تايلاند وكمبوديا.. «حرب الاتهامات» تجدد المخاوف من «شبح الصدام»
الأمم المتحدة تحث كمبوديا وتايلاند على تطبيق اتفاق وقف كامل إطلاق النار على الحدود بينهما واتّخاذ تدابير سريعة لبناء الثقة والسلام.
واليوم الأربعاء، دعا المفوّض الأممي السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك الطرفين إلى حماية المدنيين بعدما تبادلت كمبوديا وبنوم بنه الاتهامات بخرق الهدنة التي احتوت تصعيدا حدوديا.
واتّفقت الدولتان على هدنة بعد اشتباكات استمرّت 5 أيّام أودت بحياة 43 شخصا على الأقلّ من الجانبين، في ظلّ نزاع طويل الأمد على معابد تقع على حدودهما المشتركة الممتدّة على 800 كيلومتر.
وقال تورك في بيان إنه "لا بدّ من احترام هذا الاتفاق الأساسي بالكامل وبنيّة حسنة من الطرفين، فيما تتواصل الجهود الدبلوماسية لمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع".
وشدّد المفوّض الأممي على ضرورة استتباب الأمن على الحدود وتوفير تعويضات لضحايا العنف والتهجير.
وتوصّلت تايلاند وكمبوديا إلى وقف لإطلاق النار بوساطة ماليزيا وبتدخّل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يسعى الطرفان إلى خطب ودّه لتفادي تعريفات جمركية باهظة على صادراتهما.
وقال تورك "في وضع مشحون كهذا، لا بدّ من أن تتّخذ السلطات التايلاندية والكمبودية على السواء خطوات لإعادة الثقة والتصدّي للخطابات المؤذية والتحريضية ولجم المعلومات المضلّلة بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان".
وتابع "يعود للحكومتين كلتيهما ضمان أمن وحماية مواطني الدولة الأخرى على أراضيها".
حرب اتهامات
تأتي الدعوة الأممية عقب اتهام تايلاند اليوم الأربعاء لكمبوديا بـ"انتهاك صارخ" لاتفاق وقف إطلاق النار الذي توصّل إليه البلدان، مشيرة إلى أنّ عسكريين كمبوديين شنّوا هجوما ليليا على أراضيها.
وبحسب وزارة الخارجية التايلاندية فإنّ عددا من العسكريين التايلانديين في مقاطعة سيساكيت الشرقية تعرضوا لهجوم صباح الأربعاء من قِبل "قوات كمبودية" مُجهّزة بـ"أسلحة من أعيرة صغيرة" وقنابل يدوية.
واعتبرت الوزارة في بيان أنّ هذا الهجوم "يشكّل انتهاكا صارخا لاتفاق وقف إطلاق النار".
وأكّد المتحدّث باسم الحكومة التايلاندية جيرايو هوانغساب في بيان بوقوع اشتباكات ليلية، مشددا على أنّ "الجانب التايلاندي حافظ على سيطرته على الوضع".
وأكّد المتحدّث أنّ الوضع العام على طول الحدود "طبيعي" منذ الساعة الثامنة صباحا (01,00 ت غ).
وكان الجيش التايلاندي قد اتّهم أمس الثلاثاء الجيش الكمبودي بانتهاك الهدنة في مواقع عدة، لكنّ بنوم بنه نفت ذلك.
وتتواجه تايلاند وكمبوديا منذ عقود حول ترسيم الحدود المشتركة التي تعود لحقبة الهند الصينية الفرنسية.
وضع "هش"
وأودت المعارك التي اندلعت على عدّة جبهات يبعد بعضها عن الآخر مئات الكيلومترات أحيانا بحياة 43 شخصا على الأقلّ وتسبّبت في نزوح نحو 330 ألف مدني، بحسب أحدث البيانات.
واتّفق رئيس الوزراء التايلاندي بالوكالة بومتام ويشاياشاي ونظيره الكمبودي هون مانيت على وقف لإطلاق النار خلال اجتماع عقد بوساطة ماليزيا وبدعم من الولايات المتحدة والصين.
وأمس الثلاثاء، وبالرغم من الاتهامات المتبادلة، اجتمع قادة عسكريون من الطرفين، عملا بأحكام الاتفاق، بحسب ما أفاد كلّ من بانكوك وبنوم بنه.
وأعلن الجيش التايلاندي الاتفاق على تدابير لخفض التصعيد، من بينها "وقف التعزيزات أو تحركات القوات التي قد تؤدي إلى سوء تفاهم".
وفي وقت لاحق، حذرت ماراتي ناليتا أندامو الناطقة باسم الخارجية التايلاندية من أن "الوضع ما زال هشّا".
وبحسب بيانات رسمية، أسفرت الاشتباكات عن مقتل 30 تايلانديا، بينهم 15 جنديا، و13 قتيلا بينهم 5 عسكريين، على الجانب الكمبودي.
كذلك، نزح أكثر من 188 ألف تايلاندي عن المناطق المعرضة للخطر، بحسب بانكوك، على غرار أكثر من 140 ألف كمبودي، وفقا لبنوم بنه.
ولم تشهد المنطقة تصعيدا كهذا منذ العام 2011 الذي أودى بحياة 28 شخصا.
ووصلت العلاقات الدبلوماسية بين الجارتين اللتين تجمعهما روابط ثقافية واقتصادية وطيدة، إلى أدنى مستوياتها منذ عقود.