بين النوستالجيا والواقع: إرث القادة العرب في ظل التعقيد والتباين
قراءة مذكّرات من عايشوا حقبة حسني مبارك، زين العابدين بن علي، صدام حسين أو معمر القذافي، تأخذنا إلى عوالم خاصة وغريبة في آن معا – عوالم تتشكّل فيها السلطة كما تتشكّل الروابط العائلية، وتُدار كإرث شخصي لا كأمانة عامة. في تلك الأنظمة، كانت الدولة تتقاطع مع العائلة، وتذوب فيها، في مشهد أشبه بإمبراطوريات مصغّرة تُبنى على الولاء والمحسوبيات لا على المؤسسات والقانون. حتى مشاريع التنمية التي كانت تُبث على الشاشات الرسمية – مستشفى هنا، طريق هناك – غالبا ما كانت أدوات دعائية تُستخدم لترسيخ صورة الحاكم أو لتهدئة جمهور غاضب، لا تعبيرا عن رؤية وطنية شاملة.
ومع مرور الوقت، تتدخل الذاكرة، بما تحمله من حنين وانتقائية، لإعادة رسم تلك الحقبة بألوان أكثر دفئا مما تستحق. فها هم أولئك الزعماء يعودون اليوم إلى المشهد، لا فقط كأسماء في المناهج الدراسية، بل كوجوه متجددة في محتوى متنوع: وثائقيات تدّعي الحياد، مسلسلات درامية تغلّف الواقع بخيال جذاب، مذكرات تختلط فيها العبرة بالتبرير، ومنصات رقمية تحوّل مقاطع من الماضي إلى سرديات مكتملة خلال دقائق. كل طرف يروّج لروايته، من كاشف للأخطاء إلى مبيّض للصور، غير أن هذه الروايات نادرا ما تحمل العبء الكامل لتلك العهود، أو تسبر أغوار تعقيدها.
في النهاية، تبقى الحكايات التي نرويها عن تلك الأزمنة انعكاسا لانشغالاتنا الحاضرة بقدر ما هي شهادات على الماضي. فالنوستالجيا لا تعيدنا إلى ما كان، بل تعيد تشكيله بما نحتاج أن نراه أو نصدّقه اليوم.
صناعة النوستالجيا
◄ تتداخل في تلك المخطوطة طبقات الدعاية الرسمية مع الذكريات الشخصية وخيبات ما بعد الثورات، حتى يصعب التمييز بين الحقيقة والوهم
منذ انطلاقة الانتفاضات العربية، تشكّل نظام ثقافي غير معلن لإعادة تدوير تراث الحكّام السابقين، في ما يمكن تسميته بـ”صناعة النوستالجيا التي حوّلت الماضي إلى سلعة سهلة الهضم، تمنح الجمهور جرعات من التنفيس العاطفي أو الألفة المصطنعة عن طريق الدراما التلفزيونية والمحتوى الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي.
في مصر، اتخذت صناعة النوستالجيا أبعادا صارخة حيث قدّمت مسلسلات مثل “النهاية” (2020) و”الاختيار” (2021) صورةً مهذّبة لعصر مبارك: شرطي مرور يقف بانضباط في تقاطع خال كأنه ديكور مسرحي، موظفون حكوميون يصلون قبل الموعد إلى مكاتب تشعّ نظافة كأنها رسم على صفحات كتالوج. وما كان يوما ركودا خانقا وقمعا للحريّات صار في هذه الرواية “استقرارا مطمئنا”، يغري المتفرّج ويجعله يرى أنّ ما كان يخاله استبدادا متجذّرا تحوّل فجأة إلى شكل من أشكال “الحنان الأبوي” الدافئ.
وفي العراق، انتشر عام 2022 تحدي تيك توك غريب: مشاهد من تسعينات بغداد – أطفال يبتسمون وهم يحملون أقماع المثلجات، ضباط مرور، أسواق الكتب المزدحمة – كلها تتحرك على أنغام أغان شهيرة من عهد صدام، مثل “لدغة الحية” لكاظم الساهر. ولا وجود في هذه المقاطع للمقابر الجماعية، ولا ذكر لمجاعات زمن الحصار، فقط حياة يومية عادية… عادية بشكل مريب. أحد أكثر المقاطع إثارةً للقشعريرة ينتقل فجأة من لقطات حفل زفاف فاخر عام 1998 إلى صورة لنفس القاعة وقد تحولت إلى ركامٍ عام 2003، كأنه يختزل صدمة جيل كامل في ثوان معدودة.
أما الصناعة الغربيّة للنوستالجيا فتُضيف طبقة أخرى من التعقيد. مسلسل “بيت صدام” (HBO 2008) قدّم الدكتاتور العراقي كقائد لعصابة عائلية على طراز “العرّاب”، بينما حوّل فيلم “الشيطان المجاور” (نتفليكس 2019) حافظ الأسد إلى مجرد شرير يشبه أشرار أفلام الكرتون. وهنا أيضا يُختزل التاريخ المعقد في متضادّات صاخبة وشخصيّات تتأرجح بين الواقع والخيال وكأنّه يعكس مجرد صراعات نفسية.
هوة الذاكرة الجيلية
في استطلاع أجرته بي.بي.سي عربي عام 2023، عبّر 42 في المئة من العراقيين فوق الخمسين عن نظرة إيجابية لعصر صدام، مشيدين بـ”النظام والأمن”، بينما ربطه الغالبية العظمى من الشباب بالقتل والتعذيب فقط. هذا الانقسام الجيلي لا يعكس بالضرورة حقائق تاريخية مختلفة، بقدر ما يكشف عن تجارب حياتية متباينة، وربما عن حاجة نفسية عميقة إلى إعادة تفسير الماضي.
وهذا يحيلنا على ثلاثية الحنين الخالدة: حنين المنفيّ إلى الجغرافيا المفقودة، حاجة الناجين إلى إعادة صياغة جراحهم، معضلة الفنانين في التوفيق بين فظائع التاريخ وقصصه الإنسانية. تماما كما لخّصت المخرجة التونسية نادية الفاني هذا التناقض بعبارة تفيض مرارة: “لسنا نشتاق إلى الطغاة، بل نشتاق إلى أجزاء منا ضاعت في تلك الأزمنة”.
النتيجة النهائية؟ لوحة تراكميّة أو ما يشبه مخطوطة قديمة مُسحت ليكتب عليها نص جديد، لكن ورغم ذلك مازالت آثار الحروف القديمة بارزة. تتداخل في تلك المخطوطة طبقات الدعاية الرسمية مع الذكريات الشخصية وخيبات ما بعد الثورات، حتى يصعب التمييز بين الحقيقة والوهم. وفي النّهاية نفهم أنّ هذا ليس تاريخا دقيقا، بل ذاكرة جماعية عاطفية، تقوم بعملية كيميائية معقدة لتحوّل عبء الماضي إلى راحة وهمية تساعدنا على المضي قدما.
تتعمّق الهوّة بين الأجيال يوما بعد يوم، ليس كمسافة زمنية فحسب، بل كانزياح في الوعي والذاكرة الجماعية. فأجيال الأربعينات وما فوقها تحمل في طيّات ذاكرتها تناقضات مؤلمة: ذكريات مشبعة بالخوف من بطش الأنظمة، أو التواطؤ الصامت معها تحت وطأة الضرورة، أو حتى ذلك الإعجاب المرغم الذي تولّده سنوات من التلقين السياسي. إنها ذاكرة لا تخلو من شرخ داخلي، حيث تختلط مشاعر الرهبة بومضات من الأمل القديم في التغيير.
أما الجيل الجديد، فينظر إلى تلك الحقبة بعيون مختلفة جذريا. فما كان لسابقيه شخصيات تاريخية حيّة عايشوها، يراه هو مجرّد رموز شاحبة تصله عبر وسائط مشوّهة: حكايات العائلة المليئة بالتحيّزات، أو الثقافة الشعبية التي تحوّل حكّام الماضي إلى شخصيات كاريكاتورية، أو التفسيرات السياسية الملتوية التي تخدم أجندات الحاضر. لم يعايش لحظة التمجيد ولا لحظة القمع، فصار الماضي بالنسبة له سرديةً مفتوحة للتأويل، لا تجربةً عضويةً تترك ندوبها.
الخطر هنا ليس في اختلاف الروايات، بل في تحوّل هذا الاختلاف إلى هوّةٍ وجودية تفصل بين الأجيال في فهمها للسلطة وحتى الهوية الوطنية. فبينما يتشبث الجيل القديم بذكريات قد تحمل في طياتها شرعنةً ضمنية للاستبداد بحجة “الأمان النسبي”، يرفض الجيل الجديد تلك الذاكرة جملة وتفصيلا، وكأنه يقطع جذورا قد تكون ضرورية لفهم تعقيدات الحاضر. وهكذا تصبح الهوّة الجيلية ليست مجرّد فجوة في العمر، بل انقساما في الوعي التاريخي نفسه، حيث يُختزل الماضي إما إلى حنين أعمى أو إدانة مطلقة، دون أيّ مساحة للفهم النقدي.
◄ منذ انطلاقة الانتفاضات العربية، تشكّل نظام ثقافي غير معلن لإعادة تدوير تراث الحكّام السابقين، في ما يمكن تسميته بـ”صناعة النوستالجيا
حميمية المذكرات الشخصية
تضيف المذكرات الشخصية بعدا جديدا لمعركة الذاكرة هذه. فهي لا تقدّم التاريخ كسردية كبرى، بل كهمسات شخصية تتردّد عبر الزمن. على عكس الوثائق الرسمية أو الأفلام التوثيقية، هي تسمح لنا بإلقاء نظرة خاطفة من ثقب الباب لاكتشاف كواليس السلطة، حيث تتعايش الحقائق المتناقضة.
في المذكّرات نستمع إلى روايات من عاشوا في قلب دوائر السلطة وتصبح السرديّات فسحات تتعايش فيها حقائق متعددة الأوجه، كل منها يحمل ثقل التجربة الحية ورؤيتها الخاصة. وتكمن قوة المذكّرات، التي تبلغ حد الإزعاج أحيانا، في طابعها الشخصي العميق.
في كتاب “العقيد وأنا”، تقدم دعد شرعب، التي عملت كمستشارة اقتصادية للقذافي على مدى 22 عاما، صورة نادرة للقذافي بعيدا عن الأضواء الرسمية. تصفه وهو يحتسي حليب الناقة من كأس متصدع، أو يذرف دموعا على فرسه النافق، أو يقضي نهاره قلقا على أبنائه. هذه التفاصيل الحميمة لا تكتفي بإضفاء الطابع الإنساني على الرجل، بل تحوله إلى شخصية مألوفة. دعد أيضا تروي كيف أن “الثعابين” المحيطة بالعقيد دمرت ليبيا، مستحضرة بذلك سردية تاريخية معروفة و قديمة، نفسها التي استُخدمت في زمن نيرو وفي زمن لويس السادس عشر بغاية الدّفاع عن السلطة وتبرير سياساتها.
في الطرف المقابل، يقدم عبدالرحمن شلقم، وزير خارجية ليبيا السابق الذي انشق عن النظام، في “نهاية القذافي” رؤية مغايرة تماما فشهادته تنزع عن العقيد كل أشكال العاطفة، كاشفة عن قائد كان قد استهلكه الهوس بالشك؛ يصرخ مندّدا بمؤامرات تحاك ضدّه، وينفجر غضبا، ولا يشعر بالثقة حتى بعائلته أو المقرّبين منه.
وما تراه شرعب لينا وعطفا، يراه شلقم قسوةً وشدّة. هذا التباين الصارخ لا يعود إلى صحة رواية على حساب الأخرى، بل إلى أن كلتيهما صادقتان من زوايا نظر مختلفة، تشكلتا حسب الموقع الذي احتله الكاتبان في فلك النظام.
هذه هي مفارقة المذكرات: كلما اقتربنا من السلطة، أصبح فهمنا أكثر تفتتا لكن لا تقتصر أهمية هذه المذكرات على كونها شهادات شخصية، بل تتعداها إلى كونها محاولات لصياغة الذاكرة الجماعية، بل والتأثير فيها. فحين تتحدث رغد صدام حسين عن حب أبيها للعراق مثلا، هي لا تبكيه فقط، بل تستحضر ذاكرة عائلية قد تطغى على تلك السياسية لتخاطب القلوب قبل العقول.
وهنا ربّما ننتبه لحقيقة مهمّة جدّا: الذاكرة ليست مجرد استحضار للأحداث؛ بل هي بناء نشط – ما يُستبقى، ما يُنسى، وما يُعاد تخيله.
قصقصة التاريخ
في عصر المنصات الرقمية واللقطات القصيرة، لم يعد التاريخ يُروى كما كان. المذكرات، تلك الشهادات المطوّلة التي كُتبت بأناة واستبطان، باتت في منافسة غير متكافئة مع مقاطع مجتزأة، وتسجيلات درامية، ووثائقيات سريعة الإيقاع. لحظة واحدة من محاكمة صدام حسين، أو مشهد ختامي من سقوط القذافي، قد تحصد الملايين من المشاهدات خلال دقائق، ليس لأنها تروي القصة كاملة، بل لأنها تُرضي فضولا لحظيا، وتلبي حاجة آنية إلى الانفعال.
لكن الخطر لا يكمن في التبسيط وحده، بل في هذا الشكل الجديد من “قصقصة التاريخ” – تحويل الماضي إلى شظايا بصرية ومقاطع صوتية منفصلة، تُبثّ عبر خوارزميات لا تُكافئ العمق، بل تروّج لما هو مثير، صادم، أو قابل لإعادة التدوير. بهذه الطريقة، لا يعود التاريخ مجالا للفهم أو المساءلة، بل مادة استهلاك، تُختزل فيها الحقب المعقدة إلى ثنائيات ساذجة: بطل أم طاغية؟ عهد النظام أم فوضى الثورة؟ استقرار الأمن أم فوضى الحرية؟
هذا التبسيط ليس مجرّد تحوير، بل إلغاء تدريجي للذاكرة النقدية. وعندما يُختزل التاريخ إلى لقطات، تصبح المجتمعات عاجزة عن فهم حاضرها المتقلّب. في عالمنا العربي، حيث تتكثف الأزمات وتتداخل، من جحيم الحرب في غزة، إلى خطر الانزلاق نحو مواجهة مع إيران، إلى انهيار المنظومات الإقليمية القديمة وصعود ترتيبات جديدة لا تزال في طور التشكّل، تصبح الحاجة إلى فهم الماضي ضرورة وجودية.
فما شهدناه من استبداد لم يكن مجرد انحراف عارض، بل هو مسار سياسي وثقافي متجذر، له أدواته وآلياته وخطابه. وفهم كيف نشأ، كيف ترسّخ، ثم كيف سقط، يُفترض أن يكون دليلا يرشدنا وسط الضباب الراهن. لكن هذه الدروس، بدل أن تُستخلص وتُناقش، تتبخر أمام سطوة اللحظة، وتضيع وسط الضجيج الإعلامي، ومغريات السرديات السهلة التي تُطمئن لا تُزعج، وتُسلّي لا تُعمّق.
إن قصقصة التاريخ لا تقتل الماضي فحسب، بل تُقزّم الحاضر وتُشوّش على المستقبل أيضا.
رسالة إلى قادة اليوم
ذاكرة العهود الاستبدادية ليست مجرّد حكاية من الماضي، بل فرصة للتأمّل واستخلاص العِبر. فهي تذكّرنا بأن نماذج الحكم التي ارتكزت على الفرد الواحد، مهما بدت مستقرة، لم تكن منيعة. خلف الواجهات المؤسسية، كان القمع يُقدَّم كضمانة للنظام، إلى أن هبّت رياح التغيير وأسقطت تلك الأوهام. قد لا تكون الثورات العربية قدّمت بدائل مكتملة، لكنها كشفت أمرا جوهريا: الاستبداد ليس قدرا لا مفر منه.
ومع ذلك، لم يكن سقوط الطغاة نهاية القصة. ما تلا ذلك في الكثير من الأحيان كان مرحلة مضطربة: مؤسسات ضعيفة، تدخلات أجنبية، انقسامات داخلية، وصراعات تفاقمت بفعل هشاشة البنى السياسية. في مثل هذا السياق، تصبح مهمة القيادة أكثر تعقيدا من مجرد الحفاظ على النظام القائم؛ تصبح مسؤولية بناء توازن جديد، أكثر عدلا واستقرارا.
العالم اليوم مختلف في عمقه وسرعته. المعلومات تنتشر بلا عوائق، والروايات لا تُصنع فقط في المؤسسات الرسمية، بل في الفضاءات الرقمية، بين وسوم ومنشورات تصل إلى الملايين في لحظات. لم تعد السلطة مركزية كما في السابق، بل باتت موزعة بين أطراف فاعلة كثيرة، داخلية وخارجية، رسمية وغير رسمية.
◄ تتداخل في تلك المخطوطة طبقات الدعاية الرسمية مع الذكريات الشخصية وخيبات ما بعد الثورات، حتى يصعب التمييز بين الحقيقة والوهم
هذا التغير العميق يتطلّب مقاربات جديدة. التحديات من حولنا، من جراح غزة إلى آثار الصراع السوري، ومن أدوار القوى الإقليمية المتغيرة إلى قضايا الأمن والاقتصاد، لا يمكن التعامل معها بالأدوات نفسها التي كانت تُستخدم في العقود الماضية. هناك حاجة إلى دبلوماسية أكثر اتزانا، ومؤسسات أكثر رسوخا، ورؤية سياسية تنبع من إرادة الإصلاح لا من خشية التغيير.
الحنين الذي يشعر به بعض الناس إلى عهود سابقة لا يعني بالضرورة رغبة في عودة الاستبداد، بل تعبير عن توق إلى الاستقرار والوضوح. لكن هذا الحنين، إذا لم يُفهم جيدا، قد يُستخدم لتبرير العودة إلى نماذج سلطوية لم تعد قابلة للحياة. ما نحتاجه اليوم ليس استدعاء الماضي، بل استلهام دروسه لبناء شرعية جديدة، أكثر استجابة لحاجات الناس وتطلعاتهم.
الجيل الذي نشأ بعد الثورات اختبر الأزمات عن قرب، لكنه أيضا صار أكثر وعيا بالفرق بين الهدوء القسري والسلام الحقيقي. إنه جيل يتطلّع إلى سلطة عادلة، تستمع وتصلح، لا تُهيمن وتُخيف. وتقاس شرعية الحكّام اليوم بقدرتهم على التعامل مع ملفات حيوية: الاقتصاد، البيئة، الديموغرافيا، والتحولات الثقافية المتسارعة.
التاريخ لا يغيب، حتى وإن خفُت صوته أحيانا. فالحُكم الذي يتجاهل دروسه معرض للوقوع في أخطائه. وفي زمن مفتوح على كل شيء، حيث تنتقل الصور أسرع من القرارات، وتُحفظ التفاصيل في ذاكرة لا تنام، تصبح الشفافية والانفتاح ضرورات لا خيارات.
المستقبل، في نهاية المطاف، لن يكون لمن يتشبثون بأنماط حكم تجاوزها الزمن، بل لأولئك الذين يتحلون بالمرونة والبصيرة، ويملكون الشجاعة لإعادة تعريف السلطة: كمسؤولية مشتركة، لا كامتياز دائم؛ وكفرصة للإصلاح، لا كوسيلة للبقاء؛ وكعلاقة تقوم على التواضع، لا التسلط.