ست سنوات على الرحيل.. ولا يزال "أبو اليمامة" حاضرًا في ساحات الجنوب
مصلح عبده سالم
ست سنوات مضت على صباح الوجع الكبير... صباح ارتقى فيه الجسد، لكن بقيت القامة والموقف، وبقيت السيرة حي...
ست سنوات مضت على صباح الوجع الكبير... صباح ارتقى فيه الجسد، لكن بقيت القامة والموقف، وبقيت السيرة حيّة تُلهم الأحرار. في مثل هذا اليوم، رحل رفيق الدرب القائد الذي كان راية وطن تمشي على قدميها، كان القائد الشهيد منير محمود أبو اليمامة.
لم يكن رحيل "أبو اليمامة" فقدانًا لقائد فقط، بل كان محاولة لاغتيال فكرة، وإخماد نار الثورة التي كان هو أحد أبرز شراراتها. فكان الردّ من رفاقه وأبناء وطنه: "نم، فنحن على العهد باقون".
من يعرف أبو اليمامة عن قرب، يعرف جيدًا أنه لم يكن يحب الميكرفونات، ولا كان يهتم بعدسات الكاميرا، لكنه كان قائدًا يعرف كيف تصمت البنادق إذا تكلم، وكيف تثور إن أشار.
كان وفيًّا لجنوده قبل أن يطلب منهم الوفاء. لم يحمِ الجنوب من خلف المكاتب، بل كان درعه في الجبهات، وسيفه في ساعات المواجهة. كان صوت الانضباط العسكري حين تختلط الأصوات، وكان حاسمًا كحد السيف عندما يتعلق الأمر بالكرامة أو السيادة.
رفيق الدرب في زمن الهزات
"أبو اليمامة" لم يكن قائد لواء فقط، بل كان رفيق الدرب لكثير من الأحرار الذين عرفوا معنى القتال النظيف إلى جانبه. لم يكن يُقاتل لأجل شهرة أو منصب، بل لأجل الجنوب... لأجل الأرض والعَلَم والهوية.
هو القائد الذي يعرف أن عدوه لا يختبئ فقط في الجبهات، بل يندس في المؤسسات والمناصب والأصوات التي تُجيد لبس الأقنعة. لذلك كان واضحًا، صريحًا، لا يُجيد المساومة على الوطن.
الاغتيال الذي فضحهم...
في 1 أغسطس 2019، اغتالوه لأنه كان حجر عثرى في طريق مشاريعهم. اغتالوه لأنهم عجزوا عن اختراق جبهته، وعن شرائه أو تخويفه. لم يستطيعوا أن يهزموه ميدانيًا، فاغتالوه غدرًا... ولكنهم فشلوا، لأنهم قتلوا الجسد وتركوا الإرث حياً.
فأبو اليمامة ما زال يحرس الجنوب، من ذاكرة الأحرار، من دموع أمهات الشهداء، ومن قسم رفاقه في الجبهات:
"لن نُسلّم، لن نُساوم، لن نتراجع".
الذكرى السادسة.. موعد مع القسم من جديد
اليوم، ونحن نُحيي الذكرى السادسة لرحيل البطل منير محمود، لا نرثيه بقدر ما نستدعي روحه في كل ميدان، في كل خندق، في كل وقفة مقاومة. نستذكر قسمه، ونردد كلماته، ونجدد العهد:
لن نسمح للمحتل أن يعود، ولن نترك الجنوب لعصابات الفيد، ولن نُخضع كرامتنا لأوامر من خلف الحدود.
نم قرير العين يا منير.
غادرتنا جسدًا، لكنك أصبحت مدرسة لا تغيب.
أصبحت لغة الجنوب في زمن الغموض، وصوته في زمن المساومات.
أنت لم ترحل، بل نحن الذين نُقاتل اليوم باسمك، ونقف على خطاك، ونحمل إرثك كأمانة لا تسقط بالتقادم.
الجنوب ماضٍ كما أردت... بثبات، بشموخ، بأبطال لا تباعون ولايكسروا.