرأة التي فضلت عدم الإفصاح عن اسمها “الآن كل شيء على ما يرام … لكن منذ 7 أكتوبر اعتدنا على هذا، قد يأتي صاروخ في أي لحظة، وتتوقف الحياة لبعض الوقت.”