نفق تداعيات رسوم ترامب.. الشركات الصغيرة في ورطة الاستدانة
تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة في الولايات المتحدة ضغوطًا متزايدة نتيجة استمرار الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الصينية.
يأتي ذلك في وقت تدفع فيه هذه الرسوم التي فرضتها ادارة الرئيس دونالد ترامب المستوردين إلى اللجوء إلى القروض لتغطية التكاليف التشغيلية المتصاعدة.
ونقل تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" للأنباء عن جوزيف آسيا مالك شركة Pardes Farms Inc. في بروكلين، وهو أحد المتضررين المباشرين من هذه السياسات. أن الرسوم الجمركية المفروضة على وارداته من الخضروات المجمدة الكوشير من الصين تسببت في رفع تكلفة الشحن بنحو 2000 دولار لكل حاوية. ولتفادي تمرير هذه الزيادة إلى المستهلك، لجأ آسيا إلى قرض بقيمة 200 ألف دولار من شركة الإقراض التكنولوجي Slope Inc.، بفائدة سنوية تجاوزت 20%.
ارتفاع كبير في طلبات التمويل
ووفقاً لبيانات شركة Slope، المتخصصة في تقديم قروض قصيرة الأجل للشركات الصغيرة، ارتفعت طلبات الحصول على خطوط ائتمان بنسبة 730% في أغسطس/أب الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتقول أليس دينغ، الشريكة المؤسسة في الشركة، إن "الطلب على التمويل قفز بشكل فوري نتيجة تأثير الرسوم الجمركية".
ويأتي هذا الارتفاع بالتزامن مع استمرار الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، وفرض الولايات المتحدة رسوماً تصل إلى 50% على بعض الواردات الصينية، بما في ذلك السلع الاستهلاكية والمكونات الصناعية.
وعلى الرغم من أن المستهلك الأمريكي لم يشعر بعد بتأثير هذه الرسوم بشكل مباشر، إلا أن خبراء يتوقعون أن تظهر آثارها تدريجياً في الأسعار النهائية خلال عام تقريباً، وهو الإطار الزمني الذي تحتاجه زيادات التكلفة للانعكاس على أسعار التجزئة.
لكن الشركات الصغيرة لا تملك هذا الترف الزمني، إذ تُجبر على دفع الرسوم الجمركية فور وصول الشحنات إلى الموانئ الأمريكية، ما يخلق فجوة تمويلية تدفعها إلى الاقتراض بأسعار فائدة مرتفعة.
التكنولوجيا المالية
وشهد قطاع الإقراض للشركات الصغيرة تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، مع بروز شركات ناشئة مثل Slope، Clearco، وWayflyer، التي تعتمد على خوارزميات لتقييم الجدارة الائتمانية بسرعة، وتقديم قروض فورية قد تصل إلى عدة ملايين من الدولارات.
وشركة Slope، التي تأسست في سان فرانسيسكو عام 2021، تستهدف الشركات التي لا تتجاوز إيراداتها 25 مليون دولار سنوياً. وفي المقابل، قدمت شركة Wayflyer الأيرلندية تمويلاً لأكثر من 5,000 شركة منذ 2019، بينما سجلت Clearco نمواً بنسبة 46% في حجم تمويلاتها خلال يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين مقارنة بالعام السابق.
ويقول أندرو كيرتس، الرئيس التنفيذي لشركة Clearco، إن "السياسات الجمركية الحالية تخلق حالة من عدم اليقين، ما يدفع عملاءنا إلى طلب تمويل سريع لتأمين استمرارية العمليات".
تغطية الفجوة التمويلية
وقال أحد مستوردي مواد التغليف من نيوجيرسي، وقد رفض الكشف عن هويته، أنه حصل على قرض بقيمة 300 ألف دولار بفائدة شهرية تبلغ 1.5% لتغطية رسوم جمركية على 100 حاوية. وأشار إلى أنه يخطط لتحميل هذه التكاليف على العملاء لاحقاً، لكنه يحتاج إلى التمويل فورياً لتجنب الغرامات أو تأخير الشحنات.
وفي قطاع التجزئة، اضطر مستورد للسلع الرياضية إلى رفع أسعار منتجاته بنسبة تصل إلى 20% بعد استخدام قرض من Slope لتمويل الرسوم على شحناته.
في الوقت نفسه، لجأت شركات أخرى مثل Obvi، المختصة في منتجات الصحة والجمال، إلى التمويل المؤقت تحسباً لارتفاع إضافي في الرسوم. وقال الرئيس التنفيذي، رون شاه، إن "ارتفاع كلفة التغليف والكولاجين رفع تكلفة التصنيع بنسبة 12%، ونحن نحتاج فقط إلى فترة قصيرة لفهم السوق واتخاذ القرار المناسب".
أما في كاليفورنيا، فقد اضطر ويليام تشاو، مالك متجر للإلكترونيات، إلى التوقف عن بيع مولدات الطاقة الشمسية الصينية بسبب عدم جدواها اقتصادياً بعد فرض الرسوم، وبدأ بالتحول إلى قطاع المنازل الجاهزة عبر قرض بقيمة 100 ألف دولار.
من جانبه، لا يزال جوزيف آسيا يأمل في إعفاء المواد الغذائية من الرسوم، مؤكداً أنه "يمكن تقبل فرض الرسوم على الإلكترونيات، لكن ليس على المنتجات الغذائية الأساسية".