خفض الفائدة الأمريكية.. ماذا يعني للدولار والذهب والأسواق؟
عقب خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الأربعاء، أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ما التأثير المرتقب على الأسواق؟
وأعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، اليوم الأربعاء، خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لتستقر في نطاق يتراوح بين 4% و4.25%، في أول خفض منذ بداية عام 2025، بعد سلسلة اجتماعات أبقى خلالها البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير، في خطوة كانت متوقعة من جانب الأسواق العالمية وفيما يوصف بمنح الفيدرالي الأمريكي انتصارًا طال انتظاره للرئيس الأمريكي دونالد ترامب حيث طالب عدة مرات وضغط في اتجاه خفض الفائدة.
القرار فتح الباب أمام موجة من التحليلات حول انعكاساته على الذهب والدولار والأسواق العالمية، باعتبار أن سياسات الفيدرالي الأمريكي أحد أبرز تدفقات الأموال والاستثمارات عبر العالم.
وقال حمزة دويك، رئيس قسم التداول في ساكسو بنك لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "سيكون التأثير الفوري (لخفض المركزي الأمريكي) هو انخفاض تكاليف الاقتراض في القطاعين العام والخاص، مما يخفف الضغط على الحكومات والشركات والأسر ويدعم التحفيز المالي والاستثمار على نطاق أوسع".
وأضاف "قد يؤدي تراجع الدولار، الذي غالبا ما يرتبط بتيسير الاحتياطي الاتحادي الأمريكي السياسة النقدية، إلى دعم أسعار النفط، مما يعود بالنفع على مصدري دول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، لا تزال تقلبات سوق الطاقة تشكل خطرا رئيسيا نظرا لتطور آليات الطلب العالمي".
الذهب الرابح الأكبر
الذهب خرج كأكبر المستفيد من قرار الفيدرالي، إذ ارتفع المعدن الأصفر حول مستوى 3707 دولار للأونصة، مع توقعات بمكاسب إضافية قد تدفعه إلى حدود 3800 دولار بنهاية العام الحالي، وفق تقديرات "يو بي إس"، بينما تلمّح "غولدمان ساكس" إلى سيناريو صعودي أكثر جرأة يقترب من 5000 دولار للأونصة إذا فقد الفيدرالي مصداقيته في ضبط التضخم لاحقا.
ويرجع الصعود إلى أن الذهب،إلى أن المعدن الأصفر يصبح أكثر جاذبية كلما انخفضت أسعار الفائدة، حيث تتراجع "تكلفة الفرصة البديلة" للاحتفاظ به، كما أن استمرار شراء البنوك المركزية بكميات قياسية، وتصاعد التوترات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى، يضيفان مزيدًا من الزخم لمساره الصاعد.
الدولار تحت الضغط
في المقابل، يواجه الدولار الأمريكي اختبارًا صعبًا، فخفض الفائدة يضعف من جاذبية العملة الخضراء باعتبارها استثمارًا يدر عائدًا أقل مقارنة بعملات أخرى، وقد استقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام ست عملات رئيسية، فبلغ 96.686، ليظل قريباً من أدنى مستوياته منذ أوائل يوليو/ تموز.
ورغم أن الدولار غالبًا ما يجد دعمًا من كونه الملاذ الآمن في أوقات الأزمات الجيوسياسية، إلا أن مسار السياسة النقدية الأمريكية الحالي يضعه تحت ضغط، وسط توقعات بمزيد من التراجع إذا واصل الفيدرالي دورة التيسير النقدي.
انعكاسات على الأسواق الناشئة
يقول الدكتور أحمد شوقي الخبير المصرفي لـ "العين الإخبارية" أن الدولار الأضعف والفائدة الأمريكية المنخفضة يشكلان بيئة أكثر ملاءمة للأسواق الناشئة على رأسها مصر وتركيا والتي قد تجد في القرار فرصة لجذب تدفقات استثمارية جديدة تبحث عن عوائد أعلى.
وأضاف أن تكلفة خدمة الديون المقومة بالدولار تتراجع، وهو ما يمنح هذه الاقتصادات متنفسًا مهمًا في ظل الضغوط المالية العالمية.
وفي السياق ذاته، سارعت بعض البنوك المركزية في الخليج إلى خفض الفائدة بنحو 0.25% لمواكبة قرار الفيدرالي والحفاظ على استقرار تدفقات رؤوس الأموال داخل اقتصاداتها المرتبطة بالدولار.
أسواق الأسهم والسندات
أسواق الأسهم الأمريكية عادة ما ترحب بقرارات خفض الفائدة، إذ تستفيد الشركات من تكلفة تمويل أقل، ما ينعكس على ربحيتها، خاصة في قطاعات مثل التكنولوجيا والسلع الاستهلاكية غالبًا ما تكون أول المستفيدين.
أما سوق السندات فيشهد تحركًا معاكسًا، حيث ترتفع أسعار السندات القائمة التي تقدم عائدات أعلى مقارنة بالسندات الجديدة التي تُصدر وفق مستويات الفائدة المنخفضة.
النفط والعملات المشفرة
انخفضت أسعار النفط اليوم الأربعاء عند التسوية بعد بيانات أظهرت زيادة مخزونات الديزل الأمريكية مما أثار مخاوف بشأن الطلب، وكذلك قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بتقليص أسعار الفائدة مثلما كان متوقعا.
ونزلت العقود الآجلة لخام برنت 52 سنتا، أو 0.76%، إلى 68.22 دولار للبرميل، بينما خسرت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 47 سنتا، أو 0.73%، لتسجل 64.05 دولار
ووفقا لخبراء المال، فإن أسعار النفط ستلتقط أنفاسها سريعًا بعد قرار الفيدرالي بخفض الفائدة مدعومًا بتوقعات زيادة الطلب العالمي على الطاقة بفعل التيسير النقدي.
أما العملات المشفرة فقد تشهد هي الأخرى موجة صعود قوية، إذ يدفع تراجع الفائدة المستثمرين للبحث عن بدائل استثمارية ذات عائد أعلى وأكثر مخاطرة، في وقت تتزايد فيه المضاربات على الأصول الرقمية.
وبينما يترنح الدولار تحت الضغط، ويواصل الذهب صعوده القياسي، فإن الأسواق الناشئة أمام فرصة لالتقاط الأنفاس إذا أحسنت استغلال التحولات في حركة رؤوس الأموال. ومع كل ذلك، يبقى العالم في حالة ترقب لخطوة الفيدرالي المقبلة، بين خفض إضافي محتمل أو توقف قصير لإعادة تقييم المشهد الاقتصادي.