موازنة العام 1405: خطة “النظام الإيراني” لمأسسة الفقر ونهب الطبقة العاملة

موازنة العام 1405: خطة “النظام الإيراني” لمأسسة الفقر ونهب الطبقة العاملة

في خطوة تشرعن “النهب الكبير” وتعمق جراح الاقتصاد المنهار، قدم مسعود بزشكيان، رئيس النظام الإيراني، مشروع الموازنة للعام الفارسي 1405 (مارس 2026 – مارس 2027) إلى البرلمان. وبينما يحاول النظام تصويرها كخطة مالية اعتيادية، تكشف الأرقام عن كارثة حقيقية تستهدف العمال والمتقاعدين، حيث حددت الحكومة زيادة الرواتب بنسبة 20% فقط في وقت يلامس فيه تضخم الغذاء 70%، مما يرسخ الفقر المدقع لخدمة مصالح النخبة الحاكمة ومؤسسات خامنئي.

موازنة العام 1405: خطة “النظام الإيراني” لمأسسة الفقر ونهب الطبقة العاملة

حفظ الصورة
موسى أفشار
خريج جامعة المستنصرية ببغداد محلل الشأن الإيراني وشؤون الشرق الأوسط خاصة الشؤون العربية. منذ أكثر من 20 عامًا يعمل كاتبًا ومحللًا في وسائل الإعلام العربية. عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كاتب مقالات وله مقابلات وآراء عديدة في وسائل الإعلام العربية الرصينة
وکالة الانباء حضر موت

في خطوة تشرعن “النهب الكبير” وتعمق جراح الاقتصاد المنهار، قدم مسعود بزشكيان، رئيس النظام الإيراني، مشروع الموازنة للعام الفارسي 1405 (مارس 2026 – مارس 2027) إلى البرلمان. وبينما يحاول النظام تصويرها كخطة مالية اعتيادية، تكشف الأرقام عن كارثة حقيقية تستهدف العمال والمتقاعدين، حيث حددت الحكومة زيادة الرواتب بنسبة 20% فقط في وقت يلامس فيه تضخم الغذاء 70%، مما يرسخ الفقر المدقع لخدمة مصالح النخبة الحاكمة ومؤسسات خامنئي.

تُعد هذه الموازنة بمثابة إعلان رسمي لخفض الأجور الحقيقية وكارثة محققة للشعب الإيراني. لقد مهدت المتحدثة باسم حكومة النظام، فاطمة مهاجراني، لهذه السياسة بوقاحة قبل أسابيع، حين صرحت بأن زيادة الرواتب لن تتجاوز 20% بذريعة أن أي زيادة أعلى ستكون “تضخمية”. وبينما تقدم الحكومة اعتذارات جوفاء عن “الضغط الاقتصادي“، فإنها تنفذ فعلياً سياسات تضمن المزيد من إفقار الأمة.

رياضيات الجوع

تكشف الحسابات البسيطة قسوة هذه الموازنة. فالزيادة المقترحة بنسبة 20% لرواتب الموظفين والعمال تتناقض بشكل صارخ مع الواقع الاقتصادي. فوفقاً لإحصاءات النظام الإيراني الرسمية -التي غالباً ما يتم التقليل من شأنها- وصل التضخم العام في ديسمبر 2025 إلى 41%. والأخطر من ذلك هو معدل التضخم في المواد الغذائية، التي تشكل النفقات الأساسية للأسر الكادحة، حيث يتراوح بين 66% و70%.

هذه الفجوة الهائلة تعني انهياراً مباشراً في القوة الشرائية، مما يدفع فئات واسعة من المجتمع إلى أعماق خط الفقر.

هوة سحيقة بين الأجور والبقاء

بموجب مشروع الموازنة الجديد المقدم في 23 ديسمبر 2025، تم تحديد الحد الأدنى للراتب الأساسي للعام المقبل بحوالي 156 مليون ريال. أما بالنسبة للمتقاعدين، فالحد الأدنى أقل من ذلك، ويبلغ حوالي 140 مليون ريال.

في المقابل، يقر الخبراء وحتى وسائل الإعلام التابعة للنظام بأن “خط الفقر” قفز الآن إلى أكثر من 550 مليون ريال. ومع متوسط رواتب يحوم حول 170 مليون ريال، فإن دخل العامل الإيراني يمثل الآن أقل من ثلث المبلغ المطلوب للبقاء فوق خط الفقر. وكما اعترف محمد مهدي شهرياري، عضو البرلمان، فإن الرواتب الحالية “لا تغطي حتى تكلفة الخبز الجاف”. وتشير التقديرات إلى أن “سلة المعيشة” -الحد الأدنى لبقاء الأسرة- ستصل إلى 380 مليون ريال للعام المقبل.

الضريبة الخفية لحكم اللصوص

إن التفاوت بين الأجور الثابتة والأسعار الصاروخية ليس صدفة؛ بل هو آلية للسرقة. فبينما يبذل العمال نفس الجهد، تتبخر قوتهم الشرائية. تعمل هذه القيمة المفقودة كـ “ضريبة خفية”، تنقل الثروة من قاع المجتمع إلى جيوب النظام الإيراني والمؤسسات الخاضعة لسيطرة الولي الفقيه علي خامنئي.

ويتجلى التلاعب بوضوح في سعر الصرف المستخدم؛ حيث تم احتساب أجور العام المقبل بناءً على سعر دولار قدره 850,000 ريال، بينما وصل الدولار بالفعل إلى 1.31 مليون ريال في السوق المفتوحة. وهذا يؤكد أن الأجور تفقد قيمتها فعلياً قبل أن تُودع في حسابات العمال.

مجتمع على الحافة

تظهر عواقب “موازنة النهب” هذه على الموائد الفارغة للشعب الإيراني. فقد تم حذف المواد الأساسية مثل الألبان واللحوم من النظام الغذائي للعمال. وتشير التقارير إلى إرجاع الحليب ومنتجات الألبان من المتاجر إلى المصانع لعجز الناس عن شرائها، ليتم تصدير الحليب المدعوم كحليب مجفف صناعي إلى الدول المجاورة.

ويحذر مسؤولو النظام من أن عدد السكان الذين يعيشون في الفقر قد يصل إلى 55 مليون شخص. وكما اعترفت وكالة أنباء “إيلنا” الحكومية في 21 ديسمبر 2025: “الحقيقة هي أن العمال لم يعد لديهم مائدة”.

طالما بقي هذا النظام في السلطة، ستستمر دورة الزيادات الاسمية في الأجور المتبوعة بانخفاض كارثي في القوة الشرائية الحقيقية. إن المسار الوحيد لإنهاء هذا النهب الممنهج وضمان العدالة الاجتماعية هو إقامة “إيران حرة”، خالية من ظلم الملالي ونظام الشاه على حد سواء.