استثمارات الأثرياء تعزز أداء أسواق المال في الإمارات

وكالة أنباء حضرموت

تتزايد المؤشرات على أن استمرار تدفق استثمارات أصحاب الثروات إلى الإمارات يعمل على تعزيز أداء أسواق المال في البلاد، حيث تراهن السلطات على تنشيطها وفق أعلى المعايير الدولية لتكون أكثر تنافسية في منطقة الشرق الأوسط.

وأكد براساد شاري، المدير التنفيذي الأول لإدارة أسواق رأس المال للأسهم لدى بنك الإمارات دبي الوطني، أن أسواق المال في الإمارات تُظهر مرونة متزايدة في مواجهة مختلف التقلبات العالمية.

وقال في تصريح لوكالة أنباء الإمارات الرسمية على هامش قمة أسواق رأس المال 2025 إن “انتقال أصحاب الثروات الخاصة ومديري الأصول العالميين بشكل متزايد للعيش والعمل في دولة الإمارات ينعكس بشكل مباشر وواضح على أسواق المال وأدائها.”

وأوضح أن المستثمرين المحليين والإقليميين يمتلكون أفقا استثماريا طويل المدى، ما عزز من قدرة أسواق المال المحلية والإقليمية على استيعاب الطروحات الجديدة في ظروف معقدة.

وتمثل الإمارات الغنية بالموارد حلقة وصل بين الشرق الأوسط وأوروبا وآسيا الوسطى وآسيا، ولطالما كانت دبي، التي تعتبر المركز المالي والتجاري الرئيسي في منطقة الخليج، نقطة جذب للأثرياء في العالم.

وتسعى دبي، انطلاقا من مكانتها المحورية في الشرق الأوسط، إلى جذب المكاتب والشركات العائلية عبر توفير مزايا تشمل التدريب والشهادات المخصصة وهي دفعة عززتها زيادة الثروة لدى كبار رجال الأعمال الذين تركوا أوروبا بعد الحرب في أوكرانيا.

والإمارة في منافسة قوية مع السعودية التي تعمل على سياسة نقل المقرات للشركات الأجنبية إلى عاصمتها الرياض ضمن إستراتيجية التحول الاقتصادي ضمن رؤية 2030.

ويؤكد مديرو الثروات أن دبي تبرز كمركز ثروة مفضل للعديد من رجال الأعمال والأسر الغنية في آسيا، وخاصة الصين، إذ يتطلعون إلى الاستفادة من السياسات المؤاتية وتوسيع أعمالهم.

واستعرض شاري تجارب عدد من الطروحات العامة الأولية في السنوات الأخيرة، مثل ديوا وتيكوم وتاكسي دبي وسبينيس، التي تمت في فترات شهدت أحداثا عالمية كبرى وارتفاع أسعار الفائدة لكنها مضت وأثبتت نجاحها.

وأكد أن السوق واصل أداءه القوي في ظل مختلف الظروف، بفضل الثقة التي ترسخت لدى المستثمرين والمؤسسات.

وفي ما يتعلق بوتيرة الطروحات العامة خلال العام الحالي، أشار شاري إلى أن السوق الإماراتية شهدت حتى الآن إدراجا واحدا، وطرحا لصندوق استثمار عقاري.

ولكنه لفت إلى أن السوق كان نشطا من حيث العمليات الأخرى مثل العروض الطوعية للشراء، وصفقات الكتل الكبيرة، والعروض المتخصصة، والتي تسهم جميعها في زيادة السيولة وتعزيز مشاركة المستثمرين.

وقال “قد لا تكون وتيرة الطروحات بنفس عدد العام الماضي من حيث العدد، لكنها ستكون مماثلة أو أكبر من حيث حجم رؤوس الأموال التي سيتم جمعها، خاصة مع وجود طروحات مرتقبة قبل وبعد موسم الصيف.”

وحول تدفقات رؤوس الأموال نحو سوق الأسهم في الدولة، قال شاري إن “هذه التدفقات تشهد نموا كبيرا مدعوما بزيادة الحضور العالمي في دبي.”

وأصبح المستثمرون العالميون أكثر إلماما بدبي وأسواقها، ولم تعد هناك حاجة إلى تقديم شرح تعريفي عنها خلال الجولات الترويجية، كما كان الحال في سنوات سابقة.

التوسع في قاعدة المستثمرين ونمو حجم التداول وتنوع الأدوات المالية، جميعها مؤشرات على قوة واستدامة أسواق المال في دولة الإمارات

وأوضح أن انتقال مديري الصناديق والمستثمرين العالميين، بمن فيهم الأثرياء من أصحاب الثروات الخاصة ومديرو الأصول العالميون، إلى دبي والإمارات بشكل عام، لما توفره من بيئة نشطة وفرص استثمارية واعدة، واضح الأثر بالنسبة لأداء أسواق المال المحلية.

وتطرق كذلك إلى أن الأسواق أصبحت أكثر مرونة في التعاطي مع هذه المتغيرات، حيث لا تتوقف عن النشاط بشكل دائم، بل تشهد “فترة ترقب مؤقتة” يعقبها تعاف سريع، في إشارة إلى تطور سلوك المستثمرين وارتفاع درجة نضجهم.

ورأى أن التوسع في قاعدة المستثمرين ونمو حجم التداول وتنوع الأدوات المالية، جميعها مؤشرات على قوة واستدامة أسواق المال في دولة الإمارات، والتي باتت تمثل بوابة إقليمية وعالمية جاذبة للاستثمار طويل الأجل.

ولم تصل صناعة الثروة الخاصة الناشئة في الإمارات بعد إلى النطاق أو التطور لاستيعاب الثروة المخزنة في سويسرا وغيرها من الملاجئ المالية التقليدية بشكل كامل.

ولكن المسؤولين قدموا على مدار السنوات الخمس الماضية حزمة من الحوافز لجذب رؤوس الأموال وإغراء الشركات وصناديق الاستثمار العالمية بإقامة محافظ أعمال لهم في السوق الإماراتية.

وسعيا لتعزيز مناخ الأعمال، قدمت الإمارات في 2018 برنامج التأشيرة الذهبية الذي يمنح إقامة لعشر سنوات للمستثمرين والمواهب والكفاءات.

وفي 2019 دخلت قوانين إقامة الأجانب مرحلة أخرى بإطلاق نظام “البطاقة الذهبية” التي تمنح للمستثمرين والكفاءات الاستثنائية، في خطوة أعطت زخما كبيرا لمناخ الاستثمار وبرامج تنويع الاقتصاد وبنائه على أسس مستدامة.

كما سمحت الدولة للأجانب بالتملك الكامل في الشركات العاملة في 13 قطاعا من بينها الصناعة والزراعة والطاقة المتجددة وغيرها من القطاعات الإستراتيجية ذات القيمة المضافة.