ثقافة وفنون
«سماء بلا أرض».. فيلم تونسي يكسر الصورة النمطية عن المهاجرين غير النظاميين
تابع جمهور الفن السابع في تونس، بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة وسط العاصمة، فيلم «سماء بلا أرض» للمخرجة التونسية أريج السحيري.
ويندرج الفيلم ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة للدورة السادسة والثلاثين من «أيام قرطاج السينمائية»، التي انطلقت في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري وتتواصل حتى 20 من الشهر ذاته.
ويتناول الفيلم مسألة هجرة الأفارقة من دول جنوب الصحراء، من خلال تتبّع مسارات ثلاث نساء يعشن في تونس وينحدرن من خلفيات اجتماعية مختلفة.
وتتمحور الأحداث حول «ماري»، وهي راعية دينية من كوت ديفوار وصحفية سابقة، تؤوي في مسكنها «ناني»، وهي أم شابة تبحث عن مستقبل أفضل، و«جولي» طالبة جامعية تحمل آمال عائلتها المقيمة في بلدها الأصلي.
وتتغير طبيعة هذا التعايش عندما تستقبل النساء الطفلة «كنزة»، البالغة من العمر أربع سنوات، وهي الناجية الوحيدة من حادث غرق، لتتحول العلاقة بين الشخصيات إلى ما يشبه عائلة غير مستقرة في سياق اجتماعي متوتر.
ويضم طاقم عمل الفيلم، الذي صُوّرت أحداثه في تونس، كلًا من الممثلات المهاجرات «ديبورا لوبه ناني» و«ليتيسيا كي» و«إستيل كينزا دوغبو»، إلى جانب ممثلين تونسيين من بينهم فؤاد زعزاع ومحمد قريع.
واعتمدت مخرجة العمل أسلوبًا إخراجيًا يراوح بين السينما الروائية والبعد التوثيقي، حيث تتداخل عناصر من الواقع اليومي مع البناء الدرامي.
كسر الصورة النمطية
وقالت مخرجة العمل أريج السحيري، في تصريح لـ«العين الإخبارية» عقب عرض الفيلم، إن هذا العمل يُعد ثالث فيلم روائي طويل في مسيرتها الفنية.
وأكدت أن الفيلم عُرض في مهرجان «كان» السينمائي، وفي عدد من المهرجانات الدولية الأخرى، حيث حاز عدة جوائز في بروكسل وإسبانيا ومراكش، معربة عن سعادتها بعرضه للمرة الأولى في تونس
وأفادت بأنه سيُعرض في قاعات السينما التونسية يوم 30 يناير/كانون الثاني المقبل، مضيفة أنه سيُعرض أيضًا في كوت ديفوار خلال الأيام القليلة المقبلة، نظرًا لمشاركة ممثلين إيفواريين في العمل.
وأوضحت المخرجة أن الفيلم جاء لكسر الصورة النمطية عن المهاجرين غير النظاميين في تونس، من خلال تقديم شخصيات معقدة وحقيقية.
وسبق أن حقق فيلمها الأول «تحت الشجرة» نجاحًا عالميًا، ونال جوائز متعددة، أبرزها «التانيت الفضي» في «أيام قرطاج السينمائية» عام 2022.
وانطلقت فعاليات الدورة السادسة والثلاثين من مهرجان «أيام قرطاج السينمائية» بفيلم «فلسطين 36» للمخرجة آن ماري جاسر، ويشارك في المهرجان أكثر من 200 فيلم من مختلف أنحاء العالم.
برنامج المهرجان
في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، تشارك تونس بثلاثة أفلام هي: «سماء بلا أرض» لأريج السحيري، و«صوت هند رجب» لكوثر بن هنية، و«وين يأخذنا الريح» لآمال قلاتي، إلى جانب أعمال من دول عدة، منها نيجيريا والسودان والعراق وتشاد والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن والجزائر وفلسطين وبوركينا فاسو.
أما المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة، فتشهد مشاركة 12 عملًا، من بينها «مقبرة الحياة» من السنغال و«الرجل الذي يزرع الباوباب» من بوركينا فاسو، فيما تمثل تونس بأفلام «الكنّة» و«زرّيعتنا» و«فوق التل». كما تضم المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة أعمالًا من لبنان وجنوب إفريقيا ومصر والجزائر والرأس الأخضر والسنغال وفلسطين وسوريا وتونس.
ويتيح المهرجان أيضًا منصة واسعة للسينماءات العالمية، حيث تشارك السينما الأرمنية بأفلام تعالج قضايا الهوية والشتات والمقاومة، والسينما الفلبينية بمجموعة من أبرز أعمالها، إلى جانب السينما الإسبانية والأعمال اللاتينية التي تتناول الذاكرة الشعبية وحركات المقاومة.
ويُعد مهرجان «أيام قرطاج السينمائية» من أقدم المهرجانات في المنطقة، إذ تأسس عام 1966، وكان يُقام كل عامين بالتناوب مع «أيام قرطاج المسرحية»، قبل أن يتحول إلى تظاهرة سنوية، ليظل منصة مهمة لدعم الإبداع السينمائي العربي والعالمي.