الدبيبة ينفي تنسيق ترحيل المهاجرين لواشنطن ويتهم حكومة الشرق بالتواطؤ

وكالة أنباء حضرموت

نفت حكومة الوحدة الوطنية الليبية المنتهية ولايتها، اليوم الأربعاء، وجود أي اتفاق أو تنسيق مع الولايات المتحدة بشأن استقبال مهاجرين، في محاولة واضحة لتبرئة ساحتها، فيما اتهمت أطرافا أخرى في البلاد، في إشارة ضمنية إلى الحكومة المنافسة لها في شرق ليبيا، بالتورط في تفاهمات غير معلنة مع واشنطن في هذا الشأن.

وجاء هذا النفي القاطع بعد الكشف عن توجه أميركي محتمل لترحيل مهاجرين إلى ليبيا هذا الأسبوع للمرة الأولى، وهي خطوة أثارت انتقادات واسعة بسبب سجل ليبيا الحقوقي المتردي والأوضاع غير المستقرة التي تشهدها البلاد.

وأكدت حكومة طرابلس، من خلال بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك، على رفضها القاطع لاستخدام الأراضي الليبية "كمقصد لترحيل المهاجرين دون علمها أو موافقتها"، مشددة على تمسكها بـ"حقها في حماية السيادة الوطنية".

وأشارت في بيانها إلى أن "بعض الجهات الموازية التي لا تخضع للشرعية قد تكون طرفا في تفاهمات لا تمثل الدولة الليبية ولا تلزمها قانونا أو سياسيا"، في محاولة للزج بمنافستها في شرق ليبيا في تعقيدات هذه القضية الحساسة مع الرأي العام الليبي الذي يرفض بغالبية ساحقة استقبال المهاجرين من أي جهة كانت.

وليبيا، المثقلة بوضع اقتصادي هش، تزداد رفضا لاستقبال المهاجرين، فقد أضعفت سنوات الصراع الاقتصاد، ويثير تدفق محتمل للمهاجرين مخاوف بشأن موارد البلاد وفرص العمل المحدودة.

ويأتي هذا النفي الليبي بعد أن كشف ثلاثة مسؤولين أميركيين، الثلاثاء، عن توجه إدارة الرئيس دونالد ترامب نحو ترحيل مهاجرين إلى ليبيا، على الرغم من تنديد واشنطن السابق بممارسات البلاد في مجال حقوق الإنسان والأوضاع "القاسية" التي يعيشها المحتجزون هناك.

وقد أكد اثنان من المسؤولين أن الجيش الأميركي قد ينقل المهاجرين جوًا إلى ليبيا اليوم الأربعاء، مع الإشارة إلى أن الخطط لا تزال قابلة للتغيير.

وأحالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الاستفسارات إلى البيت الأبيض. ولم يرد البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الأمن الداخلي حتى الآن على طلبات التعليق.

وقد أحالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الاستفسارات حول هذا الموضوع إلى البيت الأبيض، الذي لم يصدر عنه أي تعليق رسمي حتى الآن، وكذلك وزارتي الخارجية والأمن الداخلي. ولم تتمكن رويترز من تحديد عدد المهاجرين الذين قد يتم ترحيلهم أو جنسياتهم.

ومن المفارقات اللافتة أن وزارة الخارجية الأميركية نفسها كانت قد انتقدت بشدة الأوضاع في ليبيا في تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان الصادر العام الماضي "الظروف القاسية والمهددة للحياة في السجون الليبية" و"الاعتقال أو الاحتجاز التعسفي".

وقد قوبلت هذه المساعي الأميركية برفض قاطع من قبل الأحزاب السياسية الليبية، التي أكدت في بيان مشترك أن هذا الأمر "مرفوض بشكل قاطع وانتهاك صارخ لسيادة ليبيا".

ويندرج هذا التوجه ضمن سياسة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب المتشددة تجاه الهجرة، والذي تعهد منذ توليه منصبه في يناير بترحيل ملايين الأشخاص. ووفقا لوزارة الأمن الداخلي، قامت إدارة ترامب بترحيل 152 ألف شخص حتى يوم الاثنين.

وتسعى إدارة ترامب إلى تشجيع المهاجرين على المغادرة طوعا من خلال التهديد بفرض غرامات باهظة عليهم، ومحاولة تجريدهم من الوضع القانوني، وترحيل المهاجرين إلى السجون سيئة السمعة في خليج غوانتانامو والسلفادور.

وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة ليست راضية عن إرسال المهاجرين إلى السلفادور فقط.

وأضاف روبيو في اجتماع للحكومة في البيت الأبيض يوم الأربعاء الماضي "نعمل مع دول أخرى لنقول: نريد أن نرسل إليكم بعضا من أكثر البشر خسة، فهل ستفعلون ذلك كمعروف لنا؟". وتابع "كلما ابتعدنا عن أميركا، كان ذلك أفضل".

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الأميركية قد توصلت إلى اتفاق رسمي مع أي من الأطراف الليبية لقبول مرحلين من جنسيات أخرى، خاصة في ظل نفي حكومة الوحدة الوطنية.

وقال مسؤول أميركي رابع الثلاثاء إن الإدارة تفكر في عدد من الدول لإرسال المهاجرين إليها، ومنها ليبيا، منذ عدة أسابيع على الأقل.

وفي 19 أبريل، منع قضاة المحكمة العليا إدارة ترامب مؤقتا من ترحيل مجموعة من المهاجرين الفنزويليين الذين اتهمتهم بالانتماء إلى عصابات. وحثت إدارة ترامب، التي استندت إلى قانون نادر الاستخدام يخص زمن الحرب، القضاة على إلغاء أو تضييق نطاق أمرهم.

كما يكتنف الغموض نوع الإجراءات القانونية الواجبة التي ربما تُتخذ قبل أي عمليات ترحيل من ليبيا، خاصة في ظل الانتقادات الحقوقية الواسعة الموجهة للأوضاع هناك.

ولم تشهد ليبيا سلاما يذكر منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في 2011، وانقسمت في 2014 بين فصائل متناحرة وحكومتين متنافستين إحداهما في شرق البلاد والأخرى في غربها.

وتشكلت حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس برئاسة عبدالحميد الدبيبة من خلال عملية مدعومة من الأمم المتحدة في 2021، لكن مجلس النواب ومقره بنغازي لم يعد يعترف بشرعيتها، وعين حكومة في بنغازي برئاسة أسامة حماد.

ولا تربط الولايات المتحدة حاليا سوى بعلاقات رسمية مع حكومة الدبيبة، على الرغم من زيارة صدام نجل قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر لواشنطن الأسبوع الماضي ولقائه عددا من مسؤولي إدارة ترامب.

وكانت لترامب علاقات جيدة مع المشير حفتر خلال ولايته الأولى، إذ تسيطر حكومته على معظم حقول النفط الليبية المربحة.