مصر تبدد مخاوف اليونان بشأن ملكية دير سانت كاترين في سيناء

وكالة أنباء حضرموت

 سعت السلطات المصرية، الجمعة، إلى تهدئة مخاوف عبّرت عنها اليونان والسلطات الكنسية بشأن خلاف حول دير سانت كاترين في جنوب سيناء، وهو موقع ديني وأثري مدرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لرئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، في اتصال هاتفي جرى بينهما الجمعة، أن بلاده “ملتزمة تماما بالحفاظ على المكانة الدينية الفريدة والمقدسة لدير سانت كاترين وضمان عدم المساس بها.”

وقالت أثينا إن ميتسوتاكيس، أكد للسيسي “ضمان الوصول إلى الدير والحفاظ على طابعه الأرثوذكسي اليوناني وحل القضية” بناء على اتفاق سابق بين القاهرة وأثينا.

ومن المقرر أن يزور وفد يوناني مصر الأسبوع المقبل لمتابعة التطورات، وضمان سير الأمور في طريق يحافظ على مكانة الدير الدينية المقدسة، وفقا لتفاهمات البلدين.

جاء ذلك بعد أن أصدرت محكمة مصرية، الأربعاء، حكما في نزاع بين محافظة جنوب سيناء والدير، أكد “أحقية تابعي دير سانت كاترين في الانتفاع به والمواقع الدينية الأثرية بسانت كاترين، مع ملكية الدولة للمواقع بوصفها من الأملاك العامة.”

وأكدت الرئاسة المصرية أن الحكم القضائي يتّسق مع ما أكده الرئيس السيسي خلال زيارته إلى أثينا مطلع مايو الجاري، مع التشديد على أهمية الحفاظ علي العلاقات الوثيقة والأخوية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين وعدم المساس بها.

واعترض رئيس أساقفة أثينا واليونان للكنيسة الأرثوذكسية يِرونيموس الثاني على الحكم القضائي المصري، ووصفه بـ”المشين.. وينتهك الحريات الدينية.”

ورأى يرونيموس الثاني أن دير سانت كاترين في سيناء، أقدم معلم مسيحي أرثوذكسي في العالم، “يمر بفترة عصيبة، تعيد إلى الأذهان عصورا مظلمة مضت.”

دعوى قضائية ضد الدير أثناء حكم تنظيم جماعة الإخوان لمصر، والتي طالبت بهدمه

ونفت وزارة الخارجية المصرية ما أشيع حول مصادرة الدير والأراضي التابعة له من قبل الدولة، مؤكدة عدم المساس بدير سانت كاترين والأماكن الأثرية التابعة له.

وترفض أثينا أيّ إجراء يخرج عن التفاهم المشترك بين البلدين، وجسده قادة مصر واليونان خلال اجتماع المجلس الأعلى للتعاون الذي عقد مؤخراً في اليونان.

وتشهد منطقة سانت كاترين مشروع تطوير ضخم في إطار سعي الحكومة المصرية لتنشيط الحركة السياحية في منطقة جنوب سيناء، وتردد أن المشروع قد يلحق أضرارا بالنظام البيئي للمحمية ويهدد الدير والمجتمع المحلي.

وقال عضو مجلس النواب المصري أحد محامي دير سانت كاترين في بداية الأزمة إيهاب رمزي إن الحكم القضائي أنهى النزاع القائم بين الدير ومحافظة جنوب سيناء وفتح الطريق لتطوير المنطقة المحيطة بالدير بما لا يخل بالمكانة التاريخية له.

وذكر لـ”العرب” أن الدير حق انتفاع أصيل لرهبان الطائفة اليونانية الأرثوذوكسية، وهي منتفعة بالدير منذ ثلاثة قرون، ولا يجوز تملّك أرض الدير أو المنطقة المحيطة به، فيما تعد حقت أصيل للدولة يمكن أن تتدخل لتطويره، وأن هذا الأمر محمي بالقانون المصري والدولي أيضا.

وأوضح أن الدير واجه العديد من الدعاوى القضائية التي وجهت اتهامات بالاعتداء على أراض محيطة به، وتم تقنين هذه الوضعية مع صدور الحكم الأخير.

وكشف أن الدير واجه نحو 70 دعوى قضائية في أثناء حكم تنظيم جماعة الإخوان لمصر، والتي طالبت بهدمه، وهي دعاوى جرى تحريرها ضد مطران الدير وهو يوناني الجنسية، وجرى الطعن على بعض الأحكام أمام محكمة القضاء الإداري باعتبار أنه مكان أثرى ولا تجوز إزالته، وكان الأمر مثار استغراب، في وقت كانت فيه أشجار الدير التي تمتد إلى أكثر من 150 عاما شاهدة على تاريخه.

وأضاف لـ”العرب” أن الحكومة المصرية ستبدأ بتطوير المنطقة المحيطة بالدير لجعلها موقعا جاذبا للسياحة العالمية، إذ بها مواقع أثرية، محل اهتمام من قبل المسلمين والمسيحيين واليهود، وأن مصر تملك خطة لتطوير السياحة الدينية مع الاتجاه لتسويق الدير والمناطق الأثرية المحيطة به عالميا.

ودير سانت كاترين، هو أحد أقدم الأديرة في العالم، ويعرف باسم دير القديسة كاترين، وتم بناؤه بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول لإيواء الرهبان الذين كانوا يعيشون في سيناء منذ القرن الرابع الميلادي، وينتمي الدير للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، ويحظى بزيارات من أفواج الحج للمسيحيين اليونانيين.

ويحوي الدير، كنيسة التجلي، ومجموعة من الكنائس الصغيرة، وأماكن لإقامة الرهبان، وقاعة طعام، ومعصرة زيتون، وصناديق عظام الموتى، ومسجدا فاطميا يرجع إلى القرن الثاني عشر الميلادي، ومكتبة تضم كتبًا نادرة وأكثر من ستة آلاف مخطوطة، وتم تسجيل دير سانت كاترين على قائمة التراث العالمي عام 2002.

وبدأ الجدل يتزايد عقب صدور حكم من إحدى المحاكم المصرية بأحقية تابعي دير سانت كاترين في الانتفاع بالدير والمواقع الدينية الأثرية بمنطقة سانت كاترين، مع ملكية الدولة لهذه المواقع، بوصفها من الأملاك العامة، ووجوب احترام العقود المحررة بين الوحدة المحلية لمدينة سانت كاترين والدير بشأن بعض قطع الأراضي المستغلة بمعرفة تابعي الدير، وتضمّن الحكم أن باقي قطع الأراضي المتنازع عليها محميات طبيعية، ومن أملاك الدولة العامة، ولا يجوز التصرف فيها أو تملّكها بالتقادم.