مؤتمر في البرلمان الأوروبي .. مريم رجوي: اعترفوا بنضال الشعب الإيراني من أجل إسقاط الاستبداد الديني
مؤتمر في البرلمان الأوروبي .. مريم رجوي: اعترفوا بنضال الشعب الإيراني من أجل إسقاط الاستبداد الديني
تزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، استضاف البرلمان الأوروبي في بروكسل مؤتمراً موسعاً بحضور جمع غفير من النواب والشخصيات السياسية الأوروبية. وقد ألقت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، كلمة استراتيجية شاملة، دعت فيها ممثلي الشعوب الأوروبية وحكومات العالم إلى الاعتراف بحق الشعب الإيراني في النضال من أجل إسقاط “الاستبداد الديني”.
مؤتمر في البرلمان الأوروبي .. مريم رجوي: اعترفوا بنضال الشعب الإيراني من أجل إسقاط الاستبداد الديني
سقوط دكتاتورية الأسد في سوريا، والضربة القاصمة التي تلقاها حزب الله اللبناني، بالإضافة إلى شلّ حركة وكلائه، جعلت النظام الإيراني بلا سند أساسي في مواجهة الإطاحة به من قبل الشعب الإيراني
تزامناً مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، استضاف البرلمان الأوروبي في بروكسل مؤتمراً موسعاً بحضور جمع غفير من النواب والشخصيات السياسية الأوروبية. وقد ألقت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة الإيرانية، كلمة استراتيجية شاملة، دعت فيها ممثلي الشعوب الأوروبية وحكومات العالم إلى الاعتراف بحق الشعب الإيراني في النضال من أجل إسقاط “الاستبداد الديني”.
وفيما يلي نص كلمة السيدة مريم رجوي:
الأصدقاء الأعزاء، النواب الكرام!
بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، نُحيّي أولئك الذين يقاومون من أجل الحرية والديمقراطية. إنهم يضحّون بأرواحهم ووجودهم من أجل حقوق الإنسان، ويمنحونها المعنى الحقيقي.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – الذي انبثق عن آلام ومعاناة ملايين الضحايا في النصف الأول من القرن الماضي – يشير في مقدمته إلى هذا الإنسان الثائر الذي “يُضطر إلى التمرّد على الظلم والطغيان كآخر علاج”.
لقد جئت اليوم إلى “بيت الديمقراطية” لشعوب أوروبا لأطالب ممثلي الأمم الأوروبية وكافة شعوب وحكومات العالم بالاعتراف بحق الشعب الإيراني في النضال للإطاحة بالاستبداد الديني.
تسارع المرحلة الحالية
أيها الأصدقاء الأعزاء!
لقد مرّت ستة أشهر منذ الثامن عشر من يونيو الماضي، حين تحدثت إليكم في هذا البرلمان حول الوضع في إيران. تشهد التطورات التي حدثت في هذه الفترة القصيرة على أن المجتمع الإيراني والنظام الحاكم يتجهان بوتيرة غير مسبوقة نحو وضع جديد.
لقد خسر خامنئي بشكل أساسي ما أسسه وأسماه “محور المقاومة”، أي إشعال الحروب وتصدير التطرف والإرهاب، والذي جعله درعًا لبقاء نظامه.
إن سقوط دكتاتورية الأسد في سوريا، والضربة القاصمة التي تلقاها حزب الله اللبناني، بالإضافة إلى شلّ حركة وكلائه، جعلت النظام الإيراني بلا سند أساسي في مواجهة الإطاحة به من قبل الشعب الإيراني
لقد تراجعت القاعدة الاجتماعية للنظام، وفقًا لنتائج آخر تمثيل انتخابي. وقد صرّح الرئيس السابق لجمهورية الملالي مؤخرًا أن 90% من الشعب يعارضون قوانين مجلس النظام.
إن الفصائل داخل الحكومة، التي ترى خامنئي ضعيفًا، تتحدّاه بسبب فشل استراتيجيته. في برلمان النظام يُطالِب الأعضاء صراحةً بإعدام رئيس نظامهم سابقا (روحاني) عدة مرات.
من ناحية أخرى، فإن اقتصاد البلاد في وضع غير مستقر ولا يمكن السيطرة عليه. بسبب النقص الهيكلي في المياه والكهرباء والغاز، تفاقمت الاضطرابات المزمنة. عاد التضخم السنوي إلى ما يزيد عن 40%، وأصبح تدهور قيمة العملة الرسمية في البلاد لا يمكن إيقافه، وأدت التحديات الاقتصادية إلى إخضاع النظام لعجز الميزانية، ودفعت بالفقر المدقع الذي يعاني منه عشرات الملايين من الإيرانيين، والمجاعة التي تهدد سبعة ملايين شخص على الأقل، ووفاة ما يقرب من 60 ألف شخص سنويًا بسبب تلوث الهواء، إلى رفع مستوى السخط الشعبي إلى عتبة الانفجار.
ومع ذلك، فإن هذا النظام يفتقر إلى الحلول وليس لديه أدنى قدرة على الإصلاح السياسي أو الاقتصادي، ولا يمكنه التخلي عن تركيزه الأقصى على قمع المجتمع، وتصنيع القنابل الذرية، وإشعال الحروب والإرهاب، ولو ليوم واحد أو ساعة واحدة.
الملالي الحاكمون لا يخفون أنهم يواجهون مأزقًا فيما يتعلق بوجودهم.
تتجه شبكة المقاومة إلى التوسع في مختلف المحافظات. لقد أحرزت المقاومة تقدمًا في أبعاد مختلفة، وينضم جيل الشباب داخل وخارج البلاد بشكل متزايد إلى حركة المقاومة.
نعم، إن أخطر أزمة ومحنة يواجهها نظام الملالي اليوم هي تحرّك الشعب والمقاومة الإيرانية نحو الانتفاضة المنظمة.
إثبات رؤية المقاومة
الأصدقاء الأعزاء!
النواب الكرام!
إن التطورات التي حدثت في الأشهر الستة الأخيرة، وكما أوضحت موقف الإطاحة بالنظام وجعلته لا يقبل الشك، فقد أفشلت أيضًا ما كان يُعتبر حلولًا زائفة ومسارات وهمية.
لم يعد هناك مكان لعرض “البدائل” المصطنعة.
كان البعض يعوّل على تدخل الدول والقوى الخارجية. كان هذا أيضًا حلًا افتراضيًا ووهميًا تبخّر وانكشف زيفه.
كان البعض يذرّ الرماد في عيون الناس ليجعلهم ينتظرون تغييرًا من داخل هذا النظام الإجرامي. فقد هذا الوهم أيضًا مصداقيته.
كما أن عددًا من الأفراد الذين كانوا يجيزون سياسة المهادنة مع الاستبداد الديني من أجل مصالحهم التجارية والدبلوماسية قد فشلوا أيضًا. لقد حذّرنا مرارًا من أن سياسة المهادنة تفتح الطريق أمام الملالي لإشعال الحروب، وهذا ما حدث بالفعل.
في المقابل، فإن ما ثبتت صحته واتضح عمقه وأصالته هو رؤية المقاومة الإيرانية، أي الحل الثالث: وهو الإطاحة بالنظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية نفسها. إنها مقاومة تعتمد على قوة مقاتلة ومضحية، وضعت الاستقلال والحرية نصب عينيها دائمًا.
من دواعي سروري أن نرى اليوم، في صفوف الشعب الإيراني، شخصيات ومجموعات سياسية، على الرغم من اختلاف معتقداتها أو تنوع جنسياتها، تتفق يومًا بعد يوم وبشكل متزايد على هذه المبادئ الثلاثة:
1. المبدأ الأول: إسقاط نظام ولاية الفقيه، وهو أمر ممكن بفضل نضال وإرادة الشعب الإيراني، وليس بتدخل أي قوة أو دولة أجنبية.
2. المبدأ الثاني: التحديد القاطع للحدود بين نظامي “الشاه” و”الملالي”.
3. المبدأ الثالث: فصل الدين عن الدولة.
هذه هي المبادئ التي أكد عليها المجلس الوطني للمقاومة في جبهة التضامن.
دعوا الآن بقايا النظام السابق تستمر في أحلامها بإحياء الديكتاتورية والتبعية. فالمجتمع والتاريخ الإيراني لن يعود إلى الماضي ولن يظل راكدًا في مكانه.
إن الشعب الإيراني لا يريد ديكتاتورية شاهنشاهية ولا ديكتاتورية دينية، بل يتطلع إلى مستقبل يقوم على صوت الشعب.
إنه مستقبل يقوم على الحرية، الديمقراطية والمساواة، وعلى أساس فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين الرجل والمرأة، والحكم الذاتي لكردستان إيران، وإلغاء عقوبة الإعدام، وكذلك إيران غير نووية.
عدم عودة الظروف إلى التوازن السابق
أيها الأصدقاء الأعزاء!
اسمحوا لي أن أشير هنا إلى بعض النتائج المهمة:
أولًا: نظام الملالي لن يتوقف عن قمع المجتمع وبرنامج صناعة القنبلة الذرية وإشعال الحروب والإرهاب حتى يوم سقوطه، ولكن من المستحيل أن يعود إلى الظروف والتوازنات السابقة وينجو من الانتفاضة والإطاحة به.
ثانيًا: يحاول خامنئي والمتوطئون معه الآن كسب الوقت وإيجاد طريقة لتأجيل الانتفاضة والسقوط من خلال مناورات مكررة تحت عنوان المفاوضات.
ومع ذلك، نكرر مخاطبين خامنئي: تفضل وتجرع “كأس السم” النووي والصاروخي. هذا هو اختصار الطريق نحو السقوط، وهو لصالح الشعب الإيراني.
وكما قال مسعود رجوي، قائد المقاومة: “خريطة طريق خامنئي رسمها سابقًا الشاه وبشار الأسد. وإذا لم يقبل، فإن ما هو أسوأ في انتظاره.”
ثالثًا: لقد فشلت سياسة الغرب تجاه إيران، التي سارت في إطار المهادنة على مدى العقود الماضية. أي أن جميع المحاولات للحفاظ على الاستبداد الديني، وإغلاق الطريق أمام التغيير الديمقراطي في إيران، وترك الباب مفتوحًا أمام تدخل النظام وإشعال الحروب في المنطقة، قد فشلت، وأي محاولة لإحياء هذه السياسة هي محاولة عقيمة.
لا يجوز صمت أوروبا وتقاعسها عن العمل
الحضور الكرام!
بسبب الظروف الطارئة الحالية، كثّف الملالي عمليات “الشيطنة” والحرب النفسية ضد هذه الحركة.
يحاول عناصر وزارة المخابرات سيئة السمعة تشويه صورة منظمة مجاهدي خلق، القوة الرئيسية للمقاومة داخل إيران، من خلال نشر الأكاذيب التي تخاطب المشرعين الأوروبيين أيضًا.
إنهم يتهمون مجاهدي خلق بغسيل أدمغة أعضائهم أو سجنهم. إنهم يقومون بعمليات تشويه ضد مجاهدي أشرف 3. إنهم يستشيطون غضبًا لأن هؤلاء المجاهدين مصدر إلهام لنضال الشباب والنساء في إيران
في الحقيقة، يحاول الملالي تصدير الترهيب والقمع إلى أوروبا.
لتنفيذ مثل هذه السيناريوهات والاتهامات، أقام النظام منذ عامين محكمة جائرة في طهران لمحاكمة منظمة مجاهدي خلق وأكثر من 100 من مسؤولي وأعضاء هذه المقاومة.
إن القاضي المُعيَّن من قبل الملالي لهذا الغرض يطالب الدول الأوروبية بتسليم أعضاء المقاومة، وهم أشخاص يحملون صفة اللاجئ في أوروبا منذ عشرات السنين.
بهذه المطالب والنداءات المماثلة، يحاول النظام مواجهة المصداقية العالمية للمقاومة الإيرانية.
تُظهر وثائق داخلية لوزارة الخارجية التابعة للنظام أن مسؤولين من عدة وزارات والقضاء والحرس يروجون لـ “خطة لنزع المصداقية” عن هذه المقاومة.
في الوقت الذي يتزايد فيه القبول بالاعتراف بنضال الشعب الإيراني للإطاحة بالنظام يومًا بعد يوم، يحتاج الملالي إلى هذه العروض التآمرية أكثر من أي وقت مضى.
الهدف الآخر من هذه الاتهامات هو تبرير إعدام أعضاء هذه المقاومة. يوجد الآن 18 سجينًا سياسيًا محكوم عليهم بالإعدام بتهمة الانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق.
ندعو الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى إنهاء الصمت في هذا الشأن.
ونطالبهم بألا يتباطأوا أكثر في إدراج حرس النظام الإجرامي التابع لخامنئي على قائمة الجماعات الإرهابية.
لقد طالب البرلمان الأوروبي مرارًا وتكرارًا في قراراته بهذا التصنيف. وصوّت عدد من البرلمانات الأوروبية، مثل برلمان السويد وبرلمان هولندا وبرلمان بلجيكا، لصالح ضرورة هذا التصنيف. وقد أعلنت حكومات مثل كندا والولايات المتحدة وأستراليا وضع هذه القوة الشريرة على قوائمها الإرهابية. وبالتالي، يجب على الاتحاد الأوروبي ألا يتأخر أكثر في هذا الإدراج!
كما نتوقع من البرلمان الأوروبي أن يبادر إلى طرح مشروع لإحالة ملف انتهاكات حقوق الإنسان في إيران إلى مجلس الأمن.
هذا العام، أعدم نظام خامنئي المجرم أكثر من 1950 شخصًا حتى الآن. أي ضعف عدد العام الماضي وهو أعلى عدد الإعدامات في السنوات الـ37 الماضية.
سؤال الشعب الإيراني الموجه إلى حكومات العالم في هذه الظروف الحرجة والخطيرة هو: إلى متى سيستمر الصمت والتقاعس؟
مؤخرًا، قدمت اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها معلومات واسعة النطاق حول الجرائم المتعددة للنظام. وقد أشارت بشكل خاص إلى مذبحة السجناء السياسيين في عام 1988 في إيران.
إن إثارة هذه المذبحة رسميًا لأول مرة بعد 37 عامًا تُعد نقطة تحول مهمة في حركة “طلب العدالة” لضحايا تلك المذبحة.
هذا يرجع بشكل خاص إلى جهود المقرر الخاص، البروفيسور جاويد رحمان، وغيره من المناضلين في حركة طلب العدالة. لكن هذا ليس كافياً.
في تقريره الصادر في يوليو 2024، أعلن البروفيسور جاويد رحمان أن عمليات الإعدام التي جرت في الثمانينيات ومذبحة عام 1988 تُمثل إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، ودعا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم في إطار الولاية القضائية العالمية.
لقد حان الوقت لتنفيذ كل هذه المطالب.
الوجهة الوحيدة المقبلة أمامنا
الأصدقاء الأعزاء، النواب الكرام!
اسمحوا لي أن ألخص مناقشات اليوم على النحو التالي:
لقد وصل الوضع في إيران إلى لحظة استثنائية:
نظام الملالي ليس لديه مسارات متعددة أمامه ولا يواجه خيارات متنوعة؛ بل لم يتبق له سوى مسار واحد: إما السقوط مع استمرار العدوانية الدولية والقمع الداخلي، أو السقوط من خلال التراجع.
في المقابل، ليس أمام الشعب الإيراني خيارات متنوعة أيضًا. هناك خيار واحد ووحيد: وهو الانتفاضة المنظمة وإسقاط الاستبداد الديني في إيران.
نعم، أمامنا وجهة واحدة فقط وهي النصر.
أمامنا مسار واحد فقط: وهو الثورة الديمقراطية، ونقل السلطة إلى الشعب الإيراني بشكل ديمقراطي، وإقامة جمهورية ديمقراطية في إيران في نهاية المطاف.