أردوغان يستخدم التغييرات في الإقليم ورقة ضغط على قسد

وكالة أنباء حضرموت

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن قوات سوريا الديمقراطية تستخدم “تكتيكات للمماطلة” رغم الاتفاق مع الحكومة السورية الجديدة على دمجها في القوات المسلحة السورية، وأكد أنه يتعين عليها أن تتوقف عن هذا.

ويجد الرئيس التركي الفرصة ملائمة لتسليط الضغوط على أكراد سوريا خاصة أن الحليف الرئيسي الذي كانوا يعتمدون عليه، أي الولايات المتحدة، بات أقرب إلى دعم موقف الرئيس السوري أحمد الشرع ضمن مقاربة أشمل تتعلق بسوريا، وهو وضع لا يسمح لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) بأن تتهرب بأيّ شكل من تنفيذ الاتفاق مع دمشق الذي تم إبرامه في مارس الماضي.

ونص الاتفاق على دمج البُنى العسكرية والمدنية لقسد ضمن مؤسسات الدولة السورية، وضمان الحقوق الدستورية لمختلف المكونات، وإقرار وقف إطلاق نار شامل. ونص الاتفاق كذلك على أن المكون الكردي “مجتمع أصيل في الدولة السورية” التي “تضمن حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية،” في موازاة “رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية.”

أردوغان يستفيد من نجاحه في الضغط على حزب العمال الكردستاني، لتأكيد أن تركيا ستكون هي الرابح في نهاية المطاف

وإذا كان الجزء الأول دقيقا، أي إدماج البنى العسكرية (قسد) والمدنية (الإدارة الذاتية) في مؤسسات الدولة السورية، فإن الجزء الثاني جاء فضفاضا ويحتمل التأويلات، وهو ما يعني أن الأكراد مطالبون بتنفيذ الاتفاق دون أن تكون مكاسبهم واضحة، وهي النقطة التي يوظفها أردوغان للضغط عليهم ومطالبة حكومة الشرع بتنفيذ الاتفاق على وجه السرعة لوضعهم أمام الأمر المقضي.

ويستفيد أردوغان كذلك من نجاحه في الضغط على حزب العمال الكردستاني لوضع سلاحه وحلّ نفسه بعد أربعة عقود من المعارك لتأكيد أن تركيا ستكون هي الرابح في نهاية المطاف في الصراع سواء مع أكرادها أو أكراد سوريا، فيما لا تجد قوات سوريا الديمقراطية حاليا حليفا لها مع غموض الموقف الأميركي ومحدودية تأثير فرنسا إقليميا.

وأوردت الرئاسة السورية في بيان عقب لقاء الشرع المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك في إسطنبول السبت الماضي، أن الجانبين أكدا “ضرورة تطبيق اتفاق شامل مع قوات سوريا الديمقراطية، يضمن عودة سيادة الحكومة السورية على كامل الأراضي السورية، مع بحث آليات دمج هذه القوات ضمن مؤسسات الدولة،” في موقف يظهر تماشي موقف واشنطن مع رؤية دمشق لكيفية تنفيذ الاتفاق مع الأكراد.

وفي تصريحات للصحافيين خلال رحلة جوية من أذربيجان، كرر أردوغان موقف تركيا الداعي إلى الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها، مشددا على ضرورة تنفيذ الاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية ودمشق في الإطار الزمني المتفق عليه والمخطط له.

ونقل مكتب الرئيس التركي عن أردوغان القول الخميس “سبق أن رحّبنا بالاتفاق. لكننا نرى أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال تواصل أساليب المماطلة. عليهم أن يتوقفوا عن ذلك.”

وبالتوازي مع مطالبة دمشق بتجميع سلاح قوات قسد وإدماج عناصرها في القوات الحكومية، فإن أنقرة تعارض مطالب الأكراد بتبني سوريا لنظام حكم لامركزي وتمتعهم بإدارة للحكم الذاتي كما يحصل لدى أكراد العراق. ونُقل عن أردوغان قوله إن مطالب الحكم اللامركزي في سوريا “ليست أكثر من مجرد حلم.”

وقال القيادي الكردي البارز بدران جيا كورد الاثنين إنه “لا يمكن التنازل” عن مطلب التعددية اللامركزية في إدارة النظام السياسي في سوريا.

وتعتزم لجنة تمثل مختلف الأحزاب الكردية التوجه “قريبا إلى دمشق لمناقشة القضية الكردية وكيفية تضمين حقوق الشعب الكردي دستوريا،” وفق القيادي، من دون تحديد موعد الاجتماع.

قوات سوريا الديمقراطية لا تجد حاليا حليفا لها مع غموض الموقف الأميركي ومحدودية تأثير فرنسا إقليميا

وحذّر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الشهر الحالي من أن “المماطلة” في تنفيذ الاتفاق “ستطيل أمد الفوضى” في البلاد. واعتبر تنفيذه “عملية معقدة وحساسة لكنها ضرورية.”

وينتقد الأكراد، الذين عانوا لعقود قبل اندلاع النزاع من التهميش والإقصاء، سعي السلطة الجديدة إلى تكريس مركزية القرار وإقصاء مكونات رئيسة من إدارة المرحلة الانتقالية.

ورغم التباينات القائمة، أشار بدران جيا كورد إلى أن “حوارنا مستمر مع الحكومة السورية المؤقتة،” موضحا أنه يطال “ملفات صعبة ومعقدة” ويتطلب “مدّ المزيد من جسور الثقة بين الطرفين أكثر من أي وقت مضى.”

وشدد على أن “التفكير المركزي لإدارة القضايا (العالقة) من دون قبول شراكة حقيقية وتوزيع الأدوار والصلاحيات بين المركز والمناطق، يجعل من المفاوضات عملية صعبة وتسير ببطء.”

وتسيطر الإدارة الذاتية على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، تضم أبرز حقول النفط والغاز التي تحتاج السلطة الجديدة في دمشق إلى مواردها.

وشكّلت قوات سوريا الديمقراطية، ذراعها العسكرية، رأس حربة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية وتمكنت بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن من دحره من آخر معاقل سيطرته عام 2019.