جدل يرافق التصويت على مشروع قانون لتنظيم عقود الشغل في تونس
أعلن النائب رؤوف الفقيري، مقرّر لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة بمجلس نواب الشعب التونسي، عن عقد جلسة عامة ختامية للتصويت على فصول مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، والذي يشهد جدلا واسعا وتباينا في الآراء.
وأوضح الفقيري، في تصريح لإذاعة “جوهرة أف أم”، أن الجلسة تمثّل محطة حاسمة في اتجاه إنهاء كافة أشكال التشغيل الهش، وعلى رأسها العقود محددة المدّة ونظام المناولة، غير أن الجلسة شهدت بعض المطالبات بتأجيل التصويت على مشروع القانون.
ويُعد مشروع القانون خطوة مهمة نحو تعزيز حقوق الأجراء والحد من التشغيل الهش في تونس. إلا أن نجاحه يتوقف على تحقيق توازن دقيق بين حماية حقوق العمال وضمان مرونة التشغيل التي تحتاجها القطاعات الاقتصادية المختلفة. ومن المتوقع أن تستمر المناقشات والتعديلات على المشروع في البرلمان لضمان توافقه مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
ويشهد مشروع القانون عدد 016/2025 المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة في تونس جدلاً واسعًا بين مختلف الأطراف الاجتماعية والاقتصادية. وأثار خلافات بين النقابات وأصحاب العمل حول بعض بنوده وتطبيقاته.
وأشار الفقيري إلى أن مشروع القانون يتضمّن عقوبات مالية قد تصل إلى 10 آلاف دينار في حال مخالفة أحكام منع المناولة، مع إمكانية التتبّع الجزائي والسجن في حال تكرار المخالفة.
وأضاف أن الهدف من هذا التشريع لا يتمثل في معاقبة أصحاب المؤسسات، بل في دفعهم نحو إرساء علاقات شغلية مستقرة وطويلة المدى، عبر إلغاء العقود محددة المدّة بشكل نهائي، واعتماد عقود غير محددة المدة، تسبقها فترة تجريبية لا تتجاوز ستة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، قبل أن يتم الترسيم تلقائيًا.
نجاح القانون يتوقف على تحقيق توازن بين حماية حقوق العمال وضمان مرونة التشغيل التي تحتاجها القطاعات الاقتصادية
وكشف أن الاتحاد العام التونسي للشغل قد وُجّهت له دعوة للمشاركة في مناقشة المقترحات المتعلّقة بالقانون، إلا أنه اعتذر عن الحضور.
ويرى الاتحاد أن المشروع يمثل خطوة إيجابية نحو القضاء على التشغيل الهش، إلا أنه يعتبر أن بعض بنوده لا تزال تحتاج إلى المزيد من التوضيح والتدقيق لضمان حقوق الأجراء بشكل كامل.
وتضمّنت التعديلات المدخلة على نصّ مشروع القانون إضافة نقطة في الفصل السادس من الأحكام الانتقالية تتعلّق بمن تمّ طردهم ابتداء من تاريخ 14 مارس تاريخ ورود المشروع على مجلس نواب الشعب.
وكانت رئاسة الجمهورية بصفتها جهة المبادرة أودعت مشروع القانون لدى مكتب الضبط بالبرلمان في 14 مارس الماضي.
وأكد الرئيس قيس سعيد في أكثر من مناسبة ضرورة وضع حد للمناولة والقطع مع آليات التشغيل الهش.
وانطلقت صباح الثلاثاء أشغال الجلسة العامة لمناقشة مشروع القانون بحضور 126 نائبا من المجلس خلال جلسة رأسها رئيس المجلس إبراهيم بودربالة وشهدت حضور وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر ووفد مرافق له يضم إطارات الوزارة.
وقال رئيس مجلس النواب في افتتاح الجلسة إن مشروع القانون المتعلّق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة يؤسس للثورة التشريعية ويدعم مقومات الدولة الاجتماعية العادلة، مضيفا أن المشروع يكتسي أهمية بالغة لكونه يأتي ضمن مسار التنزيل التشريعي لدستور 25 يوليو 2022 وفلسفته ومبادئه الأساسية.
واعتبر رئيس الجلسة أن المشروع المعروض على أنظار البرلمان يلبي الخيارات التي أكد عليها الرئيس قيس سعيّد بهدف القضاء على مختلف أشكال التشغيل الهش، مبيّنا أن النص المقترح يجسّد أركان الدولة الاجتماعية التي تهيئ لمواطنيها متطلّبات العيش الكريم.
وأعرب عن دعمه لتمرير جميع الإصلاحات الهادفة إلى ضمان كرامة الإنسان من خلال ضمان حق كل مواطن ومواطنة في العمل في ظروف لائقة، مشيرا إلى أن مزايا المشروع المعروض تكمن في تحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص على قاعدة العدل الاجتماعي.