تقارير وحوارات
نداء دولي من البرلمان الأوروبي لإنهاء سياسة الاسترضاء والاعتراف بالبديل الديمقراطي في إيران
نداء دولي من البرلمان الأوروبي لإنهاء سياسة الاسترضاء والاعتراف بالبديل الديمقراطي في إيران
نداء دولي من البرلمان الأوروبي لإنهاء سياسة الاسترضاء والاعتراف بالبديل الديمقراطي في إيران
تزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، شهد مقر البرلمان الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل يوم الاربعاء 10 ديسمبر2025، مؤتمراً دولياً رفيع المستوى تحت عنوان “إيران: قمع في الداخل وتصدير للإرهاب”، بحضور حشد كبير من النواب الأوروبيين، ورؤساء وزراء سابقين، وشخصيات سياسية وحقوقية بارزة. وقد سلط المؤتمر الضوء على السجل المروع لنظام الملالي في انتهاكات حقوق الإنسان، وتصاعد وتيرة الإعدامات، وفشل سياسات المهادنة الغربية.
شارك في هذا المؤتمر كلٌّ من ماتيو رينزي رئيس الوزراء الأسبق لإيطاليا، وغي فرهوفشتات رئيس الوزراء الأسبق لبلجيكا، وريشارد تشارنيتسكي وزير الشؤون الأوروبية السابق في بولندا، وكذلك أعضاء البرلمان الأوروبي: ميلان زور، بتراتاس أستراڤيتشوس، فرانسيشكو أسّيش، ليللوكا أورلاندو، أندريه گوّاتشِف، داينيوس زاليماس، بِكّا تورّي، وراسا يوكنياڤيتشينه، حيث شاركوا وألقوا كلماتهم.
وتصدرت أعمال المؤتمر كلمة شاملة للسيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، دعت فيها الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي إلى تبني سياسة حازمة تعترف بحق الشعب الإيراني في النضال لإسقاط “الاستبداد الديني”، مؤكدة أن النظام الإيراني يعيش أضعف مراحله بعد الضربات الاستراتيجية التي تلقاها “محوره الإقليمي”.
مريم رجوي: النظام أمام طريق مسدود والحل في “الخيار الثالث”
في مستهل كلمتها، حيّت السيدة مريم رجوي المقاومين من أجل الحرية، مشيرة إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وُلد من رحم معاناة الشعوب ليشرعن حق الإنسان في “التمرد على الظلم”. واستعرضت في كلمتها عدة محاور استراتيجية:
وأكدت السيدة رجوي أن التطورات خلال الأشهر الستة الماضية وضعت النظام في مأزق وجودي، قائلة: “لقد خسر خامنئي بشكل أساسي ما أسسه وأسماه ’محور المقاومة‘… إن سقوط دكتاتورية الأسد في سوريا، والضربة القاصمة التي تلقاها حزب الله اللبناني، وشلّ حركة وكلائه، جعلت النظام الإيراني بلا سند أساسي في مواجهة الإطاحة به من قبل الشعب الإيراني”.
وأضافت أن القاعدة الاجتماعية للنظام تآكلت تماماً، مستشهدة باعترافات مسؤولين في النظام بأن 90% من الشعب يعارضون قوانينهم، بالتزامن مع انهيار اقتصادي شامل، تضخم تجاوز 40%، ومجاعة تهدد الملايين.
وشددت رجوي على أن الأوهام المتعلقة بالإصلاح من الداخل أو التعويل على التدخل الخارجي قد تبخرت، كما فشلت سياسة “المهادنة” التي فتحت الباب للحروب. وقالت: “في المقابل، فإن ما ثبتت صحته واتضح عمقه وأصالته هو رؤية المقاومة الإيرانية، أي الحل الثالث: وهو الإطاحة بالنظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية نفسها”.
المبادئ الثلاثة لمستقبل إيران
وأعلنت السيدة رجوي أن الشعب الإيراني وقواه السياسية يتفقون اليوم على ثلاثة مبادئ أساسية:
- إسقاط نظام ولاية الفقيه بإرادة شعبية وطنية.
- الرفض القاطع لكل من دكتاتورية الشاه ودكتاتورية الملالي (لا عودة للماضي).
- فصل الدين عن الدولة.
مطالب عاجلة من أوروبا
وختمت السيدة رجوي كلمتها بمطالبة الاتحاد الأوروبي بإنهاء صمته، وإدراج حرس النظام الإيراني على قوائم الإرهاب، وإحالة ملف انتهاكات حقوق الإنسان (بما في ذلك إعدام أكثر من 1950 شخصاً هذا العام) إلى مجلس الأمن، ومحاسبة قادة النظام على “الإبادة الجماعية” في مجزرة 1988.
أصوات أوروبية موحدة: “كفى مهادنة.. وقت المحاسبة قد حان”
شهد المؤتمر إجماعاً سياسياً نادراً بين مختلف التيارات السياسية الأوروبية على ضرورة تغيير الاستراتيجية تجاه طهران. وركز المتحدثون على فشل الدبلوماسية التقليدية وضرورة دعم البديل الديمقراطي.
ميلان زفر (عضو البرلمان الأوروبي – سلوفينيا):
افتتح المؤتمر النائب “ميلان زفر”، الرئيس المشارك لمجموعة أصدقاء إيران الحرة، مؤكداً أن النظام الإيراني أصبح مصدراً رئيسياً لعدم الاستقرار العالمي وليس الإقليمي فحسب. وقال زفر: “منذ انتخابي لأول مرة في 2009، دعمت المعارضة الإيرانية وحركة السيدة رجوي. لقد تغير الكثير، لكن وحشية النظام بقيت كما هي”. ودعا زفر أوروبا إلى التخلي عن أنماط “المهادنة” التي تأمل عبثاً في اعتدال النظام، مشدداً على أن الشعب الإيراني يستحق سياسة أوروبية أكثر مبدئية وجدية.
غي فيرهوفشتات (رئيس وزراء بلجيكا الأسبق):
في كلمة نارية، وصف “غي فيرهوفشتات” النظام الإيراني بأنه جزء من “محور الشر” العالمي الذي يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية. وخاطب القادة الأوروبيين قائلاً: “استراتيجية المهادنة لم تحل شيئاً خلال السنوات العشر الماضية. لم توقف القتل (2600 قتيل في 16 شهراً)، ولم تمنع البرنامج النووي”.
طرح فيرهوفشتات خارطة طريق واضحة تتضمن:
- تشكيل تحالف للضغط على المفوضية والمجلس الأوروبي لتغيير الاستراتيجية.
- الاعتراف بالحرس الثوري كمنظمة إرهابية.
- زيادة العقوبات تلقائياً مع كل عملية إعدام جديدة.
- فتح قنوات رسمية مع المعارضة الديمقراطية والاعتراف بالسيدة رجوي كممثل حقيقي للشعب الإيراني.
ماتيو رينزي (رئيس وزراء إيطاليا الأسبق):
أكد “ماتيو رينزي” أن النظام الإيراني يمر بـ “أقصى درجات الضعف”، مما يجعل الوقت الحالي مثالياً للتحرك. وقال رينزي: “حاولنا الحوار مع النظام، كنت في طهران قبل عشر سنوات كرئيس للوزراء… وعلينا الآن أن نعترف بأن ذلك مستحيل”.
ورفض رينزي خياري “القصف الخارجي” و”الاستمرار في الصوابية السياسية والمهادنة”، مؤيداً “الخيار الثالث” الذي تطرحه المقاومة الإيرانية. وأشار إلى أن السلام في الشرق الأوسط يبدأ من التغيير في طهران، مشبهاً نضال المقاومة الإيرانية بنضال القادة الأوروبيين ضد الفاشية والنازية.
بيتراس أوشتريفيتشيوس (عضو البرلمان الأوروبي – ليتوانيا):
شدد “أوشتريفيتشيوس” على أن حقوق الإنسان في إيران تُنتهك بشكل منهجي، وأن سيادة القانون غائبة تماماً. ودعا الاتحاد الأوروبي إلى دعم دعوة السيدة رجوي لإحالة ملف جرائم النظام إلى مجلس الأمن، والعمل على إنشاء محكمة خاصة لإيران. كما أشار إلى أن “خطة النقاط العشر” للسيدة رجوي تجسد التطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني وتستحق الاعتراف الرسمي كبديل ديمقراطي.
فرانسيسكو أسيس (عضو البرلمان الأوروبي – البرتغال):
حذر “أسيس” من تكرار “التقاعس التاريخي” لأوروبا تجاه مجزرة 1988، مشيراً إلى إعدام السجناء السياسيين مؤخراً كبداية لمجزرة جديدة. ودعا إلى وقف أي علاقات دبلوماسية مع طهران حتى يُسمح للمحققين الأمميين بزيارة السجون، معتبراً أن حملة “ثلاثاءات لا للإعدام” هي استعراض للقوة ضد إرهاب النظام.
ليولوكا أورلاندو (عضو البرلمان الأوروبي – إيطاليا):
أشاد “أورلاندو” بشجاعة المقاومة الإيرانية التي استمرت لستين عاماً ضد دكتاتوريتي الشاه والملالي. وسلط الضوء على الدور القيادي للنساء في حركة المقاومة، معتبراً ذلك رداً قوياً على كراهية النظام للنساء. وقال: “النظام خائف منكم، ونحن نريد أن نكون على الجانب الصحيح من التاريخ”. ودعا إلى اعتبار يوم 10 ديسمبر “يوم الترابط العالمي” في مواجهة الديكتاتوريات.
أندري كوفاتشيف (عضو البرلمان الأوروبي – بلغاريا):
هنأ “كوفاتشيف” المقاومة على نجاحها في إدراج الإشارة لمجزرة 1988 في قرار الأمم المتحدة الأخير، معتبراً ذلك خطوة أولى نحو إنهاء الإفلات من العقاب. وأعرب عن قلقه إزاء أحكام الإعدام ضد أنصار منظمة مجاهدي خلق، داعياً المؤسسات الأوروبية لدعم إحالة الملف لمجلس الأمن.
داينيوس زاليماس (عضو البرلمان الأوروبي – ليتوانيا):
أكد “زاليماس”، الخبير القانوني، أن أفعال النظام الإيراني ترقى إلى “جرائم ضد الإنسانية” و”إبادة جماعية” وفق القانون الدولي. وأشار إلى التمييز الممنهج ضد النساء (الحجاب الإجباري) كشكل من أشكال القمع المؤسسي. ودعا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى استخدام “الولاية القضائية العالمية” للتحقيق في جرائم النظام.
بيكا توفيري (عضو البرلمان الأوروبي – فنلندا):
تحدث الجنرال السابق “توفيري” بوضوح عسكري، قائلاً: “إيران اليوم تشهد واحدة من أحلك فترات وحشية الدولة… هذا ليس نظاماً يحكم، بل نظام يحاول البقاء”. وأشاد بـ “وحدات المقاومة” التابعة لمجاهدي خلق، واصفاً إياها بأنها شبكات منضبطة وذات قدرات تنظيمية عالية. وأكد توفيري على نقطة حاسمة: “الشعب الإيراني لا يرغب في العودة إلى الوراء، لا لتاج ولا لعمامة. إيران جمهورية ديمقراطية علمانية، لا أقل من ذلك”.
ريتشارد تشارنيسكي (عضو البرلمان الأوروبي – بولندا):
استذكر “تشارنيسكي” تجربته كبولندي مع نتائج سیاسة الاسترضاء، محذراً من أن الديكتاتوريات تزداد وقاحة عندما يصمت العالم الحر. وأشار إلى إعدام 1800 سجين هذا العام، وحرق “وحدات المقاومة” لصور ورموز النظام في طهران كدليل على أن الشعب لن يستسلم. كما أشاد بدور المقاومة في كشف البرنامج النووي السري للنظام.
باولو كاساكا (عضو سابق في البرلمان الأوروبي – البرتغال):
دعا “كاساكا” إلى استخدام أداة فعالة تتمثل في وضع القضاة والمدعين العامين المتورطين في الإعدامات على قوائم العقوبات السوداء وملاحقتهم دولياً. وعبر عن ثقته بأن السيدة رجوي هي الشخصية القادرة على إحياء إرث حقوق الإنسان في إيران.
راسا يوكنيفيتشينه (عضو البرلمان الأوروبي – ليتوانيا):
اختتمت “يوكنيفيتشينه” الكلمات بالحديث عن “محور الشر” الذي يضم روسيا وإيران وكوريا الشمالية، مشددة على ضرورة وحدة الديمقراطيات في مواجهته. وقالت: “يجب أن نكون متحدين… الديكتاتوريات لا يمكن أن تنتصر، وفي النهاية سننتصر نحن”.
شكل هذا المؤتمر في البرلمان الأوروبي رسالة قوية وموحدة من نخب سياسية أوروبية متنوعة، مفادها أن سياسة الاحتواء والمهادنة مع طهران قد انتهت صلاحيتها، وأن الرهان الرابح والأخلاقي هو دعم الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لتحقيق التغيير الديمقراطي وإحلال السلام في المنطقة والعالم.