تقارير وحوارات
مؤتمر دولي حاشد في البرلمان الأوروبي في يوم حقوق الإنسان
مؤتمر دولي حاشد في البرلمان الأوروبي في يوم حقوق الإنسان
مؤتمر دولي حاشد في البرلمان الأوروبي في يوم حقوق الإنسان
مريم رجوي: في إيران يشنق الملالي حقوق الإنسان كل يوم.. وشخصيات عالمية تطالب بإنهاء الإفلات من العقاب ودعم “البديل الديمقراطي”
بالتزامن مع الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، شهد مقر البرلمان الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، مؤتمراً دولياً رفيع المستوى تحت عنوان “إيران: حقوق الإنسان، المساءلة، ودور الاتحاد الأوروبي”. تميز المؤتمر بحضور لافت لشخصيات سياسية وقانونية بارزة، من بينهم وزراء سابقون، ومشرعون أوروبيون من مختلف التيارات السياسية، وخبراء بارزون في القانون الدولي، إلى جانب السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية.
في هذا المؤتمر، إضافةً إلى نوّاب البرلمان الأوروبي من مختلف الأحزاب السياسية، شارك وتحدّث أيضًا الشخصيات البارزة التالية:
إستروان استیونسون، عضو البرلمان الأوروبي (2004–2014)، من المسؤولين في اللجنة الدولية للبحث عن العدالة، ومنسّق حملة التغيير من أجل إيران
السفير ستيفن جي. رَپ، سفير الولايات المتحدة للعدالة الجنائية الدولية، والمدّعي العام للمحكمة الخاصة التابعة للأمم المتحدة لسيراليون (2007–2009)
كومي نایدو، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية (2018–2020)
خوان فرناندو لوپز آغویلار، وزير العدل في إسبانيا (2004–2007) وعضو البرلمان الأوروبي
دومينيك آتياس، رئيسة المجلس الإداري لمؤسسة المحامين الأوروبيين، ورئيسة نقابة المحامين في أوروبا التي تضمّ أكثر من مليون عضو (2021–2022)
الدكتور مارك إليس، المدير التنفيذي للجمعية الدولية للمحامين
أنتونيو لوپز إستوریث وایث، عضو مؤتمر رؤساء وفود البرلمان الأوروبي من إسبانيا، ورئيس وفد البرلمان الأوروبي في اللجنة البرلمانية المشتركة بين الاتحاد الأوروبي والمكسيك
وقد أجمع المشاركون على أن الوقت قد حان لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها نظام الملالي، داعين الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات عملية، بما في ذلك إدراج حرس النظام الإيراني على قوائم الإرهاب، والاعتراف بنضال الشعب الإيراني من أجل التغيير الديمقراطي، ومحاسبة قادة النظام على الجرائم ضد الإنسانية.
مريم رجوي.. “نكتب تاريخ الحقوق بالدماء”
تصدرت أعمال المؤتمر كلمة السيدة مريم رجوي، التي رسمت صورة دقيقة للوضع في إيران، رابطة بين نضال الشعب الإيراني والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان. وفيما يلي مقتطفات نصية من كلمتها:
يوم الشعوب والمشانق اليومية
استهلت السيدة رجوي كلمتها قائلة:
“أيها النواب المحترمون، أيها الأصدقاء الكرام! مؤتمرنا اليوم يتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان. إنه يوم الشعوب التي لم تعد تقبل بأن يحدد التعذيب والشنق والقمع والرقابة مصيرها. شعوب تسعى أكثر من كل شيء من أجل كرامتها الإنسانية. إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان… هو نتاج لدماء ومعاناة هذه الشعوب كلمة بكلمة. قال البروفيسور كاظم رجوي، شهيد حقوق الإنسان العظيم في إيران: ’نحن نكتب تاريخ حقوق الإنسان بدمائنا‘”.
وعن الوضع الداخلي أضافت:
“في إيران، يشنق الملالي حقوق الإنسان كل يوم. ملف جرائمهم المروعة لا يحتاج إلى مراجعة سنوية. هذا الملف المأساوي مفتوح في جميع أيام السنة وفي جميع ساعات اليوم. في شهر نوفمبر وحده، تم إعدام 335 سجيناً. ويصل عدد الاعتقالات كل عام إلى حوالي مليوني شخص؛ ولا يتوانى الملالي حتى عن تدمير مقابر السجناء السياسيين الذين قُتلوا في الثمانينات”.
القمع العابر للحدود وتهديدات أوروبا
وتطرقت السيدة رجوي إلى تهديدات النظام في أوروبا قائلة:
“كثرة المؤسسات القمعية في إيران أمر مدهش. ومع ذلك، لم يكتفِ خامنئي بالقمع داخل إيران. لقد سحب (القمع) إلى خارج حدود البلاد. النموذج البارز لهذا (القمع) هو محاولة الاغتيال الإرهابية للبروفيسور فيدال كوادرّاس – النائب السابق لرئيس البرلمان الأوروبي – في قلب مدريد… أصدر البرلمان الأوروبي قراراً يدين القمع العابر للحدود… في فرنسا، حذر وزير الداخلية من خطر ’الهجمات الموجهة‘ من قبل النظام الإيراني ضد المعارضين… وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت السلطات الألمانية أن الإيرانيين المقيمين في ألمانيا يواجهون مضايقات متزايدة من قِبل أجهزة أمن النظام الإيراني”.
مطالب محددة من الاتحاد الأوروبي
واختتمت السيدة رجوي بمطالب واضحة:
“ندعو نواب البرلمان الأوروبي إلى:
- إنهاء صمت ’الدائرة الأوروبية للعمل الخارجي‘ ومجلس الوزراء الأوروبي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. يجب ألا يستمر الصمت حول وضع 18 سجيناً سياسياً، الذين جريمتهم الوحيدة هي دعم منظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
- ربط أي علاقة مع النظام بوقف عمليات الإعدام.
- إغلاق السفارات والمؤسسات التابعة لنظام الملالي، التي تُعد مراكز دعم للقمع العابر للحدود للنظام.
- وضع حرس النظام الإيراني ووزارة استخبارات النظام على قائمة الإرهاب”.
إجماع دولي.. “المحاسبة الآن ولا مكان للمهادنة”
شهد المؤتمر مداخلات معمقة لشخصيات دولية، قدموا خلالها خطط عمل وشهادات حية، مؤكدين على ضرورة تغيير الاستراتيجية الغربية تجاه طهران.
ستروان ستيفنسون: “نيران الملالي وصلت إلى عقر دارهم”
افتتح المؤتمر السيد “ستروان ستيفنسون”، منسق حملة التغيير في إيران، بكلمة قوية أشار فيها إلى أن “الحرائق التي أشعلها الملالي في الشرق الأوسط قد وصلت أخيراً إلى عتبة دارهم”. وأكد أن الضربات الجوية وحدها لا تكفي لاقتلاع مصدر عدم الاستقرار، بل إن القوة الوحيدة القادرة على ذلك هي الشعب الإيراني نفسه.
واستعرض ستيفنسون أرقاماً مرعبة: 1932 عملية إعدام هذا العام، و335 إعداماً في نوفمبر وحده. ووصف الدبلوماسية الغربية الحالية بأنها “جبن أخلاقي وتواطؤ مع الطغيان”، داعياً إلى طرد عملاء النظام وإغلاق سفاراته في أوروبا.
السفير ستيفن راب: “العدالة بطيئة لكنها قادمة”
تحدث السفير “ستيفن راب”، السفير المتجول السابق للولايات المتحدة لجرائم الحرب والمدعي العام السابق للمحكمة الخاصة بسيراليون، عن خبرته في ملاحقة مجرمي الحرب. وقارن الوضع في إيران بما حدث في سوريا ورواندا، مؤكداً أن جرائم النظام الإيراني، وخاصة مجزرة 1988، هي “جرائم ضد الإنسانية”.
وقال راب: “حكام إيران قد يعتمدون على الإفلات من العقاب اليوم، لكن مع الضغط المستمر، سيواجهون العدالة غداً”. وشدد على ضرورة توثيق الجرائم وفق معايير قضائية عالية لضمان المحاسبة، محذراً من أي صفقات سياسية تتم على حساب حقوق الإنسان.
دورين روكماكر: “خطة النقاط العشر الأوروبية”
قدمت النائبة الهولندية السابقة في البرلمان الأوروبي، “دورين روكماكر”، مبادرة لافتة أسمتها “خطة النقاط العشر للاتحاد الأوروبي تجاه إيران”، تضمنت:
- تطبيق الولاية القضائية العالمية لمحاكمة مسؤولي النظام.
- العمل على إنشاء محكمة دولية خاصة بإيران.
- إحالة ملف انتهاكات إيران إلى مجلس الأمن الدولي.
- الضغط للسماح للمحققين الأمميين بدخول السجون الإيرانية.
- اشتراط العلاقات الدبلوماسية والتجارية بوقف الإعدامات.
- تصريف حرس النظام (IRGC) كمنظمة إرهابية.
- دعم حق الشعب الإيراني في تغيير النظام.
- تأييد خطة النقاط العشر للسيدة مريم رجوي.
- فرض عقوبات ذكية تستهدف خامنئي وقادة النظام.
- الاعتراف بمجزرة 1988 كجريمة ضد الإنسانية.
كومي نايدو: “القمع علامة ضعف لا قوة”
ألقى “كومي نايدو”، الأمين العام السابق لمنظمة العفو الدولية والمدير التنفيذي السابق لمنظمة السلام الأخضر، كلمة مؤثرة استلهم فيها تجربته في النضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. ووجه رسالة للنظام الإيراني قائلاً: “إذا كنتم تشعرون بالتهديد من امرأة تبلغ من العمر 67 عاماً (زهرة طبري) تحمل لافتة، فأنتم ضعفاء للغاية”.
واقترح نايدو “خطة من ست نقاط” تشمل المطالبة بوقف فوري للإعدامات، ودعم المجتمع المدني الإيراني، وحماية معارضین في أوروبا. كما نصح المقاومة بـ “تسريع التقاطعية” عبر ربط النضال الحقوقي بقضايا مثل أزمة المياه والعدالة البيئية لكسب تضامن عالمي أوسع، خاصة في دول الجنوب العالمي.
أنطونيو لوبيز-إستوريز وايت: “الشرق الأوسط اليوم وأوروبا غداً”
أكد مضيف المؤتمر، النائب الإسباني “أنطونيو لوبيز-إستوريز وايت”، على الوحدة السياسية داخل البرلمان الأوروبي (يمين ويسار) في مواجهة انتهاكات النظام الإيراني. وحذر من أن تهديد النظام لا يقتصر على الشرق الأوسط، قائلاً: “لا تظنوا واهمين؛ المنطقة قد تكون الهدف الحالي، لكن أوروبا هي الهدف التالي”. واستذكر محاولة اغتيال زميله “أليخو فيدال كوادراس”، مشدداً على أن الطريق الوحيد للسلام هو “إيران حرة من نظام الملالي”.
مارك إليس: “جريمة قتل بمقياس صناعي”
وصف “مارك إليس”، المدير التنفيذي لرابطة المحامين الدولية (IBA)، موجة الإعدامات في إيران بأنها “قتل برعاية الدولة على نطاق صناعي”. وأشار إلى تقرير قانوني جديد أصدرته الرابطة يؤكد أن النظام القضائي في إيران فقد استقلاليته تماماً وأصبح أداة للقمع السياسي. وأكد إليس على ضرورة وقوف المجتمع القانوني الدولي مع الشعب الإيراني، مشدداً على أن “الجرائم الفظيعة لن يتم التسامح معها”.
دومينيك أتياس: “إعدام 11 شخصاً يومياً”
بصوت مفعم بالعاطفة، تحدثت “دومينيك أتياس”، رئيسة مجلس إدارة مؤسسة المحامين الأوروبيين، عن المأساة اليومية في إيران، مشيرة إلى أن شهر نوفمبر شهد إعدام 11 شخصاً كل يوم. ونددت بـ “التدنيس الأخير” المتمثل في تدمير 9500 قبر في طهران لبناء موقف للسيارات، بهدف طمس أدلة المجازر. وحيّت شجاعة النساء الإيرانيات، وخاصة السجينات السياسيات مثل مريم أكبري منفرد، اللواتي يواصلن الإضراب عن الطعام أسبوعياً.
خوان فرناندو لوبيز أغيلار: “أولوية الدبلوماسية الأوروبية”
شدد النائب الإسباني ووزير العدل الأسبق، “خوان فرناندو لوبيز أغيلار”، على أن حقوق الإنسان يجب أن تكون “الأولوية الأولى” للدبلوماسية الأوروبية. وقال إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يرتقي إلى مستوى المسؤولية العالمية، مؤكداً أن إعدام البشر هو خط أحمر لا يمكن التسامح معه، وأن مساواة المرأة يجب أن تكون في صلب التعامل مع طهران.
أصوات من المقاومة: “لن نستسلم”
شهد المؤتمر أيضاً شهادات مؤثرة من ممثلي الجالية الإيرانية والنشطاء الحقوقيين:
- الدكتور سينا دشتي: تحدث نيابة عن جيله الذي عانى لأربعة عقود، مستذكراً والديه اللذين دعما مصدق ثم مجاهدي خلق. وقال إن الغرب يحاول أحياناً دفن صوت المقاومة من أجل مصالح تجارية، لكن “لا توجد قوة يمكنها إيقاف قدوم الربيع”.
- آزاده ضابطي: المحامية والناشطة الحقوقية، سلطت الضوء على قضية 18 سجيناً سياسياً يواجهون خطر الإعدام الوشيك، وخصت بالذكر السجينة زهرة طبري. وأعلنت عن بيان وقعته أكثر من 300 امرأة بارزة عالمياً (بينهن رئيسات وزراء سابقات وحائزات على جائزة نوبل) يطالبن بوقف إعدام طبري والإفراج عنها، معتبرة أن إعدامها سيكون “جريمة قتل سياسية متعمدة”.
رسالة موحدة
اختتم المؤتمر برسالة واضحة للمجتمع الدولي: إن نظام طهران في أضعف حالاته، والرهان على “المهادنة” قد سقط. الحل الوحيد يكمن في تبني سياسة حازمة تدعم تطلعات الشعب الإيراني، وتعترف بمقاومته المنظمة، وتفعل آليات المحاسبة الدولية لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.